استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأحد، المستشفى الأهلي العربي "المعمداني" في مدينة غزة، مما أدى إلى خروجه عن الخدمة، وفقًا لما أفادت وزارة الصحة في حكومة غزة، في الوقت الذي أشارت تقارير إلى أن العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 تسبّب بخروج عشرات المستشفيات والمراكز الصحية في القطاع، الأمر الذي يؤكد على تطبيق جيش الاحتلال خطة إبادة طبية ممنهجة للقضاء على ما تبقى من القطاع الصحي في قطاع غزة.
وبحسب تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، فإن الهجوم الأخير الذي استهدف المستشفى الأهلي، أدى إلى تدمير مبنى الجراحة ومحطة توليد الأوكسجين لوحدات العناية المركزة، بالإضافة إلى أن القصف الصاروخي استهدف مبنى الاستقبال الرئيسي، ملحقًا أضرارًا كبيرة في أقسام الطوارئ والمختبر والصيدلية.
الاحتلال قصف المستشفى بعد 18 دقيقة من إنذار الإخلاء
أكد شهود عيان تحدثوا للموقع البريطاني أن العدوان الإسرائيلي على المستشفى جاء بعد 18 دقيقة من إصداره أمرًا يطلب من المرضى والمرافقين المدنيين، بالإضافة إلى الطواقم الطبية إخلاء المستشفى فوريًا، الأمر الذي أجبرهم على إخلاء المرضى دون رعاية صحية كافية وفي ظروف مناخية قاسية، مما أسفر عن وفاة ثلاثة مرضى على الأقل، بينهم طفل مصاب في الرأس.
أكد شهود عيان تحدثوا للموقع البريطاني أن العدوان الإسرائيلي على المستشفى جاء بعد 18 دقيقة من إصداره أمرًا يطلب من المرضى والمرافقين المدنيين والطواقم الطبية بالإخلاء الفوري للمستشفى
وقالت سيدة فلسطينية كانت تقيم في المستشفى برفقة زوجها المصاب لـ"ميدل إيست آي": "كنت فقط أريد أن أرتاح، أريد أن أنام.. كان اليوم بأكمله مليئًا بصراخ الأطفال المبتورة أطرافهم"، وأضافت: "هذه المشاهد يمكن أن تدفع الإنسان إلى الجنون"، لافتة إلى أنهم لم يكن لديهم القدرة على الجلوس أو النوم، ثم أردفت: "لم نعد نحتمل أكثر".
وأوضحت السيدة الفلسطينية أنهم كانوا يريدون الاستراحة قليًلًا عندما أصدر جيش الاحتلال إنذارات الإخلاء، دون أن يحددوا إلى أين يجب عليهم أن يذهبوا. وأضافت للموقع البريطاني: "رسالتي إلى العالم النائم في سبات عميق: أين ستجدون الله؟"، وتابعت حديثها موجهة أسئلة استنكارية للمجتمع الدولي، قائلة: "هل تكتفون بمشاهدة هذا النبع من الدماء؟ أطفال يُقتلون يوميًا.. خافوا الله، ماذا ستقولون لله؟".
من جانبه، قال طبيب من الهلال الأحمر لـ"ميدل إيست آي" إن المستشفيات أصبحت غير قادرة على تقديم الرعاية، مؤكدًا أن الوضع الحالي قد يؤدي إلى وفيات، أو بتر أطراف، أو إعاقات دائمة، داعيًا المنظمات الدولية والإنسانية إلى دعم القطاع الطبي المنهار في غزة، مشددًا على أن "ضمان صحة المدنيين يبدأ بضمان سلامة الطواقم الطبية وتوفير بيئة آمنة للعمل الإنساني".
مخاوف من انهيار المنظومة الصحية
كانت وزارة الصحة الفلسطينية قد حذّرت في وقت سابق من أن 37% من الأدوية الأساسية و59% من المستلزمات الطبية نفدت تمامًا، إضافة إلى 54% من أدوية السرطان وأمراض الدم، مشيرة إلى توقف الرعاية لأكثر من 190 ألف مريض مزمن.
