1. سياسة
  2. سياق متصل

السودان.. مآسي الفيضانات والحرب

4 أكتوبر 2025
فيضان نهر النيل
فيضان نهر النيل (Getty)
الترا صوت الترا صوت

لا تتوقف معاناة السودانيين مع الحرب الدامية المستمرة منذ نحو عامين ونصف، عند حدود القتل والقصف وما يرافقهما من نزوح وتشريد وأمراض وأوبئة؛ إذ انضمّت الفيضانات إلى قائمة المآسي، إثر الفيضان الكبير الذي شهده نهر النيل هذا الأسبوع، وما ألحقه من أضرار جسيمة في ست ولايات، طالت المحاصيل الزراعية التي تلفت، ورؤوس الماشية التي نفقت، فضلًا عن تدمير مئات المنازل.

ومع تفاقم الأوضاع الإنسانية سوءًا، ناشدت الأمم المتحدة فرقاء الحرب، والأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة والمؤثرة في السودان، بضرورة وقف القتال والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي تعاني من حصار خانق وقصف متواصل منذ أكثر من 500 يوم.

وخلال الساعات الماضية، تعرّضت مدينة الفاشر لقصف مدفعي عنيف نفذته قوات الدعم السريع، واستهدف الأحياء السكنية والأسواق ومراكز الإيواء، ما أسفر عن سقوط قتلى، بينهم الصحفي النور سليمان النور الذي فارق الحياة صباح السبت. وبمقتله، ارتفع عدد الصحفيين الذين قُتلوا منذ اندلاع الحرب في السودان إلى 31 صحفيًّا، وفقًا لإحصاءات نقابة الصحفيين السودانيين، التي وثّقت أيضًا 556 انتهاكًا ضد الصحفيين منذ أيار/مايو 2023.

أكّدت دينيس براون من قلب "معاناة طويلة" أنّ النساء اللواتي وصلن إلى المنطقة تعرّضن لأشكال متعددة من العنف

منطقة طويلة: مركز الأزمة الانسانية في دارفور

زارت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، دينيس براون، منطقة طويلة الواقعة شمال دارفور، والتي باتت وجهة رئيسية للنازحين واللاجئين الفارين من مخيمي زمزم وأبو شوك ومن مدينة الفاشر المحاصرة، إضافة إلى آخرين قدموا من الخرطوم. وقد تحولت "طويلة" بذلك إلى مركزٍ للأزمة الإنسانية في الإقليم، إذ تؤوي حاليًا أكثر من نصف مليون نازح.

وخلال مؤتمر صحفي عبر تقنية الفيديو كونفرانس مع صحفيين ومسؤولين في نيويورك، قالت براون:"اضطررنا لتغيير مسارنا مرات عدة بسبب تعدّد خطوط الجبهات داخل السودان، ما يجعل الوصول إلى حيث يجب أن نذهب أمرًا بالغ الصعوبة. لقد استغرق وصولنا إلى طويلة خمسة أيام وقطعنا نحو 5000 كيلومتر، عبر ثلاث دول وثلاث طائرات مختلفة، إضافة إلى ثلاثة أيام من القيادة".

وأضافت: "السبب الرئيسي لوجودي هنا هو أن طويلة تُعد مركزًا رئيسيًا للاستجابة الإنسانية، ومنسق الشؤون الإنسانية يحتاج إلى التواجد على الأرض. كما أن قربها من مدينة الفاشر، التي تبعد نحو 50 كيلومترًا فقط، يجعلها موقعًا حيويًا، رغم أن الوصول إلى الفاشر ما يزال مستحيلًا بسبب الحصار والطوق المفروض عليها منذ أكثر من عام".

ولفتت المنسقة الأممية إلى الصعوبات التي تواجه عمل بعثة الأمم المتحدة في السودان، وفي مقدمتها نقص التمويل، وهو ما أثّر سلبًا على حجم ونوعية الخدمات المقدّمة للنازحين في مناطق النزاع.

وأكّدت دينيس براون من قلب "معاناة طويلة" أنّ النساء اللواتي وصلن إلى المنطقة تعرّضن لأشكال متعددة من العنف، إذ "قُتل أزواجهن وأطفالهن"، فيما تعرّضت بعضهن أيضًا للعنف الجنسي.

وروت براون قصة إحدى النازحات الفارّات من الفاشر، كانت برفقة ثلاثة من أطفالها، وقالت إنّ "الرحلة من الفاشر إلى طويلة استغرقت سبعة أيام بسبب انعدام وسائل النقل، باستثناء الحمير". وكان أحد أطفال هذه السيدة، وهو رضيع، يعاني من سوء تغذية حادّ، فوصفت براون المشهد قائلةً:"هذه مجرد نتيجة نتوقعها لأناس يعيشون في هذا الوضع المروّع ويُضطرون للمجيء إلينا، بدلًا من أن نتمكن نحن من الوصول إليهم".

وناشدت المسؤولة الأممية جميع الأطراف قائلةً: "أوقفوا العنف، أوقفوا الحرب. اسمحوا لنا بالمرور. نريد الوصول إلى حيث يوجد الناس، لا أن ننتظر وصولهم إلينا، لأنهم – لأكون صريحة جدًا – سيكونون حينها في وضعٍ بالغ الصعوبة".

وأشارت براون إلى الهدنة الإنسانية التي دعا إليها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تموز/يوليو الماضي، معتبرةً أن الموافقة عليها "ضرورة إنسانية" لإيصال المساعدات إلى الفاشر. يُذكر أنّ الجيش السوداني وافق على طلب الهدنة الأممي، بينما رفضت قوات الدعم السريع التجاوب، وشدّدت الحصار أملًا في السيطرة على المدينة التي تُعد آخر معقل رئيسي للجيش في إقليم دارفور.

