28-أكتوبر-2024
مدارس غزة مدمرة

(Getty) مدرسة في غزة مدمّرة بسبب القصف الإسرائيلي

حَرَم الاحتلال الإسرائيلي أطفال غزة وطلّابها من حقّهم في التعليم للعام الثاني تواليًا. وبالنظر لمستوى الدمار الذي لحق بالمنشآت التعليمية من مدارس وجامعات،  بفعل آلة القتل والتدمير الإسرائيلية، فإنّ الأمل باستئناف المؤسسات التعليمية لأدوارها في الأمد القريب يتضاءل كثيرًا.

وفي هذا الصدد رجّح تقرير جديد صادر عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن يمتدّ حرمان وتراجع تعليم الأطفال والطلاب في غزة لمدة قد تصل لخمس سنوات، بسبب تواصل القصف والعملية البرية الإسرائيلية في القطاع فضلًا عن البنية التحتية التعليمية المدمّرة.

وقد ولّدت حالة المؤسسات التعليمية شعورًا بالضياع والخوف من المستقبل لدى الأسرة التربوية، من تلاميذ ومعلمين ومسؤولين في إدارة قطاع التعليم في غزة.

تدمير المؤسسات التعليمية وحرمان مئات الآلاف من أطفال غزة من التعليم هو إبادة تعليمية ترتكبها إسرائيل

وكان تقريرٌ للأمم المتحدة أكّد أنّ "نسبة 87% من المباني المدرسية في غزة قد دُمِّرت جزئيًا أو كلّيا، وذلك بسبب القصف الإسرائيلي"، وأكثر من ذلك، لاحظ التقرير الأممي، أن جيش الاحتلال "حول بعض المؤسسات التعليمية إلى قواعد عسكرية".

كما تكشف معطيات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة أنّ "أكثر من 10 آلاف و600 طفل وأكثر من 400 معلم استشهدوا في العمليات العسكرية الإسرائيلية، في حين أصيب أكثر من 15 ألفا و300 طالب و2400 معلم".

وفي الوقت الحالي يوجد، حسب ذات المصدر، "أكثر من 625 ألف طفل في سن الدراسة في غزة يعانون صدمةً عميقة بسبب حرمانهم من حقهم في التعليم".

وبحسب مجموعة من الخبراء المستقلين في الأمم المتحدة، فإنّ هذا الواقع المأساوي الذي تعكسه الأرقام والمعطيات آنفة الذكر، يجعلنا أمام "إبادة تعليمية" لأننا أمام احتلالٍ يدمّر عمدًا "نظام التعليم الفلسطيني".

وكان مدير العلاقات العامة في وزارة التربية والتعليم في غزة، أحمد عياش النجار، قد علّق على وضع الحالة التعليمية بالقول: "إن التخريب الواسع والممنهج للبنية التحتية التعليمية، واستشهاد الآلاف من الطلاب والمعلمين والكوادر التعليمية يجعل من شبه المستحيل على الوزارة إعادة العملية التعليمية إلى سابق عهدها".

يشار إلى أنّ وزارة التربية والتعليم الفلسطينية أطلقت منصّةً لتقديم الدروس عن بعدٍ لصالح طلاب غزة، ووفقًا لصادق خضور، المتحدث باسم الوزارة، فإنّ "حوالي 200 ألف طالب وطالبة سجّلوا في الدروس عبر الإنترنت"، معتبرًا أنّ هذا بحدّ ذاته "يعدّ إنجازًا كبيرًا، ففي العام الماضي لم يكن هناك تدريس على الإطلاق".

لكنّ التسجيل لوحده غير كافٍ كدليل على عدم الحرمان من التعليم، في ظلّ عدم وجود معطيات عن عدد التلاميذ الذي تمكنوا فعلًا من المشاركة في الدروس المنظمة عن بعد، خاصةً إذا وضعنا انقطاع الإنترنت والكهرباء المستمر بعين الاعتبار. كما أنّ ظرف الحرب لوحده يجعل من تلقّي الدروس أمرًا صعبًا في ظل المشاكل المعيشية ووجود معظم الغزيين في خيام وأماكن نزوح. وقد جعلت هذه العوامل مشتركةً مسألة متابعة الدروس أمرًا غير ممكن بالنسبة لمعظم التلاميذ والطلاب والمعلّمين.

لجا بعض المعلّمين أمام هذه الوضعية الصعبة إلى فتح مدارس مؤقتة في المخيمات وأماكن اللجوء، مع افتقاد هذه "المدارس" لأبسط مقومات المدرسة من مقاعد وأدوات مدرسية للطلاب. لكنّ مخاطر انقطاع التعليم بشكلٍ متواصل تجعل من هذه الحلول المؤقتة أمرًا مهمًّا ونموذجًا حيًّا على "المقاومة الثقافية" ومحاولات "التّجهيل" الإسرائيلية للنّشء والشباب الفلسطيني.