بوتين يعزز قبضته على روسيا في زمن الحرب وأوكرانيا تطالب الحلفاء بالدّعم
30 يونيو 2025
يُتّهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفقًا لمنتقديه، باستغلال ظروف الحرب لتعزيز قبضته على الدولة والمجتمع في روسيا. وقد عادت هذه الانتقادات إلى الواجهة مؤخرًا بعد توقيعه مرسومًا رئاسيًا وسّع من خلاله نطاق المعلومات التي يشملها قانون السرية في البلاد.
وجاء هذا القرار بالتزامن مع تصاعد وتيرة الهجمات المتبادلة بين روسيا وأوكرانيا، ومع زيارة وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول إلى كييف لبحث سبل دعم ألمانيا والاتحاد الأوروبي لأوكرانيا في الحرب التي دخلت عامها الرابع.
في السياق نفسه، جدّدت قمة الناتو الأخيرة في بروكسل التزام الحلف بمواصلة دعم صمود الأوكرانيين، في ظل شكاوى متكررة من جانب كييف بشأن تأخر وصول الإمدادات والمساعدات العسكرية الغربية.
توسّع قانون السرية في روسيا ليشمل تفاصيل السياسة الخارجية لروسيا والتجارة الدولية والسياسة الاقتصادية والتطورات العلمية والاستعدادات المحتملة للتعبئة العسكرية
توسيع نطاق قانون السرية
نشر الموقع الرسمي للحكومة الروسية مرسومًا رئاسيًا جديدًا يوسّع نطاق قانون السرية، ليشمل تصنيف معلومات تتعلق بـ"تفاصيل السياسة الخارجية لروسيا، والتجارة الدولية، والسياسة الاقتصادية، والتطورات العلمية، والاستعدادات المحتملة للتعبئة العسكرية" كمعلومات سرية، إذا قُدّر أن كشفها قد يُلحق ضررًا بالأمن القومي.
ووفقًا لوكالة "بلومبيرغ"، فإن أي شخص يحصل على مثل هذه المواد بطرق غير مصرح بها قد يواجه عقوبة بالسجن تصل إلى ثماني سنوات.
وفي تعليق على هذا الإجراء الذي يمسّ الحقوق والحريات، نقلت قناة "دويتشه فيله" الألمانية عن أندريه سولداتوف، الخبير في شؤون أجهزة الأمن الروسية، قوله: "إن هذا يمثل تدميرًا للمعرفة القائمة على الحقائق والإحصاءات بشأن الاقتصاد الروسي، وسيؤدي إلى مزيد من القمع".
ورجّح سولداتوف أن يكون تصنيف المعلومات المتعلقة بالتعبئة العسكرية "ردّ فعل على هجمات الطائرات المسيّرة الأوكرانية، لأنه يشمل تفاصيل مثل مواقع الملاجئ وخطط نقل الحكومة إلى منشآت تحت الأرض، وليس الاستعدادات لتجنيد قوات جديدة".
ويرى متابعون أن تصنيف معلومات التجارة الدولية والسياسة الاقتصادية قد يكون مرتبطًا بما يُعرف بـ"أسطول الظل" الذي تستخدمه موسكو لبيع الطاقة خارج الأطر الرسمية، في محاولة للالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة على روسيا وسفنها.
الهجمات المتبادلة والحاجة الأوكرانية الماسّة للمساعدات
في سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، صباح اليوم الإثنين، أن دفاعاتها الجوية نجحت في صدّ هجوم أوكراني بواسطة طائرات مسيّرة. وأفاد البيان الروسي بأنه تم إسقاط عشرات المسيّرات فوق منطقة كورسك الحدودية مع أوكرانيا، إضافة إلى إسقاط خمس أخرى فوق بحر آزوف، الذي يحدّ روسيا من الشرق.
في المقابل، شنت القوات الروسية ضربات ليلية استهدفت مناطق متعددة في أوكرانيا، ما أسفر عن إصابات وأضرار بالبنية التحتية. وعلّق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على الهجمات الجديدة بالقول: "بوتين قرر منذ زمن طويل مواصلة الحرب، رغم دعوات المجتمع الدولي للسلام"، مضيفًا أن "تعزيز الدفاعات الجوية هو السبيل الأفضل لحماية الأرواح"، ومجددًا تأكيده على استعداد بلاده لشراء منظومات دفاع أميركية مثل باتريوت.
وجاءت تصريحات زيلينسكي بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، إلى كييف، حيث قال فور وصوله: "سنواصل دعم أوكرانيا بحزم، سواء بالدفاع الجوي الحديث والأسلحة الأخرى، أو بالمساعدات الإنسانية والاقتصادية".
تُعدّ برلين ثاني أكبر داعم عسكري لأوكرانيا بعد واشنطن. ومع ما يُوصف بـ"التقاعس" و"التردد" من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في توفير المساعدات المطلوبة، ازدادت الضغوط على الدول الأوروبية، وعلى رأسها ألمانيا، لسد هذا النقص.
وتحظى منظومات الدفاع الجوي بأهمية بالغة لدى أوكرانيا، التي تأمل في الحصول على دعم من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا في هذا المجال. وكان ترامب قد تحدث عن هذا الملف خلال مؤتمر صحفي عقده في لاهاي على هامش قمة الناتو، مؤكدًا أن "الأوكرانيين يبدون حرصًا كبيرًا على الحصول على منظومة باتريوت"، دون أن يقدّم موقفًا واضحًا حيال تلبية هذا الطلب.
مستقبل المحادثات
قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أمس الأحد، إن وتيرة المحادثات بشأن إنهاء الحرب تعتمد على موقف كييف، وفعالية الوساطة الأميركية، والوضع الميداني على الأرض.
وقد شهدت الوساطة الأميركية تراجعًا لافتًا منذ رفض روسيا لمبادرة وقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا، التي طرحتها واشنطن. وبعد ذلك، أحرزت المفاوضات بعض التقدّم مع موافقة كييف وموسكو على عقد جولة من المحادثات المباشرة في إسطنبول، لكن هذا الزخم لم يدم طويلًا، إذ اقتصرت النتائج على تبادل الجثث والأسرى، بينما بقيت قضايا الحل النهائي عالقة.
وترفض روسيا وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار دون شروط، بينما تصرّ أوكرانيا على وقف شامل وغير مشروط، وتأجيل النقاط الخلافية إلى مراحل لاحقة، وهو ما تعتبره موسكو محاولة من كييف لالتقاط الأنفاس وتنظيم الصفوف والحصول على مزيد من الدعم الغربي.