02-يونيو-2025
لامي وبوريطة

(DW) وزير الخارجية البريطاني ونظيره المغربي

انضمت بريطانيا إلى ركب الدول الغربية الداعمة لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء الغربية، في خطوة أثارت امتعاض الجزائر وجبهة البوليساريو. وبينما أدى الدعم الفرنسي للمقترح ذاته إلى توتّر شديد وصدع في العلاقات الفرنسية الجزائرية، يُستبعد أن تشهد العلاقات الجزائرية البريطانية تصعيدًا مماثلًا.

ويُشار إلى أن عددًا من الداعمين التقليديين للقضية الصحراوية عدّلوا مواقفهم مؤخرًا؛ إذ أعلنت كينيا دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي، وأغلقت السلطات السورية الجديدة مقرات جبهة البوليساريو في دمشق. كما سبق أن حظي المقترح المغربي بدعم الولايات المتحدة، وألمانيا، وإسبانيا، ولاحقًا المملكة المتحدة، في مؤشر على تراجع الزخم السياسي للقضية الصحراوية.

وتعود جذور هذا النزاع إلى منتصف سبعينيات القرن الماضي، بعد انسحاب الاستعمار الإسباني من الإقليم. آنذاك اندلع صراع مسلح بين المغرب وجبهة البوليساريو، سعى خلاله المغرب في إحدى المراحل إلى تقاسم الصحراء مع موريتانيا، التي انسحبت من الحرب عام 1978 عقب تكبّدها خسائر كبيرة. واستمر النزاع حتى توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار عام 1991.

يحظى الموقف المغربي بشأن الصحراء الغربي بدعمٍ متزايد غربيًا

التحول البريطاني والأسف الجزائري

حطّت طائرة وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، أمس الأحد، في العاصمة المغربية الرباط. وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، صرّح لامي بأن مقترح الحكم الذاتي الذي قدّمه المغرب عام 2007 يمثل "الأساس الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق من أجل تسوية دائمة لقضية الصحراء الغربية". وأضاف أن بلاده "تعتزم مواصلة الالتزام بهذا الموقف على المستويات الثنائية والإقليمية والدولية، دعماً لتسوية النزاع"، على حد تعبيره.

الخارجية المغربية رحّبت بهذا الموقف، واصفة إياه بـ"التاريخي". وأشار وزير الخارجية المغربي إلى أن موقف لندن يأتي ضمن "ديناميكية جديدة" لحل النزاع المستمر منذ أكثر من خمسة عقود، معتبرًا أن الموقف البريطاني، على غرار مواقف الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وألمانيا، "يساهم في الدفع بهذه الدينامية وتعزيز المسار الأممي للتوصل إلى حل نهائي متوافق عليه، على أساس مبادرة الحكم الذاتي".

ولتكريس هذا الموقف الجديد، أصدرت وزارتا خارجية المغرب وبريطانيا بيانًا مشتركًا جاء فيه: "إن المملكة المتحدة، بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تشارك المغرب الرأي بشأن ضرورة التوصل إلى حل لهذا النزاع المزمن، بما يخدم مصالح جميع الأطراف. لقد حان الوقت لإحراز تقدم يعزّز استقرار شمال إفريقيا ويدفع بالتكامل الإقليمي إلى الأمام".

في المقابل، ردّت الخارجية الجزائرية سريعًا معربة عن أسفها للموقف البريطاني الجديد، ووصفت دعم لندن لمقترح الحكم الذاتي بأنه "مؤسف". وجاء في بيانها أن "هذا المقترح، وطوال 18 سنة منذ تقديمه، لم يُعرض يومًا على الصحراويين كأساس للتفاوض"، مضيفة أن مبعوثي الأمم المتحدة المتعاقبين "لم يتعاملوا مع المقترح المغربي بجدية". واعتبرت الخارجية الجزائرية أن الهدف من المقترح هو "كسب الوقت وتكريس الأمر الواقع المتمثل في الاحتلال غير الشرعي للصحراء الغربية"، حسب تعبيرها.

وفي تعقيبها على البيان المشترك، أكدت الجزائر أن لندن لم تعلن دعمها للسيادة المغربية المزعومة على الإقليم، وأن وزير الخارجية البريطاني جدّد علنًا تمسك بلاده بمبدأ "حق تقرير المصير". وأعربت الجزائر عن أملها في أن تواصل المملكة المتحدة، بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن، الضغط من أجل احترام الشرعية الدولية ومساءلة المغرب عن التزاماته.

الحوار الغائب

دعا مجلس الأمن الدولي، في أواخر عام 2024، كلًّا من المغرب وجبهة البوليساريو وموريتانيا إلى استئناف المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى "حل دائم ومقبول من الطرفين". وقد شدد المجلس في دعوته على ضرورة إجراء مفاوضات "دون شروط مسبقة".

لكن المغرب يتمسك بالتفاوض على أساس مقترح الحكم الذاتي فقط، في حين تصرّ جبهة البوليساريو على اعتماد مبدأ تقرير المصير، وهو الموقف الذي تحظى فيه بدعم قوي من الجزائر، التي تستضيف على أراضيها الجبهة وأعدادًا كبيرة من الصحراويين في مخيمات اللاجئين.