إسرائيل توسّع احتلالها في المنطقة.. مناطق عازلة في صراع طويل الأمد
4 مارس 2025
كشفت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية عن تحول استراتيجي في سياسة جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث يعمل على توسيع نفوذه العسكري من خلال إنشاء "مناطق عازلة" دائمة في عدة جبهات تشمل غزة، الضفة الغربية، جنوب لبنان، وسوريا.
وتعلّق المجلة البريطانية بأن هذه الخطوة تأتي مدفوعةً باستمرار التوترات الأمنية والسياسية، والصدمة من هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وضغوط اليمين الإسرائيلي المتطرف، والثقة في دعم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
تشير "الإيكونوميست" إلى أن تنصل إسرائيل من اتفاقيات الهدنة لا يقتصر فقط على غزة، بل يمتد إلى لبنان وسوريا والضفة الغربية
تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وإسرائيل تفرض شروطًا جديدة
وفقًا لـ"الإيكونوميست"، كان من المفترض أن تنطلق مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة في 2 آذار/مارس 2025، وهي المرحلة التي كانت ستشهد إنهاء الحرب رسميًا. لكن إسرائيل تنصلت من الاتفاق ورفضت الدخول في المفاوضات، وطالبت بتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، مشترطةً إطلاق المزيد من المحتجزين لدى حركة حماس.
📌 أثار قرار الحكومة الإسرائيلية بمنع دخول المساعدات إلى #غزة استنكارًا واسعًا من قبل المنظمات الحقوقية والإنسانية، التي وصفته بأنه "عقاب جماعي محظور بموجب القانون الدولي".
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 3, 2025
📌 في هذا السياق علّقت مديرة منظمة "بلان إنترناشيونال" بالمملكة المتحدة، كاثلين سبنسر تشابمان، على تداعيات… pic.twitter.com/f1imvbpSsE
ولزيادة الضغط على الحركة، قطعت إسرائيل الإمدادات الإنسانية عن قطاع غزة، مما فاقم الأزمة الإنسانية في القطاع المحاصر. وترى "الإيكونوميست" أن هذه الخطوة تهدف إلى إجبار حماس على القبول بشروط إسرائيل المعدلة، وسط تحذيرات من احتمال عودة الحرب إلى غزة إذا استمرت الحركة في رفض التعديلات المقترحة.
إستراتيجية جديدة: إقامة مناطق عازلة على أربع جبهات رئيسية
تشير "الإيكونوميست" إلى أن تنصل إسرائيل من اتفاقيات الهدنة لا يقتصر فقط على غزة، بل يمتد إلى لبنان وسوريا والضفة الغربية. وهذا يكشف عن تحول استراتيجي لدى إسرائيل يتركز على إقامة مناطق عازلة دائمة في هذه المناطق، بهدف تعزيز الأمن الإسرائيلي ومنع تسلل المقاتلين من الأراضي المجاورة.
جنوب لبنان: استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي رغم الاتفاقيات
بحسب التقرير، وافقت إسرائيل، بموجب اتفاق برعاية أميركية مع حزب الله، على الانسحاب من جنوب لبنان في نهاية كانون الثاني/يناير 2025، وذلك بعد المواجهات التي اندلعت العام الماضي بين الجانبين.
لكن إسرائيل لم تلتزم بالاتفاق واحتفظت بخمس مواقع عسكرية محصنة داخل الأراضي اللبنانية حتى بعد انتهاء المهلة في 18 شباط/فبراير الماضي. وتبرر الحكومة الإسرائيلية ذلك بحماية المجتمعات الحدودية الإسرائيلية من أي تهديد محتمل قد يشكله حزب الله، الذي لا يزال يحافظ على قوته رغم الضغوط المحلية والدولية لنزع سلاحه.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أعرب عن إدانته الشديدة للممارسات الإسرائيلية في الضفة، محذرًا من تداعياتها الخطيرة على الواقع الإنساني والسياسي.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 25, 2025
اقرأ أكثر: https://t.co/KMhQYawwpM pic.twitter.com/7aXAUKyDRN
سوريا: توسع عسكري جديد في الجولان
في تحرك آخر، تجاوزت إسرائيل حدود هضبة الجولان المحتلة ودخلت الأراضي السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي، متذرعةً بعدم وجود قوة معترف بها لحماية الحدود، مما دفعها إلى إقامة مواقع عسكرية دائمة داخل سوريا.
