1. سياسة
  2. حقوق وحريات

تقرير حقوقي: مقبرة جماعية لمئات الأشخاص في سيناء

22 سبتمبر 2025
مقابرجماعية
مقبرة جماعية شمال سيناء (مؤسسة سيناء لحقوق الانسان)
الترا صوت الترا صوت

وثّق تقرير جديد صادر عن "مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان" وجود مقبرة جماعية في شمال سيناء قرب العريش، تضم مئات البقايا البشرية لأشخاص يُرجَّح أنهم "قُتلوا سرًّا وغدرًا خارج نطاق القانون". وتعد هذه المرة الأولى التي توثق فيها المؤسسة مثل هذه الوقائع، رغم نشاطها في توثيق الانتهاكات الحقوقية في المنطقة منذ عام 2013.

وعنّونت المؤسسة تقريرها الحقوقي، الصادر اليوم الإثنين، بـ"قتلوا بدم بارد"، في إشارة إلى العمدية والقصدية في تنفيذ هذه الجرائم وإخفائها لعدة سنوات.

ويتهم التقرير الجيش المصري بإنشاء المقبرة الجماعية وإخفائها عن الأنظار. وتمكنت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان من توثيق المقبرة بالتعاون مع منظمة "Forensic Architecture"، التي قدّمت دعمًا فنيًا في تحليل المقابر الجماعية وصور الأقمار الصناعية.

أحصت مؤسسة سيناء لحقوق الانسان نحو 300 رفاة في موقع المقبرة الجماعية التي أحيطت بسياج عسكري، لكن عوامل التعرية ساهمت في كشف بعض البقايا البشرية

يُشار إلى أن مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان اعتمدت في مصادرها على شهادات سكان محليين في سيناء، قدموا معلومات متطابقة حول الاشتباه بوجود مقابر جماعية، بالإضافة إلى شهادة اثنين من عناصر مليشيا موالية للجيش شاركوا في نقل المعتقلين إلى المقبرة الجماعية قرب العريش قبل تصفيتهم بدم بارد، فيما أنكر عناصر المليشيا مشاركتهم في أعمال القتل.

وأحصت المؤسسة نحو 300 رفاة في موقع المقبرة التي أحاط بها سياج عسكري، لكن عوامل التعرية ساعدت في كشف بعض البقايا البشرية.

ولفتت المؤسسة إلى أنها تواصلت مع السلطات المصرية وعرضت حجب التقرير مقابل التزامها بفتح تحقيق وتشكيل لجنة تقصي حقائق مصرية مستقلة بمشاركة المجتمع المدني، إلا أنها لم تتلق ردًا، ما دفعها إلى نشر التحقيق الذي جاء في 36 صفحة.

إعدامات جماعية خارج نطاق القانون

أطلق الجيش المصري عام 2013 عملية عسكرية واسعة في سيناء ضد تنظيم "أنصار بيت المقدس"، الذي تحول لاحقًا إلى "ولاية سيناء" وأعلن مبايعته لتنظيم الدولة الإسلامية المعروف بـ"داعش". وخلال هذه العملية التي امتدت حتى عام 2022، اعتقلت السلطات المصرية آلاف أبناء سيناء في حملات جماعية، وزجّت بهم في أماكن احتجاز غير رسمية، بينها مقرات عسكرية مثل معسكر الساحة في رفح، معسكر الزهور في الشيخ زويد، والكتيبة 101 في العريش وغيرها. وتعتقد "مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان" أنّ كثيرين من هؤلاء "تعرضوا للقتل بدم بارد".

وأشار تقرير المؤسسة إلى أنها، إلى جانب منظمات حقوقية أخرى مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، وثّقت وقائع قتل خارج القانون لمعتقلين، بينهم أطفال أو من يُحتمل أنهم أطفال، في شمال سيناء، فيما ادعت السلطات لاحقًا أنهم قُتلوا خلال اشتباكات مسلحة.

ويرى المدير التنفيذي لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، أحمد سالم، أنّ "الأدلة على وجود مقبرة جماعية وعشرات الوقائع الموثقة لعمليات قتل خارج نطاق القانون في سيناء ستبقى جرحًا دامياً لا يندمل إلا بالعدالة، وتذكّرنا بأن وراء كل ضحية إنسانًا وعائلة حُرموا من فرص الإنصاف. هذه الانتهاكات الصارخة، التي ترقى إلى جرائم حرب، نفذتها قوات الجيش والشرطة على مدى سنوات، في ظل غياب كامل للمساءلة".