ويُخشى أن يتحوّل الإقليم إلى مشروع انفصالي جديد، حيث تسيطر قوات الدعم السريع على أربع من ولاياته الخمس، وأعلنت هناك حكومة موازية ودستورًا انتقاليًا ومجلسًا رئاسيًا.

وفي هذا الصدد، أكدت براون أن الأمم المتحدة منخرطة على كافة مستوياتها لتحقيق الهدنة، مشددةً على أنّه "من دون ضمان المرور الآمن، لا يمكننا إرسال الشاحنات الجاهزة للانطلاق، ولا فرق العمل التي تنتظر الضوء الأخضر، بسبب غياب هذا الضمان".
وأضافت: "لقد فقدنا بالفعل أكثر من 120 من عمال الإغاثة الإنسانية منذ اندلاع الحرب".

وبسبب تكرار حوادث النهب واعتراض القوافل الإنسانية، أصبحت طرق الإمداد غير آمنة، ما أدى إلى توقف سلاسل الإمداد الإنسانية، ليس في إقليم دارفور فحسب، بل أيضًا في إقليم كردفان، حيث تندلع المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وقد تسبّب هذا الوضع في شح المواد الغذائية وارتفاع أسعارها بشكل جنوني، ما فاقم معاناة المدنيين في المناطق المتضررة.

وفي هذا السياق، قالت دينيس براون: "إن عدد المحتاجين في السودان – الذي توازي مساحته فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا مجتمعة – يتجاوز 30 مليون شخص، فيما يبلغ عدد النازحين داخل البلاد أكثر من 10 ملايين نازح".

وأضافت أن خطة الاستجابة الإنسانية في السودان تُعدّ الأعلى تمويلًا عالميًا، "لكننا ممولون بنسبة 25% فقط. لذا، فإن كل اجتماع حضرته منذ وجودي في السودان يدور حول الاحتياج الحاد والضخم، مقابل استجابة محدودة للغاية، لأننا ببساطة لا نملك الموارد اللازمة للقيام بالمزيد".

الفيضانات

حاصرت مياه نهر النيل مناطق واسعة جنوب العاصمة الخرطوم، كما تأثرت ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأزرق والخرطوم ونهر النيل والشمالية، حيث تسبّب الفيضان في تلف مساحات زراعية شاسعة ونفوق أعداد كبيرة من الماشية، إضافة إلى نزوح عدد كبير من السكان من مناطقهم.

وترافق فيضان هذا العام مع جدل غير مسبوق، إذ ربطته أوساط سودانية بـ سد النهضة الإثيوبي الذي شيدته أديس أبابا على مجرى النيل الأزرق، وأعلنت عن افتتاحه رسميًا في أيلول/سبتمبر الماضي.
ويتحدث سودانيون ومصريون عن أن السد "تسبب في ارتفاع منسوب المياه بعد تصريفها من إحدى قنواته"، وهو ما أشار إليه أيضًا بيان صادر عن وزارة الزراعة والري السودانية.

لكن إثيوبيا نفت صحة هذه التقارير والاستنتاجات، وصرّح وزير المياه والطاقة الإثيوبي هبتامو إيتيفا بأن سد النهضة حال دون وقوع أضرار كارثية، نظرًا "لإسهامه في تنظيم تدفقات المياه وتقليل المخاطر"، معتبرًا أن "العواقب كانت ستكون أكثر خطورة لو لم يكن السد موجودًا".

كلمات مفتاحية
قوات الدعم السريع

الحرب في السودان: هل تلوح مؤشرات لوقف التصعيد؟

يبدو الوضع في السودان متأرجحًا بين خيار التصعيد أو الهدنة الإنسانية المقترحة من قبل الآلية الرباعية الدولية

حي الشيخ رضوان

تصعيد إسرائيلي مزدوج: حصار خانق على غزة واعتداءات مستمرة في الضفة الغربية

واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر السبت شنّ غاراتها الجوية على قطاع غزة، في خرق جديد لاتفاق وقف إطلاق النار، بالتزامن مع تصاعد الاعتداءات في الضفة

الدمار في غزة

غزة بعد الهدنة: الفلسطينيون بحاجة إلى مستقبل لا مجرد مساعدات

ما المستقبل الذي ينتظر الفلسطينيين في غزة؟

قوات الدعم السريع
سياق متصل

الحرب في السودان: هل تلوح مؤشرات لوقف التصعيد؟

يبدو الوضع في السودان متأرجحًا بين خيار التصعيد أو الهدنة الإنسانية المقترحة من قبل الآلية الرباعية الدولية

الأفراح في اليمن (شبكات التواصل الاجتماعي)
فنون

الفن في زمن الحرب: الأعراس تعيد رسم خريطة الغناء اليمني

الأفراح والغناء اليمني

مهرجان اندي تشينا - Getty
نشرة ثقافية

الرقابة الصين تتسبب في إلغاء مهرجان سينمائي مستقل في نيويورك

الرقابة في الصين والمهرجانات الفنية

حي الشيخ رضوان
سياق متصل

تصعيد إسرائيلي مزدوج: حصار خانق على غزة واعتداءات مستمرة في الضفة الغربية

واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر السبت شنّ غاراتها الجوية على قطاع غزة، في خرق جديد لاتفاق وقف إطلاق النار، بالتزامن مع تصاعد الاعتداءات في الضفة