بين تجديد معاهدة نيوستارت وتسليم صواريخ توماهوك لأوكرانيا.. إلى أين تتجه العلاقة بين موسكو وواشنطن؟
6 أكتوبر 2025
تعود العلاقات الأميركية الروسية إلى الواجهة مجددًا، لكن هذه المرة من بوابة التسلّح النووي والصواريخ بعيدة المدى، في ظل مؤشرات على تصاعد التوتر بين البلدين وتراجع فرص التهدئة في أوكرانيا.
ومن الملاحظ أنّ التصريحات الصادرة من موسكو وواشنطن تتركّز في الوقت الراهن على قضيتين رئيسيتين: الأولى، اتفاقية "نيو ستارت" الخاصة بالأسلحة النووية الهجومية؛ والثانية، صواريخ "توماهوك" الأميركية التي تدرس واشنطن تزويد أوكرانيا بها لاستخدامها في ضرب أهداف بعيدة المدى داخل العمق الروسي.
ويأتي هذا التركيز المتزايد على القضيتين في وقت تراجع فيه الحديث عن مفاوضات وقف إطلاق النار في أوكرانيا، وعن بوادر التقارب الأميركي الروسي التي أعقبت قمة ألاسكا، التي جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين منتصف آب/أغسطس الفائت.
ويشير مراقبون إلى أن التركيز المتزامن على اتفاقية "نيو ستارت" للحد من انتشار الأسلحة النووية الاستراتيجية، من جهة، وعلى قضية صواريخ "توماهوك" من جهة أخرى، ينطوي على تناقض واضح؛ فبينما تعكس الأخيرة تصاعد التوتر بين موسكو وواشنطن، تعبّر الأولى عن محاولة الحفاظ على الحد الأدنى من قنوات التواصل أو "شعرة معاوية" بين القوتين النوويتين.
فلاديمير بوتين: اتخاذ قرار بتزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك سيدمر علاقة موسكو بواشنطن
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن استعداده لتمديد اتفاقية "نيوستارت" للأسلحة النووية مع روسيا لعام إضافي، ردًا على عرض مماثل قدمه الكرملين على لسان عدد من المسؤولين، بمن فيهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال ترامب، في لقاء مع الصحفيين بالبيت الأبيض، إن العرض الروسي بالإبقاء طواعية على القيود المفروضة على الأسلحة النووية الاستراتيجية يعد "فكرة جيدة"، مضيفًا أنه لا يجد مانعًا في المضي قدمًا بها طالما رغبت موسكو في ذلك.
وتحدد اتفاقية "نيوستارت" سقفًا لعدد الرؤوس النووية الاستراتيجية المنتشرة عند 1550 رأسًا، وللقاذفات الصاروخية الثقيلة والمنشورة وغير المنشورة عند 800 قاذفة، كما تنص على نظام للتحقق من الالتزام ببنودها. لكن هذا النظام أوقف عملياته التفتيشية عام 2023 بعد تعليق موسكو مشاركتها في المعاهدة، وذلك على خلفية الدعم الأميركي والغربي لأوكرانيا وتصاعد التوترات في العلاقات الروسية الغربية.
يُذكر أن الاتفاقية وُقعت عام 2010 بين الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ونظيره الروسي ديمتري مدفيدف، وتم تمديدها أكثر من مرة، على أن تنتهي في شباط/فبراير المقبل.
ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض مطلع العام الجاري، واجهت الاتفاقية تحديات جديدة، إذ أعلن نيته تجاوزها لخوض مفاوضات أوسع لنزع السلاح النووي تشمل روسيا والصين. وقد اعتبرت الدوائر الاستراتيجية الروسية والصينية هذا العرض محاولة أميركية لفرض رقابة على الترسانة النووية الصينية وعرقلة تطويرها، خصوصًا في ظل مشروع الصين لتحديث قواتها النووية. من جهتها، اشترطت موسكو أن تشمل المفاوضات النووية أيضًا الترسانتين الفرنسية والبريطانية.
في المقابل، يبدو أن موسكو وواشنطن تخلتا مؤقتًا عن هذه الشروط، مع حديثهما عن استعدادهما لتجديد اتفاقية "نيوستارت" لعام إضافي، وهي اتفاقية ثنائية معروفة بدورها الأساسي في ضبط الترسانتين النوويتين لأكبر قوتين نوويتين في العالم.
صواريخ توماك: لهيب التوتر
تفاقمت التوترات في العلاقات الروسية ـ الغربية بعد اتهام حلف شمال الأطلسي لروسيا بخرق المجال الجوي لعدد من دوله، وردًا على تلك الاختراقات، حشدت دول الحلف ترسانة دفاعية وهجومية عند حدود أوروبا الشرقية، في إطار العملية التي سمّاها الحلف الغربي بـ"الحارس الشرقي".
وامتد التوتر إلى العلاقات الروسية ـ الأميركية بشكل ملحوظ بعد إعلان واشنطن أنها تدرس تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك بعيدة المدى. وردًا على ذلك، حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الأحد من أن اتخاذ هذا القرار قد "يدمر علاقة موسكو بواشنطن". ويعد هذا التحذير فريدًا من نوعه بالنظر إلى ما يُشاع عن "التقارب الخاص" بين بوتين وترامب.
وتستبعد مصادر تحدثت لوكالة رويترز أن تكون إدارة ترامب قادرة على تزويد كييف بصواريخ توماهوك في الوقت الراهن، مشيرة إلى أن المخزونات الحالية منها "مخصصة للقوات البحرية الأميركية واستخدامات أخرى".