04-مايو-2025
دخان يتصاعد بعد قصف إسرائيلي على بيت لاهيا شمال غزة

(Getty) دخان يتصاعد بعد قصف إسرائيلي على بيت لاهيا شمال غزة

من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، ومن لبنان إلى سوريا، تواصل إسرائيل عدوانها في ظل غياب موقف عربي ودولي حاسم يضع حدًا لتصعيدها، الذي يهدد بإشعال المنطقة بأكملها، مستفيدةً من الدعم الأميركي المُطلق، ومن تقاعس عربي ودولي عن اتخاذ موقف واضح وحازم تجاه سياساتها العدوانية، وجرائمها المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.

وفي الوقت الذي تُكمل فيه تل أبيب استعداداتها لتوسيع هجومها على القطاع، عبر استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، يواصل جيش الاحتلال قصف غزة استكمالًا لسياسة تدمير كل مقومات البقاء، بالتوازي مع استمرار سياسة التجويع عبر منع إدخال المساعدات الإنسانية.

وتركّز القصف الإسرائيلي، منذ منتصف ليل السبت/الأحد، على مدينة خانيونس جنوب القطاع، حيث شنّت طائرات الاحتلال عشرات الغارات التي استهدفت مباني سكنية، وأسفرت عن استشهاد وإصابة العشرات، وفقًا لما أفادت به وسائل إعلام محلية.

وطال القصف حي الأمل وسط مدينة خانيونس، حيث استهدفت مقاتلات الاحتلال منزلًا يعود لعائلة أبو شمالة في شارع المدرسة بالحي، ما أسفر عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى. كما استُشهد 4 أشخاص من عائلة واحدة، "قنن"، في قصف طال شقة في منطقة المواصي غربي خانيونس.

وأسفر قصف إسرائيلي على منطقة وادي صابر، جنوبي عبسان الكبيرة في خانيونس، عن استشهاد شخص وإصابة 3 آخرين. كما طال القصف قيزان النجار جنوب مدينة خانيونس، ومحيط محطة العطار، ومناطق أخرى متفرقة من خانيونس.

ارتفع عدد ضحايا سياسة التجويع التي تنتهجها حكومة الاحتلال في غزة إلى 57 شهيدًا في ظل استمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات

وفي مدينة غزة، استهدفت طائرات الاحتلال حي التفاح شرقًا، وحي الشيخ رضوان شمالًا، مما أسفر عن وقوع عدة إصابات. كما قامت قوات الاحتلال بنسف عدة مبانٍ سكنية في مدينة رفح جنوب القطاع.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة أن مستشفيات القطاع استقبلت خلال الساعات الـ48 الماضية 77 شهيدًا، بينهم 7 جرى انتشالهم من تحت الأنقاض، بالإضافة إلى 275 إصابة مختلفة.

وأفادت الوزارة بارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، إلى 52,495 شهيدًا، و118,366 مصابًا. كما أشارت إلى أن حصيلة الشهداء والإصابات، منذ 18 آذار/مارس الفائت، تاريخ خرق قوات الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار، بلغت 2,396 شهيدًا و6,325 مصابًا.

وقالت الوزارة إن هناك العديد من الضحايا لا يزالون تحت الركام وفي الطرقات بسبب عجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم، نتيجة استمرار القصف.

ارتفاع عدد ضحايا سياسة التجويع

وفي سياق متصل، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أمس السبت، ارتفاع ضحايا سياسة التجويع التي تنتهجها حكومة الاحتلال في غزة إلى 57 شهيدًا، مؤكدًا أن العدد قابل للزيادة في ظل استمرار إغلاق المعابر، ومنع إدخال المساعدات، وحليب الأطفال والمكملات الغذائية.

وأدان المكتب في بيان عبر "تلغرام" استمرار الاحتلال في استخدام الغذاء كسلاح حرب، وفرضه "حصارًا خانقًا ضد أكثر من 2.4 مليون إنسان في قطاع غزة عبر إغلاق المعابر بشكل كامل لليوم الـ63 على التوالي، مما تسبب في ارتفاع عدد ضحايا التجويع وسوء التغذية الحاد إلى 57 شهيدًا، غالبيتهم العظمى من الأطفال، وبينهم مرضى وكبار السن".

