العدالة المؤجلة: محمود خليل مهدد بالإبعاد في قرار قضائي يحمل بصمات سياسية
18 سبتمبر 2025
أصدرت محكمة هجرة فيدرالية أميركية قرارًا يقضي بترحيل الطالب السابق في جامعة كولومبيا والناشط الفلسطيني محمود خليل، إلى الجزائر أو سوريا، وذلك استنادًا إلى مزاعم تتعلق بتقديمه معلومات مضللة في طلبه للحصول على البطاقة الخضراء.
وقد أثار هذا الحكم انتقادات من بعض المحامين وناشطي حقوق الإنسان، الذين اعتبروا أن القرار قد يكون مرتبطًا بنشاطه السياسي المؤيد لفلسطين.
هذا القرار دفع مراقبين إلى وصفه بأنه ليس مجرد قضية هجرة عادية، بل امتداد لحملة أوسع تستهدف حرية التعبير والنشاط الطلابي المناهض للسياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتثير هذه الخطوة تساؤلات جدية حول استخدام النظام القضائي للهجرة كأداة سياسية، فضلًا عن المخاطر التي قد يواجهها خليل عند ترحيله إلى بلدين تشهد أحدهما توترات أمنية مستمرة، مما يضع قضية الناشط الفلسطيني في قلب نقاشات حقوقية وأكاديمية.
هذا القرار دفع مراقبين إلى وصفه بأنه ليس مجرد قضية هجرة عادية، بل امتداد لحملة أوسع تستهدف حرية التعبير والنشاط الطلابي المناهض للسياسات الإسرائيلية
تفاصيل الحكم الفيدرالي
أصدر القاضي جيمي كومانز حكمًا يقضي بترحيل محمود خليل، البالغ من العمر 30 عامًا، إلى الجزائر أو سوريا.
وأشار القاضي إلى أن خليل قدم معلومات مضللة عمدًا في طلبه للحصول على البطاقة الخضراء، بما في ذلك عدم الإفصاح عن انتماءاته السياسية. ورغم ذلك، لم توجه له أي تهم جنائية.
يُذكر أن خليل كان قد اعتُقل في آذار/مارس 2025 خلال حملة أمنية ضد نشطاء مؤيدين لفلسطين، وأُفرج عنه في حزيران/يونيو الماضي، بعد صدور حكم من محكمة فيدرالية في نيوجيرسي. ومع ذلك، استمرت السلطات في محاولة ترحيله استنادًا إلى مزاعم تقديم معلومات مضللة.
موقف إدارة ترامب
أشارت تقارير عدة من وسائل إعلام غربية إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب ضغطت على السلطات القضائية الأميركية لتشديد الإجراءات بحق ناشطي حركة التضامن مع فلسطين، بما في ذلك خليل. وذكرت مصادر مطلعة أن البيت الأبيض اعتبر نشاط خليل الطلابي والسياسي تهديدًا أمنيًا، مستغلاً سلسلة الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين لتعزيز الملاحقات القانونية ضد الشخصيات البارزة. كما أظهرت الوثائق الداخلية أن إدارة ترامب كانت مترددة في تقديم أي ضمانات للسلامة الشخصية، لكنها دعمت بشكل غير مباشر إجراء الترحيل عبر التأكيد على المخاطر القانونية لوجوده في الولايات المتحدة.
وعبّر الرئيس دونالد ترامب، العائد إلى البيت الأبيض مطلع هذا العام، عن دعمه الصريح لترحيل خليل، واصفًا إياه في منشور على منصته "تروث سوشيال" بأنه ناشط راديكالي خطير يحرّض على الفوضى في الجامعات الأميركية، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لن تكون ملاذًا آمنًا لمن يبرر الإرهاب أو يرفع شعارات الكراهية ضد إسرائيل، وأن قضيته تمثل اختبارًا لإعادة الانضباط إلى الجامعات.
ويرى مراقبون أن موقف ترامب يعكس توجهًا سياسيًا أوسع يربط النشاط المؤيد لفلسطين بالإرهاب أو التهديد الأمني، ما يتيح استخدام قوانين الهجرة كسلاح سياسي ضد الأصوات المعارضة للسياسة الخارجية الأميركية.
قضية محمود خليل كشفت هشاشة التوازن بين الأمن القومي وحرية التعبير في أميركا وسط ضغوط سياسية من إدارة ترامب على الجامعات
ردود الفعل الحقوقية
أعرب محامو خليل عن قلقهم من أن الحكم قد يكون ذا دوافع سياسية، مؤكدين أن القرار قد يهدد حقوق حرية التعبير. وأشاروا إلى أن هناك أمرًا صادرًا عن محكمة فيدرالية في نيوجيرسي يمنع ترحيله في الوقت الحالي. وأضافوا أن الحكم قد يكون جزءًا من حملة أوسع تستهدف نشطاء مؤيدين لفلسطين في الجامعات الأميركية.
وقال محامو الدفاع في بيان إن "السلطات اختارت تشويه الواقع القانوني لخليل عبر اتهامات متأخرة قدمت لتبرير الترحيل، مؤكدين أن الإجراءات القانونية التي تمّ اتخاذها "تَتعارض مع الدستور الأميركي".
قضية خليل كمؤشر على مسار الحريات الأكاديمية والسياسية
تفتح قضية محمود خليل نافذة أوسع على طبيعة التوازن الهش بين الأمن القومي وحرية التعبير في الولايات المتحدة، إذ لم تقتصر القضية على قرارات المحاكم فحسب، بل ترافقت مع ضغوط سياسية واضحة مارستها إدارة ترامب على الجامعات الأميركية.
فقد لجأت الإدارة إلى التهديد بتقليص التمويل الاتحادي عن المؤسسات التي تسمح باحتجاجات مؤيدة لفلسطين، ودفعت وزارتي التعليم والعدل إلى فتح تحقيقات رسمية بحق جامعات بعينها، في محاولة لإجبار إداراتها على اتخاذ إجراءات صارمة ضد الطلبة النشطاء. كما أُعيد توظيف قوانين تتعلق بمكافحة التمييز لممارسة رقابة على الخطاب السياسي داخل الحرم الجامعي، بحيث باتت الإدارات الجامعية أمام خيار التعاون مع أجهزة إنفاذ القانون أو مواجهة تبعات مالية وقانونية مباشرة.
ويشير حقوقيون إلى أن هذه السياسة خلقت مناخًا ضاغطًا يقيّد حرية التعبير ويحوّل النشاط الطلابي إلى ملف أمني، بما يضعف من تقاليد الجامعات الأميركية في حماية التعددية الفكرية والدفاع عن الحق في الاحتجاج السلمي.