03-يونيو-2025
حرب السودان

حرق قافلة مساعدات إنسانية في طريقها نحو الفاشر (رويترز)

يزداد الوضع الإنساني والعسكري في السودان تعقيدًا، في ظل تشديد الخناق على المناطق المحاصَرة والمكتظّة بالسكان من جهة، واتهام أحد طرفَي الحرب للطرف الآخر باستخدام أسلحة كيميائية من جهة أخرى.

وفي هذا السياق، كشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، أن نحو 4 ملايين شخص فرّوا من السودان إلى الدول المجاورة منذ اندلاع الحرب في منتصف نيسان/أبريل 2023، واصفًا هذا النزوح بـ"الكارثي".

وقالت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يوجين بيون، تعليقًا على الأرقام: "إنها محطة كارثية في أسوأ أزمة نزوح يشهدها العالم"، مضيفة أن هذا الحجم الكبير من النزوح "يهدد الاستقرار الإقليمي والعالمي".

وفي سياق متصل، أكّد وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، أن السودان يشهد "أسوأ كارثة إنسانية في العالم"، وذلك خلال مشاركته في مؤتمر الحوكمة والتنمية في إفريقيا، المنعقد في المغرب منذ يوم أمس الإثنين.

تبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الاتهامات حول إحراق قافلة مساعدات إنسانية تابعة لبرنامج الغذاء العالمي كانت في طريقها نحو مدينة الفاشر المحاصرة والتي يعاني السكان فيها من نقص حاد في الغذاء

المواجهات في كردفان تعمق الأزمة الانسانية

أكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، في تقرير نُشر اليوم، أن المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في إقليم كردفان تُعمّق الأزمة الإنسانية في ولايات الإقليم الثلاث. وذكر التقرير أن آلاف المدنيين باتوا محاصرين دون طعام أو رعاية طبية، فيما تزداد مخاطر تفاقم الأوضاع في إقليم دارفور، نظرًا لاعتماد المساعدات الإنسانية عليه عبر ممرات تمرّ بإقليم كردفان، والتي أُغلقت العديد منها بفعل المعارك.

وأشار التقرير إلى إغلاق طرق حيوية لمرور المساعدات، خاصة تلك التي تربط مدينة الأبيض بكل من النهود والخوي والدلنج وكادقلي.

ونبّه التقرير إلى أن هذا الإغلاق يؤدي إلى "تعطيل سلاسل التوريد ويزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية"، مضيفًا أن شاحنات محمّلة بإمدادات أساسية ما تزال عالقة في مدينة الأبيض، بسبب الاشتباكات والمخاوف من التعرّض للنهب. وأوضح التقرير أن قافلة من سبع شاحنات محمّلة بأغذية علاجية وأدوية للملاريا والسل، إضافة إلى أقراص الكلور، تنتظر تصريح الدخول إلى كادقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان.

كما حذّر التقرير من أن بعض المناطق باتت "معرّضة لخطر المجاعة"، مشددًا على "الحاجة الملحة لوصول المساعدات بشكل مستدام وآمن". وأشار إلى أن انعدام الأمن، وتغيّر خطوط المواجهة، وبعد المسافات عن المراكز اللوجستية الرئيسية مثل بورتسودان ومعبر أدري الحدودي، تقيد بشدة القدرة على تنفيذ العمليات الإغاثية.

وقد شهد إقليم كردفان تصعيدًا كبيرًا في المعارك خلال الأيام الأخيرة، مع سعي الجيش لطرد قوات الدعم السريع من الإقليم تمهيدًا للزحف نحو الفاشر ودارفور، في وقت تُدافع فيه قوات الدعم السريع بشراسة عن مواقعها، خشية انتقال المعارك إلى معاقلها الأساسية.

وفي خطاب ألقاه مساء أمس الإثنين، اتهم قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الجيش السوداني باستخدام أسلحة كيميائية في معارك دارفور، مشيرًا إلى أن "متحرك الصياد"، وهي وحدة تابعة للجيش، مزوّدة بهذه الأسلحة. كما قال إن التعزيزات العسكرية التي أرسلها الجيش إلى كردفان تهدف إلى التمدد نحو الولاية الشمالية في الإقليم، داعيًا السكان إلى عدم مغادرتها انتظارًا لوصول قواته.

وكرّر حميدتي اتهاماته لمصر بدعم الجيش السوداني، وهو ما تنفيه القاهرة. كما أعلن انتهاء "اتفاق جدة"، في إشارة، بحسب مراقبين، إلى رفضه العودة لأي حوار مع الجيش، متوعدًا بمواصلة القتال حتى الوصول إلى بورتسودان.

المجاعة تهدد الفاشر

أقدمت جهة "مجهولة" يوم أمس على إحراق قافلة المساعدات الإنسانية الأممية المتجهة إلى الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، بعد احتجازها مدة أسبوع كامل، واتهمت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح قوات الدعم السريع بحرق القافلة التابع لبرنامج الأغذية العالمي، فيما نفت الدعم السريع مسؤوليتها عن العملية واتهمت أطراف محسوبة على الجيش بالقيام بذلك.

ونقل موقع "الترا سودان" عن الناطق باسم القوة المشتركة، العقيد أحمد حسين مصطفى، قوله إن: "مليشيا الدعم السريع أحرقت قافلة برنامج الأغذية العالمي بعد احتجازها لمدة أسبوع، لحرمان النازحين والسكان من وصول المساعدات الإنسانية".

يشار إلى أنّ أكثر من مليون شخص في مدينة الفاشر المحاصرة يعانون من نقص حاد في الغذاء. وتحاول قوات الدعم السريع، منذ أيار/مايو 2024 السيطرة على الفاشر التي تعد آخر حامية للجيش السودان في إقليم دارفور بولاياته الخمس.