وأكد أن العدد "مرشح للزيادة في ظل استمرار جريمة إغلاق المعابر بشكل كامل، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية وحليب الأطفال والمكملات الغذائية وعشرات الأصناف من الأدوية".

صاروخ يمني في محيط مطار بن غوريون

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، صباح اليوم، بأن منظومة الدفاع الجوي أخفقت في اعتراض صاروخ باليستي أُطلق من اليمن، وسقط في محيط مطار بن غوريون. وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن المطار أوقف جميع الرحلات القادمة والمغادرة بعد سقوط الصاروخ، مشيرةً إلى أن حشوة الرأس الحربي للصاروخ كانت كبيرة جدًا، مما تسبب بموجة انفجار هائلة. 

وذكرت صحيفة "إسرائيل هيوم" أن ملايين الإسرائيليين دخلوا إلى الملاجئ بعد سقوطه. ونقلت إذاعة جيش الاحتلال، عن مصدر عسكري، قوله إن منظومة الاعتراض الأميركية "ثاد" ومنظومة "حيتس" الإسرائيلية، فشلتا في اعتراض الصاروخ الذي أُطلق من اليمن.

وقالت القناة 13 إن قيادة منظومات الدفاع الجوي، في جيش الاحتلال، تفتح تحقيقًا عقب سقوط الصاروخ في محيط مطار بن غوريون. فيما ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن القيادة الأمنية قلقة للغاية من الإخفاق في صد الصاروخ اليمني، الذي أسفر سقوطه عن عدد من الإصابات الطفيفة وفق الإسعاف الإسرائيلي.

قتلى جُدد لجيش الاحتلال 

وفي سياق متصل، أعلن جيش الاحتلال مقتل ضابط وجندي وإصابة اثنين آخرين خلال المعارك الدائرة داخل غزة. وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية بدء الجيش إرسال أوامر تعبئة لعشرات الآلاف من جنود الاحتياط، في خطوة تهدف إلى استبدال القوات المنتشرة في الداخل والضفة الغربية لتوجيهها نحو جبهات القتال داخل القطاع. 

ووفق صحيفة هآرتس، فقد الجيش 6 من جنوده منذ خرق وقف إطلاق النار، وسط تزايد ملحوظ في حالات التهرّب من الخدمة بين قوات الاحتياط.

تحركات وتنديد دولي

في موازاة التصعيد، شهدت عدة عواصم حول العالم تظاهرات شعبية غاضبة تندد باستمرار المجازر في غزة، وتطالب بوقف الحرب ورفع الحصار فورًا. 

كما جدّدت منظمات أممية، بينها "الأونروا"، تحذيراتها من انهيار كامل للوضع الإنساني في القطاع، واصفة ما يجري بأنه "يفوق التصور". وفيما تُبذل جهود قطرية ومصرية برعاية أميركية للوساطة، تواصل إسرائيل تجاهل النداءات الدولية وتوسيع عملياتها العسكرية دون سقف زمني أو إنساني.

قطر ترد على نتنياهو

هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء السبت، دولة قطر متهمًا إياها بانتهاج "خطاب مزدوج" بشأن حرب غزة، داعيًا إياها للاختيار بين "الحضارة وهمجية حماس"، وفق تعبيره.

وردت الدوحة عبر المتحدث باسم خارجيتها، ماجد الأنصاري، واصفة تصريحاته بـ"التحريضية وغير المسؤولة"، ومؤكدة أن تصوير العدوان كدفاع عن التحضّر "يعيد إلى الأذهان شعارات زائفة لتبرير جرائم ضد المدنيين".

وشدد الأنصاري على تمسك قطر بسياسة خارجية قائمة على المبادئ، ودعمها المتواصل لضحايا الحروب، مجددًا التزامها بالوساطة النزيهة، والدعوة إلى تسوية عادلة تنهي الاحتلال وتضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة.

مزيد من التعقيد

ومع تواصل العمليات العسكرية وتصاعد الأزمة الإنسانية، لا تلوح في الأفق أي مؤشرات على تهدئة وشيكة. في المقابل، تتواصل الجهود الدبلوماسية من أطراف إقليمية ودولية، في وقت يزداد فيه الضغط على الجهات الفاعلة للتوصل إلى صيغة توقف العنف وتسمح بدخول المساعدات. وحتى ذلك الحين، يبقى الوضع في قطاع غزة مرشحًا لمزيد من التعقيد.