 المقبرة الجماعية المكتشفة حديثًا

تضمن التقرير الذي نشرته مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان مجموعة من الصور ومقاطع الفيديو الحصرية لموقع المقبرة الجماعية المكتشفة حديثًا. وأفادت المنظمة بأن بعض الصور التقطت ميدانيًا أثناء زيارة نظمتها إلى المنطقة، فيما التقطت صور أخرى بواسطة الأقمار الصناعية بين عامي 2005 و2025. وقد اختير هذا المجال الزمني لتحليل الصور بهدف رصد التغيرات الزمنية، وتحديد مؤشرات على النشاط العسكري، مثل ظهور نقاط ارتكاز عسكرية، وجود مركبات، آثار إطارات واضطرابات أرضية داخل الموقع وفي محيطه، ومقارنة كل ذلك مع الأدلة الأخرى المتاحة. كما نجحت الجهة الفنية التي قدمت المساعدة للمؤسسة في إعادة بناء موقع المقبرة الجماعية بتقنية ثلاثية الأبعاد، مع تحديد مواقع الجثث التي ظهرت في المواد المصورة.

وثّقت المواد المصورة أجزاءً بشرية تعود إلى 36 شخصًا، مع الإشارة إلى أنها لا تمثل سوى جزء محدود من إجمالي الرفات الظاهرة فوق سطح التربة

 

وثّقت المواد المصورة أجزاءً بشرية تعود إلى 36 شخصًا، مع الإشارة إلى أنها لا تمثل سوى جزء محدود من إجمالي الرفات الظاهرة فوق سطح التربة. وأوضح التقرير أن الأشخاص الذين تعود إليهم الجثث، والتي تُقدّر بنحو 300، "قُتلوا ودُفنوا بكامل ملابسهم وأحذيتهم المدنية، بلا تكفين أو مظاهر الدفن التقليدية المعتادة، كما يظهر على بعض الجماجم البشرية عصابات للعين". ويشير انتشار الرفات في أرجاء الموقع إلى أن عمليات الدفن جرت على مراحل زمنية متعددة، لا في واقعة واحدة.

وأشارت الأدلة الأخرى إلى وجود موقع محتمل آخر لمقبرة جماعية في مدينة الحسنة وسط سيناء، لكن المؤسسة لم تتمكن من الوصول إليه. ويظل مئات الأسر في سيناء يترقبون منذ 7 سنوات مصير أبنائهم الذين اختفوا دون أي معلومات عنهم.

ويعتقد شهود عيان تحدثوا للمؤسسة ولهم صلات بالمؤسسة الأمنية والعسكرية المصرية أن كثيرًا من القتلى لم يكونوا بالضرورة عناصر مسلحة، بل أشخاصًا اشتُبه فيهم دون وجود أدلة قاطعة.

واختتمت مؤسسة سيناء تقريرها بالقول إنها قدّمت "دليلًا إضافيًا على الضرورة الملحة لتشكيل لجنة مستقلة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في شمال سيناء، بما في ذلك عمليات القتل خارج نطاق القانون، إضافة إلى إنشاء آلية مستقلة لمتابعة أوضاع حقوق الإنسان المتردية في مصر، وبالأخص الانتهاكات التي ترتكبها أجهزة الأمن والجيش".

كلمات مفتاحية
تونس

تونس: نشطاء قابس يواصلون احتجاجاتهم وتضامن واسع مع المعتقلين المضربين عن الطعام

تمسّك النشطاء في مدينة قباس جنوب تونس بمطلبهم المتمثل في تفكيك المجمع الكيميائي بالمدينة

كوليج دو فرانس

"كوليج دو فرانس" يلغى مؤتمرًا مشتركًا مع المركز العربي تحت ضغط لوبيات مؤيدة لإسرائيل

ألغى "كوليج دو فرانس" مؤتمرًا مشتركًا مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات تحت ضغوط سياسية وإعلامية يمينية ومؤيدة لإسرائيل

جوهر بن مبارك

إضرابات جوع في السجون التونسية احتجاجًا على الاعتقال التعسفي وانتهاك الحرّيات

التحق رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي بالمضربين عن الطعام في السجن، دعمًا للسجين السياسي جوهر بن مبارك، القيادي في جبهة الخلاص

هومایون إرشادي
أفلام

هومایون إرشادي: فلسفة الصمت في السينما الإيرانية

بدأ حياته المهنية كحكاية غنائية في فيلم. جالسًا خلف مقود سيارة، يلتفت إليه مخرج أفلام شهير، مأخوذ بملامحه ونظرات عينيه التي تشي برجل عاش ألف حياة

متظاهرات سودانيات
سياق متصل

الحرب في السودان: مجلس حقوق الإنسان يبحث إرسال بعثة لتقصّي الحقائق حول الانتهاكات في الفاشر

عقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اليوم الجمعة، جلسة خاصة بشأن الوضع في الفاشر بالسودان

 مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب - 30)
الترا لايت

التضليل المناخي: كيف تعرقل الشركات الكبرى تقدم مفاوضات المناخ؟

استهل المفاوضون أعمال مؤتمر الأمم المتحدة الثلاثين لتغير المناخ (كوب 30) في مدينة بيليم البرازيلية، بتحذير قوي من تصاعد حملات التضليل المناخي

صونيا
فنون

صونيا.. عنقاء المسرح الجزائري

نشأت صونيا مكيو في بيئة طبيعية كبقية أبناء جيلها، ذلك الجيل الذي شهد تحولات تاريخية هامة، من حركات التحرر والاستقلال إلى مرحلة البناء