تحت وطأة ضغوط سياسية: جامعات أميركية بين تسويات مالية وملاحقات قضائية
30 يوليو 2025
توصلت جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA) إلى تسوية مالية بقيمة 6.13 مليون دولار مع ثلاثة طلاب وأستاذ جامعي يهود، بعدما رفعوا دعوى ضد الجامعة اتهموها فيها بعدم حمايتهم من النشطاء المؤيدين لفلسطين، خلال الاحتجاجات المناهضة للحرب على غزة. وجاء في الدعوى أن المحتجّين منعوهم من الوصول إلى قاعات التدريس ومرافق أخرى داخل الحرم الجامعي.
وتأتي هذه التسوية بعد نحو عام من إصدار أمر قضائي تمهيدي، وهو الأول من نوعه في الولايات المتحدة الذي يُدين إدارة جامعية بشأن تعاملها مع احتجاجات طلابية مناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة.
خلفية القضية
كانت إدارة جامعة كاليفورنيا قد دافعت في البداية بالقول إنها غير مسؤولة قانونيًا عن تلك الأحداث، لأن من قام بمنع الطلاب هم المتظاهرون وليس إدارة الجامعة. كما أشارت إلى أنها تعاونت مع قوات الأمن لمنع إقامة مخيمات احتجاجية جديدة داخل الحرم الجامعي.
تأتي هذه التسوية بعد نحو عام من إصدار أمر قضائي تمهيدي، وهو الأول من نوعه في الولايات المتحدة الذي يُدين إدارة جامعية بشأن تعاملها مع احتجاجات طلابية مناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة
لكن قاضي المحكمة الفيدرالية، مارك سكارسي، خالف هذا الرأي، وأمر الجامعة بوضع خطة لحماية الطلاب اليهود. وقد أدى ذلك إلى اعتماد نظام جامعة كاليفورنيا (أحد أكبر أنظمة الجامعات الحكومية في البلاد) إرشادات موحدة للتعامل مع الاحتجاجات داخل الكليات التابعة لها.
نتائج التحقيق الفيدرالي
وفي بيان صدر الثلاثاء، أعلنت وزارة العدل الأميركية أن قسم الحقوق المدنية فيها خلُص إلى أن جامعة كاليفورنيا انتهكت بند الحماية المتساوية في التعديل الرابع عشر للدستور، بالإضافة إلى المادة السادسة من قانون الحقوق المدنية لعام 1964، وذلك عبر "تجاهل متعمّد لمزاعم موثوقة بوجود بيئة تعليمية عدائية للطلاب اليهود والإسرائيليين".
الجامعة تردّ: نرفض معاداة السامية
من جهتها، قالت رئيسة مجلس أمناء جامعة كاليفورنيا، جانيت رايلي، إن التسوية "تعكس هدفًا مشتركًا مع المدعين، وهو خلق بيئة آمنة وشاملة لكل أفراد مجتمع الجامعة، وضمان عدم وجود مكان لمعاداة السامية داخل الحرم الجامعي".
وتنص التسوية على التزام إدارة جامعة كاليفورنيا بعدم استبعاد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والعاملين اليهود من أي أنشطة جامعية أو حرمانهم من الوصول إلى أي مرافق داخل الحرم الجامعي. كما تتضمن التسوية دفع تعويضات ونفقات مالية، بالإضافة إلى تخصيص 2.3 مليون دولار لتمويل ثماني منظمات تُعنى بمكافحة "معاداة السامية".
تدخل الإدارة الأميركية
وفي آذار/مارس الماضي، انضمت إدارة ترامب إلى الدعوى القضائية التي قدّمها الطلاب والأستاذ الجامعي اليهود، وفتحت تحقيقات جديدة مع جامعات أميركية أخرى بتهم تتعلق بـ"معاداة السامية"، من بينها: جامعة كولومبيا، وجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وجامعة مينيسوتا، وجامعة نورثويسترن، وجامعة بورتلاند الحكومية.
وكانت جامعة كولومبيا قد وافقت، الأسبوع الماضي، على دفع 200 مليون دولار في إطار تسوية تتعلق بانتهاكات مزعومة لقوانين مكافحة التمييز.
وتخطط إدارة ترامب لاستخدام هذه التسوية كنموذج في تعاملها مع جامعات أخرى، مع توقّع فرض غرامات مالية ضمن الاتفاقات المستقبلية.
كيل بمكيالين
في المقابل، أثارت طريقة تعامل جامعة كاليفورنيا مع تفكيك مخيم احتجاج مؤيد لفلسطين، في ربيع العام الماضي، انتقادات واسعة، لا سيما بعد اعتداء عنيف نفذته مجموعة من الأشخاص، كان بعضهم ملثمين وآخرون ملفوفين بالأعلام الإسرائيلية ومسلحين بالألعاب النارية والمطارق والعصي وقنابل الغاز ورذاذ الفلفل وأدوات حادة على المعتصمين. وقد جرى ذلك وسط غياب تام للشرطة وانسحاب عناصر الأمن الجامعي، ما أدى إلى إصابة أكثر من 12 شخصًا، في أحداث استمرت لساعات قبل أن تتدخل الشرطة. وفي اليوم التالي، وبعد رفض مئات المعتصمين مغادرة المكان، اعتقلت الشرطة أكثر من 200 معتصم.
دعوى مضادة من مؤيدي فلسطين
يذكر أن مجموعة تضم 35 شخصًا من الطلبة والأساتذة والصحفيين والنشطاء المؤيدين لفلسطين، رفعت دعوى قضائية ضد جامعة كاليفورنيا، تتهمها بالتقاعس عن حماية المتظاهرين السلميين خلال احتجاجات العام الماضي ضد الحرب الإسرائيلية على غزة.
واجهت جامعة كاليفورنيا انتقادات حادة بسبب تفكيك مخيم احتجاج مؤيد لفلسطين، خاصة بعد هجوم عنيف شنّه أشخاص بعضهم ملثمون ويحملون أعلامًا إسرائيلية ضد المعتصمين
وقد أُصيب خلال تلك الاعتداءات ما لا يقل عن 15 محتجًا، ما أثار موجة انتقادات من قيادات سياسية ومنظمات طلابية وجماعات مدافعة عن الحقوق المدنية.
تباين في المعايير
وبينما تسارع الجامعات الأميركية إلى تقديم التعويضات والتسويات على خلفية ادعاءات بـ"معاداة السامية"، يواجه الطلاب المؤيدون لفلسطين حملات فصل واستدعاءات أمنية وتهديدات صريحة لحرياتهم الأكاديمية.
هذا التباين الصارخ يعكس كيلًا بمكيالين، حيث تفضّل إدارات جامعية، تحت ضغط سياسي متزايد من إدارة ترامب والجماعات الموالية لإسرائيل، التواطؤ ضد حرية التعبير عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية.