12-ديسمبر-2024
دير الزور

دير الزور (الأناضول)

تمكنت إدارة العمليات العسكرية لفصائل المعارضة السورية المسلحة من فرض سيطرتها الكاملة على محافظة دير الزور جنوب نهر الفرات، بعد انسحاب "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وذلك في خطوة تجنبت بها الأخيرة وقوع مواجهات عسكرية مباشرة. ووفقًا للمتحدث باسم إدارة العمليات العسكرية، حسن عبد الغني، تشمل السيطرة مدينة دير الزور ومطارها وريفها الجنوبي، وصولًا إلى البوكمال قرب الحدود العراقية.

في المقابل، انسحبت "قسد" إلى شمال نهر الفرات، حيث بات النهر حاجزًا طبيعيًا يفصل بين مناطق سيطرة إدارة العمليات العسكرية جنوبًا ومناطق سيطرة "قسد" شمالًا. ويأتي هذا الانسحاب بعد تقارير تشير إلى عمليات "نهب واسعة" نفذتها "قسد" قبل مغادرتها، شملت أسلحة تركتها قوات النظام السابق في المنطقة، وفقًا لما أفاد به تقرير لموقع "العربي الجديد".

وسبق أن أعلن، أمس الأربعاء، قائد "قسد"، مظلوم عبدي، التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار في مدينة منبج بوساطة أميركية. وقد شنّت الفصائل السورية المنضوية تحت "عملية فجر الحرية" هجومًا على المدينة الواقعة غرب نهر الفرات، ما أسفر عن مقتل 218 عنصرًا من "قسد".

على الرغم من انسحاب "قسد" من المناطق غرب وجنوب نهر الفرات، تبقى المنطقة شرقي النهر محمية بقواعد أميركية، أهمها قاعدة حقل العمر النفطي

ويأتي هذا الانسحاب في ظل ضغوط أميركية واضحة على "قسد" لتجنب مواجهة مباشرة مع الفصائل المدعومة من إدارة العمليات العسكرية، خصوصًا بعد تغير موازين القوى في سوريا لصالح هذه الفصائل. ووفقًا لخرائط السيطرة الجديدة، انحصر وجود "قسد" شرق نهر الفرات وشماله، باستثناء شريط قرى يضم مدينة الطبقة الاستراتيجية في ريف الرقة.

وحسب تقرير "العربي الجديد"، فعلى الرغم من انسحاب "قسد" من المناطق غرب وجنوب نهر الفرات، تبقى المنطقة شرق النهر محمية بقواعد أميركية، أهمها قاعدة حقل العمر النفطي، الذي يُعد من أكبر حقول النفط في سوريا. وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن الحقل ينتج حوالي 45 ألف برميل يوميًا، بينما يحتفظ الجزء الجنوبي من دير الزور بحقول نفط أقل أهمية، مثل حقلي التيم والورد.

واستبعد المحلل العسكري فايز الأسمر وقوع صدام واسع النطاق بين إدارة العمليات العسكرية و"قسد"، مشيرًا إلى أن الوجود الأميركي شمال نهر الفرات سيمنع تطور المواجهات إلى صراع شامل. ومع ذلك، ليس من المستبعد حدوث اضطرابات في مناطق سيطرة "قسد"، خاصة في ظل احتمال انشقاق مكونات عربية عن صفوفها.

إلا أن تطورًا هامًا حدث اليوم الخميس، حينما أعلنت "قسد" رفع علم الاستقلال على جميع مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا،  وذلك "تأكيدًا على وحدة سوريا وهويتها الوطنية"، وفق بيان رسمي نشرته "قسد" على منصة "إكس".

وفي يوم الثلاثاء، سيطرت فصائل المعارضة على مدينة دير الزور، حيث مرت محافظة دير الزور منذ عام 2011 بمراحل متعددة من السيطرة. بدأت بثورة ضد النظام السوري، ثم استحواذ فصائل المعارضة على معظم المناطق عام 2013، تلاه سيطرة تنظيم "داعش" عام 2014. وفي عام 2017، بدأت هزيمة التنظيم، مع سيطرة قوات النظام والمليشيات الإيرانية على جنوب النهر، بينما سيطرت "قسد" على شماله بدعم من التحالف الدولي.

وتتمتع دير الزور بموقع استراتيجي وموارد طبيعية هائلة، لا سيما حقول النفط والغاز، ما جعلها محورًا للصراعات الإقليمية والدولية. ويُرجّح أن يبقى شرق الفرات بؤرة تنافس مستمر بين القوى المحلية والدولية في المرحلة المقبلة.