في 23 شباط/فبراير الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل "لن تسمح لقوات هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد بالسيطرة على جنوب دمشق"، مطالبًا بـإخلاء مناطق القنيطرة ودرعا والسويداء من أي قوات عسكرية تابعة للسلطة الجديدة.
الضفة الغربية: انتهاك الاتفاقيات
في الضفة الغربية، شن الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية واسعة في جنين وطولكرم، مما تسبب في تهجير أكثر من 40 ألف فلسطيني.
وفي 29 كانون الثاني/يناير، صرح وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أن الجيش الإسرائيلي سيبقى في هذه المناطق لضمان "عدم عودة الإرهاب" وفق تعبيره، وهو ما يعني فعليًا إلغاء السيادة الفلسطينية على مناطق "أ" الخاضعة نظريًا للسلطة الفلسطينية.
الأهداف الاستراتيجية: رؤية جديدة لإدارة المخاطر
بحسب "الإيكونوميست"، يرى المسؤولون العسكريون الإسرائيليون أن الأوضاع الأمنية المتقلبة تفرض على إسرائيل تبني "استراتيجية جديدة لإدارة المخاطر"، تقوم على التعامل مع التهديدات المحتملة قبل وقوعها، بدلًا من الاعتماد على التقييمات الاستخباراتية قصيرة المدى.
تصعيد محتمل في غزة: هل تعود الحرب؟
تلفت المجلة البريطانية إلى أن حماس ليست في وضع يسمح لها بإعادة إشعال الحرب حاليًا، حيث تسعى لاستعادة سيطرتها المدنية وإعادة بناء قوتها العسكرية، إلا أن إسرائيل تستعد لشن هجوم واسع النطاق في غزة إذا استمرت الحركة في رفض تعديل شروط الاتفاق.
ويشير التقرير إلى أن هذا الهجوم قد يكون مقدمة لتنفيذ خطة ترامب التي تهدف إلى تهجير سكان غزة وتحويل القطاع إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، وفق التصور الذي وضعه ترامب.
التحديات المستقبلية لإسرائيل
ترى "الإيكونوميست"، أن التوسع العسكري الإسرائيلي ينطوي على مخاطر اقتصادية وعسكرية وسياسية قد تُثقل كاهل إسرائيل على المدى الطويل. فمن الناحية العسكرية، يؤدي استمرار العمليات على عدة جبهات إلى إرهاق قوات الاحتياط، التي تقضي أشهرًا طويلة في الخدمة منذ بدء الحرب على غزة، مما يضع ضغطًا هائلًا على الجيش الإسرائيلي.
"منذ 5 أشهريخرج نتنياهو مزهوًا كل مرة، في حديثه عن تغيير #الشرق_الأوسط، وعن ما حققته إسرائيل في الحرب الطويلة والدائمة، وبينما تدور نقاشات وتحليلات طويلة حول "إنجازات إسرائيل التكتيكية وأزمتها الاستراتيجية"، فإن المبدأ الذي يطرحه نتنياهو، على #سوريا، #لبنان، والفلسطينيين، هو… pic.twitter.com/y20NOqNzBU
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 27, 2025
أما من الناحية الاقتصادية، فإن الحفاظ على وجود عسكري موسّع في لبنان وسوريا والضفة الغربية يتطلب تمويلًا ضخمًا، مما يزيد من الضغوط على الاقتصاد الإسرائيلي.
أما من الناحية السياسية، فإن استمرار احتلال الأراضي اللبنانية والسورية يتطلب دعمًا كبيرًا من إدارة ترامب، ورغم أن الأخير يقدم دعمًا غير مشروط حاليًا، إلا أن سياسته غير المستقرة قد تؤدي إلى تغير مفاجئ في الموقف الأميركي، مما يزيد من حالة عدم اليقين الاستراتيجي بالنسبة لإسرائيل.
سياسة توسعية محفوفة بالمخاطر
وفقًا للمجلة البريطانية، فإن إستراتيجية إسرائيل التوسعية الجديدة قد تكون مستدامة على المدى القصير، لكنها تحمل في طياتها مخاطر طويلة الأمد، خاصة إذا أدى الوجود العسكري الإسرائيلي المطوّل في الأراضي المجاورة إلى تصعيد جديد قد يخرج عن السيطرة.
إسرائيل التي تسعى إلى فرض واقع جديد في غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية، قد تجد نفسها أمام تحديات تفوق قدرتها على الاحتواء، مما قد يحوّل هذا التوسع إلى عبء استراتيجي كبير في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة.