02-يونيو-2025
تهدف الخطة إلى تعزيز المستوطنات القائمة وتوسيعها (منصة إكس)

تهدف الخطة إلى تعزيز المستوطنات القائمة وتوسيعها (منصة إكس)

في خطوة تكشف عن تحوّل استراتيجي في مقاربة إسرائيل "لحدودها" الشرقية والشمالية والجنوبية، أقرت الحكومة الإسرائيلية مؤخرًا المرحلة الأولى من خطة شاملة أعدّتها منظمة "الحارس الجديد"، وهي منظمة صهيونية ذات طابع اجتماعي وتعليمي، تسعى إلى ربط "أمن الحدود" بالاستيطان والتعليم الديني والتجنيد العقائدي.

تهدف الخطة إلى تعزيز المستوطنات القائمة وتوسيعها، وإقامة مستوطنات جديدة في مناطق نائية قرب الحدود، إلى جانب إنشاء مدارس دينية وكليات عسكرية، وقرى طلابية ومزارع شبابية، بما يعيد تشكيل ما تعتبره المنظمة "الخط الأول للدفاع عن إسرائيل" في حال وقوع هجوم مفاجئ على غرار عملية 7 أكتوبر.

قرت الحكومة الإسرائيلية مؤخرًا المرحلة الأولى من خطة شاملة أعدّتها منظمة "الحارس الجديد"، وهي منظمة صهيونية ذات طابع اجتماعي وتعليمي، تسعى إلى ربط "أمن الحدود" بالاستيطان والتعليم الديني

وبحسب ما كشفت عنه الصحفي حنان غرينوود في تقرير خاص بصحيفة "إسرائيل اليوم"، فإن الخطة تستلهم هذه الخطة من عقيدة إيغال آلون، أحد قادة عصابات الهاغانا في حرب 1948 ومهندس الاستيطان الحدودي في العقد الأول لإنشاء إسرائيل، الذي اعتبر أن "تجمعات سكانية مدربة وقوية على الحدود تشكّل العمق الاستراتيجي الحقيقي للدولة، وهي التي تصمد في وجه العدو حتى يصل الجيش النظامي"، وفق قوله.

من جبل الشيخ إلى العربا: خريطة انتشار جديدة

تشمل المرحلة الأولى من خطة "الحارس الجديد"، والتي تحظى بدعم مباشر من الحكومة الإسرائيلية، إقامة 11 نقطة استيطانية جديدة تمتد من سفوح جبل الشيخ شمالًا وحتى صحراء العربا جنوبًا، بعضها تم إقراره رسميًا، وأخرى لا تزال قيد التخطيط المتقدم. في الشمال، ستُقام نقطة استيطانية جديدة في سفوح جبل الشيخ لتدعيم مستوطنات قائمة مثل "نافيه أطيب" و"مجدل شمس" و"مسعدة"، وذلك في إطار تحويل المنطقة إلى ما تصفه وثائق المنظمة بـ"مرسى دفاعي قوي".

وفي هضبة الجولان، يجري التخطيط لإقامة نقطتين استيطانيتين جديدتين قرب الحدود السورية، الأولى شرق "مروم غولان" و"عين زيفان"، والثانية بين "ألونِيه هَبَشان" و"كيشت"، في محاولة لتحويلهما إلى "حصن استيطاني" وفق العقيدة الأمنية المستلهمة من رؤية إيغال ألون.

أما في غور الأردن، فتركّز الخطة على تحويل مستوطنات مثل "شدموت محولا"، و"روتم"، و"مشخيوت"، و"حمدات" إلى كتلة استيطانية مترابطة، من خلال إنشاء نقاط جديدة أبرزها تلك التي صادق عليها المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) بشكل سري، قرب مثلث القرى الفلسطينية طمون وطوباس وتياسير، والتي تُصنّف بحسب الوثائق كـ"محور تهريب سلاح إيراني نحو الضفة الغربية"، وفق ما جاء في الصحيفة الإسرائيلية.

