10-يناير-2025
دمار هائل في مخيم اليرموك (ألترا صوت)

دمار هائل في مخيم اليرموك (ألترا صوت)

يُمنّي عبد الله العمر، البالغ من العمر 46 عامًا، النفس بالعودة قريبًا إلى منزله في منطقة مخيم اليرموك، الواقع جنوبي العاصمة، والذي تعرض لدمار شبه كامل.

يمتلك العمر شقة سكنية في مخيم اليرموك، وقد دُمّرت إثر غارة جوية للنظام السوري قبل عدة أعوام، ما اضطره للنزوح إلى منطقة نجها بريف دمشق، حيث استأجر منزلًا له ولعائلته.

يقول العمر لموقع "الترا صوت": "شعرت بالذهول بعد العودة إلى المخيم؛ فالشوارع والأسواق وحتى المباني المجاورة لم تعد موجودة. كل شيء اختلف عمّا كان عليه. لا يوجد سوى أطلال المباني والركام".

شعرت بالذهول بعد العودة إلى المخيم؛ فالشوارع والأسواق وحتى المباني المجاورة لم تعد موجودة

وأضاف: "ما بين العاصمة دمشق والأحياء المدمرة مسافة مئات الأمتار فقط؛ تشعر وكأنك تعيش في عالمين مختلفين. هنا الحياة تعج بالسكان، وهناك مدينة أشباح يتنقل الناس فيها بين الركام بالدراجات الهوائية".

وطالب العمر، في نهاية حديثه، بإعادة السكان إلى منازلهم بعد إعادة إعمار المباني السكنية بشكل عاجل، مشيرًا إلى أن السوريين والفلسطينيين في تلك المنطقة ليس لديهم القدرة على النزوح مجددًا أو تحمل إيجار المنازل، الذي يصل إلى 800 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 75 دولارًا في الوقت الحالي.

مخيم اليرموك

ويعاني سكان أحياء في دمشق من دمار هائل نتيجة المعارك والقصف الجوي من قِبل النظام السوري على مدار 14 عامًا، ما تسبب في دمار وصلت نسبته إلى 90%. وتشمل الأحياء المتضررة كلًا من القابون والقدم والحجر الأسود والتضامن ومخيم اليرموك، حيث نزح سكانها إلى أحياء أخرى في دمشق وبلدات ريف دمشق.

كما نزح سكان هذه الأحياء إلى مخيمات في الشمال السوري، حيث يعيشون ظروفًا صعبة في الخيام، ويواجهون غلاء المعيشة والبطالة وقلة فرص العمل.

وطالب سكان تلك الأحياء بوضع أحياء مدينة دمشق كأولوية لدى الحكومة في ملف إعادة الإعمار، مشيرين إلى عدم قدرتهم على بناء منازلهم بأنفسهم.

محمد البركات، وهو نازح من حي التضامن الدمشقي المدمر، يعيش الآن في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق، بعد دمار منزله ووفاة والدته وشقيقه وابنته في عام 2016.

يقول البركات لموقع "الترا صوت": "ما جرى في أحياء دمشق الجنوبية من هجوم وحشي على السكان يعادل ما حدث في قطاع غزة أضعافًا. هناك أكثر من مليون ونصف مدني جرى تهجيرهم وقتلهم على مدار السنوات الماضية".

وأضاف: "بعد النزوح حاولت العمل، لكن لم أتمكن من الحصول على راتب يتجاوز 90 دولارًا، بينما أدفع إيجار منزل يبلغ 50 دولارًا. أعمل أنا وولدي ليلًا ونهارًا لتوفير لقمة العيش من الخبز وبعض الخضار".

وأشار البركات إلى أنهم، رغم تهجيرهم، لم يتذوقوا اللحوم منذ سنوات. يقتاتون على الزيت والزعتر وبعض الخضروات، وفي حال أرادوا شيئًا دسمًا، فإنهم يشترون رقاب الدجاج لأطفالهم.

مخيم اليرموك

وفيما يتعلق بملف إعادة الإعمار، قالت شركات هندسية في سوريا: "إن هذه الأحياء لا يمكن ترميمها بشكل عشوائي. بل يجب وضع خطط هندسية تتضمن أبنية طابقية ضمن المدينة للحفاظ على الطابع الحضري للعاصمة، وتسليم المتضررين شققًا سكنية".

المهندس السوري عباس الكامل اعتبر، في حديث لموقع "الترا صوت"، أن إعادة البناء في أحياء دمشق المدمرة أكثر صعوبة مقارنة بالقرى. مشيرًا إلى أنها تحتاج إلى وقت طويل من العمل والإحصاء.

وأضاف: "هناك أحياء سكنية لم تعد معالمها واضحة بسبب دمارها الكامل، مما يتطلب فرقًا مختصة بالمساحة لضبط عملية تسجيل العقارات بعد طلب السكان والمهجرين إعادة توثيق أملاكهم".

ولفت الكامل إلى أن العديد من المنظمات السورية والدولية تقوم بإحصاء الدمار وإعداد دراسات لتقديمها إلى الجهات الدولية بهدف بدء الإعمار في القرى والمناطق المدمرة.

وحاول نشطاء سوريون التواصل مع قيادة الإدارة الجديدة بخصوص إعادة النازحين إلى قراهم في مناطق جنوبي إدلب وريف حماة الشمالي، وكذلك مدينة حمص وأحياء دمشق الجنوبية الأكثر تضررًا.

الإعلامي السوري والناشط محمد بلعاس قال إنه طالب أحمد الشرع، خلال اجتماع معه، بإعادة عشرات الآلاف من النازحين إلى مدنهم وقراهم من خلال دعم إعادة الإعمار عبر التواصل مع الدول المعنية.

وأضاف بلعاس، في حديثه لموقع "الترا صوت"، أن الشرع وعد بجعل ملف إعادة الإعمار وإعادة النازحين أولوية للإدارة الجديدة بعد اجتماعات وزيارات خارجية.

جدير بالذكر أن عدد السكان الذين تم تهجيرهم من أحياء دمشق الجنوبية يعادل مليون مدني، بحسب مصادر متقاطعة. فيما بقي عشرات الآلاف في منازل مدمرة جزئيًا بسبب عدم قدرتهم على النزوح.