15-أبريل-2025
وزارة الخارجية الأميركية

تقليص الإنفاق الأميركي الدولي (رويترز)

من المتوقع أن تعمل وزارة الخارجية الأميركية في العام المقبل بنصف ميزانيتها السنوية الحالية، إذا ما نجحت مساعي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في خفض الإنفاق بأكثر من 30 مليار دولار.

فقد اقترح مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض تخفيض ميزانية وزارة الخارجية بنسبة تقارب 50%، وهو ما قد يشمل إغلاق عدد كبير من البعثات الدبلوماسية الأميركية حول العالم، وتقليص أعداد الموظفين الدبلوماسيين، إضافة إلى إلغاء تمويل معظم المنظمات الدولية، بما في ذلك حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والأمم المتحدة، وعدد من وكالاتها التابعة.

وأفادت مصادر مطلعة على خطط البيت الأبيض بأن التوجه يشمل إغلاق 27 بعثة دبلوماسية أميركية، إلى جانب خفض المساعدات الخارجية بنسبة تصل إلى 75%، ما يمثل تراجعًا كبيرًا في أدوات القوة الناعمة الأميركية.

تسعى إدارة ترامب إلى خفض ميزانية وزارة الخارجية الأميركية بنسبة 50% العام المقبل

خفض ميزانية وزارة الخارجية الأميركية إلى النصف تقريبًا

كشفت مذكرة صادرة عن مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض، ضمن الرد على طلبات التمويل التي تقدّمت بها وزارة الخارجية للسنة المالية 2026، عن خطط لتخفيض ميزانية الوزارة بنسبة تقارب 50%.

وتستند التوصيات إلى مذكرة داخلية منفصلة، أوصت بإغلاق ما لا يقل عن 27 بعثة دبلوماسية أميركية، معظمها في أوروبا وإفريقيا، تتوزع بين 10 سفارات و17 قنصلية.

كما اقترحت المذكرة اعتماد "نموذج تشغيلي أقل كلفة" في أربع بعثات إضافية، إلى جانب دمج بعض المكاتب متعددة المهام، خاصة تلك التابعة لمنظمات أممية.

وسيُطال التقليص الجذري أيضًا القوى العاملة في وزارة الخارجية، التي تضم حاليًا نحو 80 ألف موظف، بالإضافة إلى تخفيضات حادة في ميزانية السفر والمخصصات والامتيازات الممنوحة للدبلوماسيين، بما في ذلك إلغاء "برنامج فولبرايت" الشهير، الذي أُنشئ عام 1946 وأسهم في تأهيل أكثر من 40 رئيس دولة أو حكومة حول العالم.

كما تقترح المذكرة خفض الدعم المخصص للمنظمات الدولية بنسبة 90%، مع التوقف الكامل عن تمويل قرابة 20 هيئة، من بينها حلف شمال الأطلسي (الناتو) والأمم المتحدة، إلى جانب وقف تمويل بعثات حفظ السلام الدولية، بدعوى "إخفاقاتها المتكررة"، من دون الإشارة إلى حالات محددة.

وتتضمن الخطط أيضًا إلغاء مكتب عمليات الصراع والاستقرار التابع لوزارة الخارجية، المسؤول عن توقع النزاعات ومنعها في أنحاء مختلفة من العالم.

وفي ظل هذه التوصيات، أُمهل وزير الخارجية، ماركو روبيو، حتى يوم الثلاثاء لتقديم ردّه الرسمي، علمًا بأنه كان حتى وقت قريب من المدافعين عن دور نشط للولايات المتحدة في الشؤون الدولية.

يتكامل مسعى تقليص ميزانية وزارة الخارجية،  مع مساعي التخلص من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي أشرف على تفكيكها عمليا إيلون ماسك من خلال "إدارة الكفاءة الحكومية".

ويتكامل مسعى تقليص ميزانية وزارة الخارجية، بحسب صحيفة "الغارديان"، مع التوجه نحو تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي الخطوة التي أشرف عليها عمليًا إيلون ماسك من خلال ما يُعرف بـ"إدارة الكفاءة الحكومية".

وتشير  صحيفة "واشنطن بوست"، التي نشرت تفاصيل المذكرة، إلى أن الوثيقة تقترح إدماج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بشكل كامل ضمن هيكل وزارة الخارجية، علمًا أن الوكالة كانت تُدار سابقًا بشكل مستقل، قبل أن تبدأ "إدارة الكفاءة الحكومية" باستهدافها بقيادة دوغ.

وترى الغارديان أن التخفيضات الكبيرة في ميزانية الخارجية الأميركية ستؤدي بالضرورة إلى تقليصات حادّة في تمويل المساعدات الإنسانية، وبرامج الصحة العالمية، والمنظمات الدولية، بنسبة قد تتراوح بين 50 و60%.

وكان الرئيس دونالد ترامب قد وقّع أمرًا تنفيذيًا في 20 كانون الثاني/يناير الماضي، يقضي بتجميد المساعدات الخارجية لمدة 90 يومًا، ريثما تُستكمل مراجعة شاملة لهذه المساعدات.

انتقادات مبكرة

لا تزال مذكرة تقليص الإنفاق الدولي في مرحلة المقترح، إذ تحتاج إلى موافقة الكونغرس، ومن المرجّح أن تواجه مقاومة كبيرة، حتى من داخل الحزب الجمهوري.

وقد وصف السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين، العضو البارز في اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية والمشرف على ملفات الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية، المقترحات بأنها "ميزانية غير جادة"، مؤكدًا في تصريح لـواشنطن بوست: "أتوقع أنها ستواجه معارضة من الحزبين".

من جهتها، دعت جمعية الخدمة الخارجية الأميركية الكونغرس إلى رفض هذه المقترحات، ووصفتها بأنها "متهورة وخطيرة"، مشيرة إلى أنها "ستفتح المجال أمام قوى مثل الصين وروسيا لملء الفراغ الذي قد تخلفه الولايات المتحدة في الساحة الدولية".