وفي شمال أريحا، تخطط المنظمة لإقامة مستوطنة جديدة بين "مفيئُو نيريحو" و"نعما"، إلى جانب نقطة استيطانية أخرى في "بيت هعرفا" بين مستوطنتي "كاليا" و"ألموغ"، بهدف سد الفجوة السكانية على الضفة الشرقية لنهر الأردن. أما في صحراء النقب، فستُعزز مستوطنة "عين جدي" بمستوطنة جديدة قريبة منها لتوفير عمق دفاعي إضافي في حال حدوث توغل مفاجئ، ضمن ما تعتبره المنظمة ضرورة استراتيجية بعد هجمات 7 أكتوبر.

العربا: تحصين البوابة الجنوبية

في منطقة العربا القريبة من البحر الميت، التي تضم مستوطنات صغيرة مثل "عين حتسافا"، "عير أفوت"، و"عيدان"، سيتم إنشاء مستوطنتين جديدتين لتحويل المنطقة إلى كتلة سكانية قادرة على "الدفاع الذاتي".

كما سيتم تعزيز مستوطنة "ناؤوت هكيكار"، التي واجهت محاولات تسلل في السنة والنصف الأخيرتين، عبر إنشاء مستوطنة تفصل بين الحدود الشرقية ومنطقة الفنادق المحاذية للبحر الميت وطريق 90. وتأتي هذه الخطوة، كما توضح الوثيقة، "لضمان الحماية المباشرة للطرق المؤدية إلى مفاعل ديمونا ومدن النقب من أي اختراق معاد".

الاستيطان بزيّ ديني وعسكري

لا تقتصر خطة "الحارس الجديد" على الجوانب الجغرافية والعسكرية فقط، بل ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقرار حكومي أُقر مؤخرًا لإنشاء أنوية عسكرية ودينية وشبابية ضمن هذه النقاط الاستيطانية، تشمل إقامة مدارس دينية وحريدية، وكليات عسكرية تمهيدية، وأنوية الشبيبة القتالية "ناحال"، إلى جانب إنشاء مزارع وقرى طلابية ومساكن مؤقتة تهدف إلى جذب السكان الجدد وتعزيز الوجود السكاني والدفاعي في المناطق الحدودية الحساسة.

ويرى مدير عام ومؤسس "الحارس الجديد"، يوئيل زلبرمان، أن هذه الخطة تعبّر عن "عودة إلى الجذور الصهيونية الأصلية التي أقامت الدولة"، مضيفًا أن "حدود إسرائيل يجب أن تكون محصنة عسكريًا وقيميًا، وبسكان قادرين على الدفاع عنها حتى وصول الجيش".

من اضطرابات الداخل إلى هجوم 7 أكتوبر

بدأ التفكير بالخطة، وفق ما جاء في تقرير غرينوود، منذ العام 2021، أي قبيل اندلاع اضطرابات "حارس الأسوار"، حين نظمت منظمة "الحارس الجديد" مؤتمرًا حول الجريمة في المناطق الحدودية. وبعد هجوم أكتوبر 2023، تسارعت الخطط لتأخذ طابعًا أكثر شمولًا.

وفي ضوء انهيار الخطوط الدفاعية خلال هجوم 7 أكتوبر، رسخت المنظمة قناعتها بأن الدفاع عن إسرائيل يبدأ بـ"المجتمعات العقائدية المحصّنة" في الأطراف – وهي الفكرة التي صارت الآن سياسة حكومية فعلية.

بين الأمن والتوسع الاستيطاني

بهذه الخطة، تعيد إسرائيل إحياء مفاهيم استيطانية وعقائدية تعود إلى بدايات تأسيسها، مستفيدة من "صدمة" هجوم 7 أكتوبر لتبرير التوسع الاستيطاني تحت عنوان "تحصين الحدود". وفيما تعتبرها الجهات الرسمية "خطوة دفاعية"، يُنظر إليها فلسطينيًا ودوليًا كتصعيد ميداني يزيد من تعقيد الصراع ويعمّق السيطرة الإسرائيلية على المناطق المصنفة كأراضٍ محتلة.