دخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة مرحلة غير مسبوقة من العنف، مع تصعيد لافت في وتيرة القصف الجوي والمدفعي الذي طال مختلف مناطق القطاع، في وقت يتواصل فيه استهداف مراكز الإغاثة والتجمعات المدنية وسط أزمة إنسانية خانقة.
غارات إسرائيلية مكثفة تستهدف قطاع غزة
وشهدت ساعات الفجر الأولى من يوم الإثنين غارات إسرائيلية مكثفة هزّت أحياء غزة، بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف استهدف مناطق في شمالي وجنوبي القطاع، أبرزها مدينة خانيونس وبلدتا قيزان النجار والسطر الغربي.
وأفاد مراسل "التلفزيون العربي" بسقوط ثلاثة شهداء و35 جريحًا، بعد أن فتح جيش الاحتلال النار على فلسطينيين تجمهروا قرب نقطة توزيع تابعة لشركة مساعدات أميركية غرب مدينة رفح. كما أكد المراسل استشهاد أربعة آخرين وإصابة العشرات في قصف مباشر استهدف خيام نازحين في منطقة مواصي خانيونس.
شهدت ساعات الفجر الأولى من يوم الإثنين غارات إسرائيلية مكثفة هزّت أحياء غزة
في دير البلح، دمّرت طائرات الاحتلال مسجد الأنصار وسط المدينة، بينما أوردت مصادر محلية أن قوات الاحتلال فجّرت عددًا من المنازل في بلدة القرارة شمال شرقي خان يونس، ضمن سياسة ممنهجة لتفريغ المناطق السكنية وترويع المدنيين.
وفي حديث لـ"التلفزيون العربي"، قال الدفاع المدني في غزة إن السكان يقطعون مسافات تصل إلى خمسة كيلومترات في محاولة للحصول على المساعدات، وسط تدافع كبير وانعدام لمقومات التنظيم، مشيرًا إلى أن الاحتلال يمنع وصول طواقم الإسعاف إلى "منطقة الخطر" المصنفة ضمن خانة الحمراء.
50 ألف #طفل قتلتهم أو جرحتهم "إسرائيل" في قطاع #غزة خلال 20 شهرًا فقط، وفقًا لـ #الأونروا.
📸 محمود أبو حمدة pic.twitter.com/dCqdhiUSwB
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) June 2, 2025
ضحايا بالمئات ومراكز صحية مدمرة
من جانبها، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن قوات الاحتلال دمّرت مركز نورة الكعبي لغسيل الكلى في شمال القطاع، مضيفة أن 41% من مرضى الفشل الكلوي لقوا حتفهم منذ بداية الحرب، بسبب منعهم من الوصول إلى المراكز الطبية المتخصصة، واستهداف تلك المنشآت بشكل مباشر.
وفي تصريح خاص لـ"التلفزيون العربي"، قال مدير الإغاثة الطبية في غزة إن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد استهداف تجمعات المدنيين عند مراكز المساعدات، حيث يطلق النار على الأجساد والرؤوس بشكل مباشر، مشيرًا إلى أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" كانت توزع المساعدات عبر 400 نقطة، في حين أن الاحتلال يحصرها في نقطة واحدة فقط، ويتحكم في توزيعها عبر نداءات من طائرات مسيّرة تستدرج المدنيين لتجمعات يتم قصفها لاحقًا.
ولفت المسؤول الصحي إلى أن الشركة الأميركية التي تولّت توزيع جزء من المساعدات لم تنسق مع أي جهة داخل القطاع، وما وصل إلى غزة لم يتجاوز "بضع كراتين تحتوي مواد غذائية لا تغطي الحد الأدنى من الاحتياجات".
الجيش الإسرائيلي يحمي عصابات نهب المساعدات
وفي تطور جديد، اتهم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الجيش الإسرائيلي بمحاولة التهرب من مسؤوليته عن مجزرة رفح، من خلال نشر فيديو يزعم وقوع إطلاق نار في خان يونس على يد "عصابة محلية"، في حين أوضح المرصد أن المدنيين حاولوا استعادة شاحنات مساعدات سُرقت تحت حماية إسرائيلية، قبل أن تطلق العصابة النار عليهم بمراقبة طائرات مسيّرة. واعتبر المرصد أن الفيديو الذي نشره الجيش كشف جريمة أخرى تتمثل في "رعاية الاحتلال لعصابات النهب".
وزارة الصحة: 41 في المئة من مرضى الفشل الكلوي في غزة ماتوا نتيجة حرمانهم من الوصول إلى مراكز الغسيل وبعد تدمير المراكز والأقسام المخصصة لهم pic.twitter.com/JdoFSItzRw
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) June 1, 2025
الاحتلال يتوسّع بريًا وحماس ترحب بالجهود القطرية والمصرية
ميدانيًا، أعلن الجيش الإسرائيلي أن رئيس الأركان أوعز بتوسيع العملية البرية إلى مناطق إضافية في قطاع غزة، ما يشير إلى نية تصعيد إضافي في الأيام المقبلة.
في المقابل، أعلنت حركة حماس ترحيبها بالجهود القطرية والمصرية الرامية إلى وقف الحرب، مؤكدة استعدادها للدخول الفوري في مفاوضات غير مباشرة بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن إنهاء الكارثة الإنسانية في غزة، ووقف إطلاق النار وانسحاب قوات الاحتلال.
وفي محاولة دولية لكسر الحصار المفروض على القطاع، أبحرت أمس الأحد من ميناء كاتانيا الإيطالي سفينة "مادلين"، التي تحمل اسم الطفلة الفلسطينية مادلين كلّاب – أصغر صيادة في غزة. وتضم السفينة على متنها 12 شخصية دولية بارزة، من بينهم الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ، والممثل الأيرلندي ليام كانينغهام، والبرلمانية الفرنسية-الفلسطينية ريما حسن. ومن المتوقع أن تستغرق الرحلة سبعة أيام للوصول إلى غزة، في تحدٍ رمزي للحصار البحري الإسرائيلي المفروض منذ أكثر من 17 عامًا.