تقنيات الذكاء الاصطناعي تفتح بابًا جديدًا للاحتيال الإعلاني في البرازيل
5 أكتوبر 2025
في واحدة من أبرز القضايا التي تكشف عن الوجه المظلم لتقنيات الذكاء الاصطناعي، أعلنت السلطات البرازيلية هذا الأسبوع عن تفكيك شبكة احتيال إلكتروني استخدمت صورًا وفيديوهات مزيفة (ديب فيك) للعارضة العالمية جيزيل بوندشين وعدد من المشاهير، بهدف الترويج لإعلانات احتيالية على منصة إنستغرام، ما أدى إلى تحقيق أرباح غير مشروعة تُقدّر بالملايين.
ضحية واحدة تكشف شبكة واسعة
ووفقًا لوكالة "رويترز"، بدأت خيوط القضية في آب/أغسطس 2024، عندما تقدّمت إحدى الضحايا بشكوى بعد أن خُدعت بإعلان على إنستغرام يظهر فيه فيديو مزيف لبوندشين تروّج لمنتج للعناية بالبشرة. الإعلان بدا مقنعًا، لكن المنتج لم يكن موجودًا، ما دفع السلطات في ولاية ريو غراندي دو سول إلى فتح تحقيق موسّع كشف لاحقًا عن شبكة احتيال تعمل على نطاق واسع.
معظم الضحايا خسروا مبالغ صغيرة ولم يتقدموا بشكاوى، ما خلق ما يعرف بـ"الحصانة الإحصائية" للمجرمين
وخلال العملية الأمنية، تم اعتقال أربعة مشتبه بهم وتجميد أصول مالية في خمس ولايات برازيلية. التحقيقات التي قادتها وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية بالتعاون مع وكالة مكافحة غسيل الأموال COAF، كشفت عن تحويلات مالية مشبوهة تجاوزت 20 مليون ريال برازيلي (حوالي 3.9 مليون دولار)، ما يعكس حجم النشاط الإجرامي الذي كان يتم تحت غطاء الإعلانات الرقمية.
أداة احتيال جديدة
تُعد هذه القضية من أولى المحاولات الرسمية في البرازيل للتصدي لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في التلاعب بصور ومقاطع فيديو المشاهير لأغراض احتيالية. فقد استخدمت الشبكة صورًا مزيفة لبوندشين في أكثر من إعلان، منها عرض وهمي لتوزيع حقائب سفر مقابل دفع رسوم شحن، وهي حقائب لم تصل إلى أي من المشترين.
كما أشار رئيس وحدة الجرائم الإلكترونية، إيبيرت موريرا نيتو، إلى أن الشبكة استخدمت أيضًا صورًا مزيفة لمشاهير آخرين وروّجت لمنصات مراهنات وهمية، ما وسّع نطاق الاحتيال ليشمل مجالات متعددة.
الاحتيال الصغير الذي يصنع ثروة
اللافت في هذه القضية أن معظم الضحايا خسروا مبالغ صغيرة، غالبًا أقل من 100 ريال (حوالي 19 دولارًا)، ولم يتقدموا بشكاوى، ما خلق ما وصفته المحققة إيسادورا غاليان بـ"الحصانة الإحصائية" للمجرمين. إذ كانوا يعلمون أن نسبة ضئيلة فقط من الضحايا ستبلّغ عن الجريمة، ما سمح لهم بالعمل على نطاق واسع دون خوف من الملاحقة.
في حزيران/يونيو الماضي، أصدرت المحكمة العليا في البرازيل حكمًا مهمًا يقضي بإمكانية تحميل منصات التواصل الاجتماعي مسؤولية الإعلانات الإجرامية المنشورة من قبل المستخدمين، إذا لم تتخذ إجراءات سريعة لإزالتها، حتى دون صدور أمر قضائي.
من جهتها، أكدت شركة "ميتا" المالكة لإنستغرام أن سياساتها تحظر الإعلانات التي تستخدم صور المشاهير بشكل مخادع، وأنها تعتمد أنظمة متخصصة لرصد هذا النوع من المحتوى، إلى جانب فرق مراجعة مدرّبة وأدوات للإبلاغ عن الانتهاكات.
تحذيرات من فريق بوندشين
وفي بيان صادر عن فريق العارضة جيزيل بوندشين، تم تحذير المستهلكين من الإعلانات التي تقدم عروضًا غير معتادة أو خصومات كبيرة باستخدام صور المشاهير، مع الدعوة إلى التحقق من صحة العروض عبر القنوات الرسمية للعلامات التجارية أو الشخصيات العامة، والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه للسلطات المختصة.
تكشف هذه القضية عن مفارقة خطيرة في العصر الرقمي: كيف يمكن لتقنيات متقدمة مثل "ديب فيك" أن تتحول من أدوات إبداعية إلى وسائل احتيال جماعي، مستغلة ثغرات قانونية وسلوكيات اجتماعية مثل التردد في الإبلاغ عن الجرائم الصغيرة. كما تطرح تساؤلات أخلاقية حول مسؤولية المنصات الرقمية في حماية المستخدمين، وحدود الذكاء الاصطناعي في التمييز بين الحقيقة والتزييف.