فيديو | آثار الدمار بعد قصف الاحتلال مستشفى المعمداني في مدينة غزة الليلة. pic.twitter.com/oYMEDGSKGr
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) April 13, 2025
وأصدر رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قرارًا يمنع دخول جميع أشكال المساعدات الإنسانية إلى غزة في الثاني من آذار/مارس الماضي، وسط مخاوف من أن يؤدي نقص الإمدادات الطبية إلى انهيار المنظومة الصحية، خاصة في ظل استهداف جيش الاحتلال الممنهج للقطاع الطبي في غزة.
ونقل موقع "الترا فلسطين" عن مدير مجمع الشفاء الطبي قوله إن هناك مئات الجرحى والمصابين مكدسين خارج المستشفى بسبب استهدافه من قبل الاحتلال، مضيفًا أن "الاحتلال ارتكب جريمة إنسانية باستهدافه مستشفى المعمداني، وأنه، بهذه الجريمة، يوصل رساله بأنه لا مكان آمن".
36 مستشفى خرجت عن الخدمة
وفقًا لمكتب الإعلام الحكومي في غزة، دمّر جيش الاحتلال عمدًا 36 مستشفى وأخرجها عن الخدمة في إطار خطة ممنهجة للقضاء على ما تبقى من القطاع الصحي في قطاع غزة، وكذلك استهدف العشرات من المراكز الطبية والمؤسسات الصحية في انتهاك فاضح لكل المواثيق الدولية واتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف المنشآت الطبية.
وشملت المستشفيات والمراكز الطبية الذي استهدفها جيش الاحتلال مجمعي الشفاء وناصر الطبيين، إلى جانب أبو يوسف النجار، والمجمع الإندونيسي، ومركز كمال عدوان، بالإضافة إلى الأهلي العربي وبيت حانون والعودة في شمال القطاع، فضلًا عن القدس وعبسان (الجزائري)، ومراكز الحياة، الحلو، الطب النفسي، الرنتيسي، النصر للأطفال، والدرة.
◀️شهادات من #المستشفى_المعمداني بعد قصف إسرائيلي أدى لخروجه عن الخدمة ونزوح المرضى والجرحى منه.@palestineultra pic.twitter.com/p48YdBHnjE
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) April 14, 2025
كما طالت الاعتداءات مراكز صحية مثل الصداقة التركي، العيون، الكرامة، أصدقاء المريض، الخدمة العامة، دار السلام، يافا، سان جون، الصحابة، العيون التخصصي، حمد، حيفا، الوفاء، ومركز مهدي للولادة. كما شملت الاعتداءات الإسرائيلية أيضًا المستشفى الميداني الأردنية، اليمن السعيد، مسلم التخصصي، الأمل، والمستشفيين الكويتي والإماراتي، مما أدى إلى انهيار شبه تام في النظام الصحي، وحرمان مئات الآلاف من السكان من أبسط مقومات العلاج والرعاية.
وقال مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في مقطع مصور نُشر عبر حساب المنظمة على منصة "إكس" إن جيش الاحتلال "منع وعرقل عمل 75% من بعثات الأمم المتحدة" في القطاع، لافتًا إلى أن "هذا الحصار يترك الأسر تعاني من الجوع وسوء التغذية، ويمنعها من الوصول إلى المياه النظيفة والمأوى والرعاية الصحية المناسبة، ويؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالمرض والوفاة".
وحذّر غيبريسوس في المقطع من أن الإمدادات الصحية في طريقها إلى النفاد خلال أسبوعين إلى أربعة أسابيع، داعيًا إلى "رفع الحصار عن المساعدات بشكل فوري، والحفاظ على الخدمات الصحية، والوصول الإنساني دون عوائق إلى جميع أنحاء غزة، والاستئناف الفوري لعمليات الإجلاء الطبي اليومية"، مشددًا على أن "قبل كل شيء، يجب وقف إطلاق النار".