إمدادات عسكرية وإنسانية للفاشر.. هل يغيّر الجيش السوداني قواعد اللعبة ضد الدعم السريع؟
7 أكتوبر 2025
نجح الجيش السوداني، اليوم الثلاثاء، في تنفيذ إنزال جوي للمؤن والإمدادات العسكرية إلى مقاتليه في مدينة الفاشر، المحاصرة برّيًّا بالكامل من قبل قوات الدعم السريع.
ونفذت وحدة المظلات في سلاح الجو إسقاط المؤن على مرحلتين وسط المدينة، حيث يقع مقر الفرقة السادسة مشاة.
ويعدّ هذا الإنزال الثاني من نوعه خلال عشرة أيام، وقد نجحت القوات المسلحة في تنفيذه دون أن تعيقها الدفاعات الجوية التي نصبتها قوات الدعم السريع داخل المدينة ومحيطها.
واختار الجيش السوداني وقتًا متأخرًا من فجر الثلاثاء لتنفيذ الإنزال، بعد ساعات من صد قوات الفرقة السادسة والقوات المتحالفة معها لهجومٍ قوي من ثلاث محاور شنّته قوات الدعم السريع، والذي شمل القصف المدفعي، المدرعات، وسلاح المسيّرات، إلى جانب انتشار عدد كبير من المهاجمين.
تفرِض قوات الدعم السريع حصارًا هو الأطول من نوعه على الفاشر منذ منتصف عام 2024
ويرى خبراء عسكريون أن نجاح الجيش في إيصال الإمدادات جوًّا سيحدث تحولًا نوعيًا في مجريات المعركة، إذ لا يقتصر على مجرد إسناد لوجستي تقليدي، بل يعكس بحسب العميد السابق جمال الشهيد "تدبيرًا عملياتيًا متكاملًا أدى إلى فك جزئي للحصار، ووفّر الإمدادات الحيوية للقوات والمواطنين، الأمر الذي عزّز الثقة وأعاد زمام المبادرة إلى يد القوات المسلحة". وأضاف الشهيد أن "الخلافات بدأت تتصاعد داخل صفوف المليشيا، خاصة بعد فشل محاولاتها السابقة في اختراق دفاعات الفاشر".
تفرض قوات الدعم السريع حصارًا هو الأطول من نوعه على الفاشر منذ منتصف عام 2024، وخلاله قامت بتفكيك مخيم زمزم للنازحين، الذي كان يؤوي حوالي نصف مليون لاجئ. ويُفسّر طول الحصار بالرغبة في السيطرة على الفاشر، آخر معقل رئيسي للجيش السوداني والحكومة المركزية في إقليم دارفور، الذي تسيطر قوات الدعم السريع على أربع من خمس ولاياته.
كانت قوات الدعم السريع قريبة من الحامية العسكرية الرئيسية قبل نجاح الجيش في تنفيذ الإسقاط الجوي للمؤن والعتاد الحربي، وهو ما ساعد القوات المسلحة المشتركة في وقف تقدم الدعم السريع داخل الفاشر.
وزعمت مصادر مقربة من قوات الدعم السريع أنها تمكنت من السيطرة على بعض المواقع العسكرية وقتل قادة من الفرقة السادسة، فيما أعلنت عن إسقاط مسيّرة تركية الصنع في سماء المدينة، كانت قد شنّت هجمات على المدنيين غربي نيالا وشمالي دارفور، أودت بحياة أكثر من 80 شخصًا، إضافة إلى سقوط عشرات القتلى في ضاحية الزرق.
وقال المتحدث باسم قوات الدعم السريع، الفاتح قرشي، إن ما يرتكبه الجيش "عبر الطائرات المسيّرة التركية جزء من مخطط يرقى إلى إبادة جماعية وجرائم تطهير عرقي ضد المكونات المجتمعية المدنية في مناطق خالية من أي وجود عسكري لقواتها"، ودعا المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والهيئات المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه المجازر التي تُرتكب ضد الأبرياء في دارفور.
شهد الإقليم مؤخرًا تشكيل حكومة موازية ومجلسًا رئاسيًا ودستورًا انتقاليًا، في خطوات اعتبرها المراقبون تمهيدًا لإعلان مشروع انفصالي جديد من قبل قوات الدعم السريع وحلفائها العسكريين والسياسيين.
مناشدات بإدخال مزيد من المساعدات للفاشر
ناشدت لجان تنسيقية مقاومة الفاشر، في بيان صادر عنها اليوم، "المنظمات الإنسانية والدولية والإقليمية والمحلية وقيادة الدولة بضرورة تنفيذ عمليات مماثلة لقطاع المساعدات الإنسانية في الفاشر، لإنهاء معاناة آلاف المدنيين من الجوع ونقص الدواء". وأوضح البيان أن أعداد المصابين جراء الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع "تزايدت منذ أمس الاثنين".
وأشار البيان إلى أنّ قوات الدعم السريع "قتلت عددًا كبيرًا من المواطنين"، دون تحديد أعداد القتلى والجرحى، ودعا السكان القاطنين في الأحياء القريبة من مواقع الاشتباك إلى الانتقال نحو المناطق الآمنة الواقعة تحت سيطرة الجيش والقوة المشتركة، "لتجنب الاغتيالات التي تنفذها قوات الدعم السريع بحق المدنيين داخل المنازل".