تحاول إسرائيل إخفاء حجم الضرر الذي لحق بها جراء حرب الجبهات المتعددة، لكن التقارير الواردة تكشف عن جانب من الخسائر المؤلمة التي تكبدها جيش الاحتلال، ليس فقط على مستوى القتلى واستنزاف القوات ورفض قطاع كبير من الشباب أداء الخدمة العسكرية، بل أيضًا على مستوى الترسانة العسكرية، خصوصًا الجوية، التي طالما ضمنت لإسرائيل التفوق في الحروب المختلفة التي خاضتها.
ترميم القدرات العسكرية
سلطت صحيفة معاريف الإسرائيلية الضوء على الأضرار التي لحقت بسلاح الجو الإسرائيلي، مؤكدةً أن القدرات العسكرية لجيش الاحتلال تحتاج بشكل عام إلى ترميم شامل. ويتطلب ذلك الشروع في عمليات شراء ضخمة تشمل أنظمة أسلحة، وطائرات مقاتلة، ومروحيات، ودبابات، ومدفعية، وصواريخ، وأنواعًا مختلفة من الذخائر.
وبحسب صحيفة جيروزاليم بوست، فإن حالة المروحيات التابعة لجيش الاحتلال تُعد الأسوأ، خاصة أسراب الأباتشي، التي كان مستوى جاهزيتها منخفضًا في بداية الحرب وازداد تدهورًا مع استمرار القتال. وفيما يتعلق بالذخائر، أكدت الصحيفة أن جيش الاحتلال "يتفقد باستمرار مخزوناته من القنابل أرض-جو".
تضررت القدرات العسكرية لإسرائيل بشكلٍ كبير لا سيما على صعيد سلاح الجو
وتشير معاريف، نقلًا عن مصادر عسكرية، إلى أن الطائرات المقاتلة التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي "تجاوزت عمرها الافتراضي بكثير"، بسبب استخدام كل طائرة لآلاف ساعات الطيران أثناء الحرب، مما أدى إلى تقادمها. وهذا سيدفع إسرائيل إلى المسارعة في شراء أسراب جديدة من الطائرات، لا سيما من طراز إف-35 وإف-15، مع ما يترتب على ذلك من تكلفة مالية باهظة.
قيود أميركية
لكن هذه ليست المشكلة الوحيدة؛ فهناك تحدٍ آخر يتعلق بالجهة المزودة لهذه الطائرات، وهي الولايات المتحدة. فوفقًا لمعاريف، زادت الإدارة الأميركية من "القيود المفروضة على المساعدات لإسرائيل".
وقد أرجأت واشنطن تزويد إسرائيل بقنابل جو-أرض ثقيلة وصواريخ جو-أرض من المروحيات، كما منعت توريد مروحيات أباتشي مستعملة لتعزيز منظومة الدفاع الجوي مؤقتًا. وترى الصحيفة أن هذا الأمر سيُفاقم من أزمة العتاد العسكري لدى إسرائيل.
سباق التسلح العالمي
ولا تقتصر صعوبات إسرائيل على ما تصفه معاريف بـ"الأزمة الدبلوماسية بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو"، بل تتأثر أيضًا بالسباق المحموم للتسلح على مستوى العالم. ففي ظل الحرب في أوكرانيا، والتوترات بين الصين وتايوان، تتسابق أوروبا كلها لاقتناء الأسلحة، بحسب معاريف.
وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في إحدى أكبر شركات توريد الأسلحة العالمية، فضل عدم الكشف عن هويته، قوله: "ما يحدث اليوم جنون، فهو ليس العالم الذي عرفناه قبل عامين أو ثلاثة أعوام. الجميع يشتري الأسلحة، وكل شيء مطلوب". وأضاف: "نحن في خضم سباق لا تستطيع معه شركات الأسلحة مواكبة الطلب، وقوائم انتظار التسليم تزداد طولًا".
وقد عبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن هذه الأزمة بإعلانه، الأربعاء الماضي، أن "أحد العوامل التي دفعته إلى اتخاذ قرار وقف إطلاق النار مع حزب الله اللبناني هو الحاجة إلى تجديد الذخيرة والعتاد".
لكن معاريف ترى أن قرار إسرائيل الموافقة على وقف إطلاق النار لم يكن فقط بسبب الحاجة إلى تجديد الذخائر، بل أيضًا بسبب الحاجة إلى شراء منظومات جديدة، مع التركيز على أسراب الطائرات المقاتلة، وطائرات التزود بالوقود، ومروحيات النقل.
خيارات بديلة
في ظل صعوبة الحصول على الطائرات المقاتلة المطلوبة بسرعة، تدرس إسرائيل خيارات بديلة. ووفقًا لـ جيروزاليم بوست، تشمل هذه الخيارات استخدام عدد من مروحيات النقل من طراز بلاك هوك بعد تعديلها لإضافة أنظمة أسلحة، مثل صواريخ جو-أرض ومدافع وأنظمة إضافية. وستستخدم هذه المروحيات كوسائل دفاع جوي لتخفيف الاعتماد على مروحيات الأباتشي.
تعوّل إسرائيل على ترامب لرفع بعض القيود التي فرضتها إدارة بايدن على شحنات عسكرية لصالح تل أبيب
وأشارت الصحيفة إلى أن عددًا من شحنات القنابل الثقيلة وشبه الثقيلة المخصصة لإسرائيل لا تزال عالقة في مستودعات شركة بوينغ بالولايات المتحدة، نتيجة قرارات الرئيس الأميركي جو بايدن. وتشمل الشحنات المعلقة أيضًا صواريخ هيلفاير التي تنتجها شركة لوكهيد مارتن، وكانت إسرائيل قد بدأت القتال وهي تفتقر إلى هذه الذخائر.
وتعول حكومة نتنياهو على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لرفع القيود عن هذه الشحنات.
مشكلة التمويل
حتى لو حصلت إسرائيل على جميع التسهيلات المطلوبة، فإن الأعباء المالية ستظل عائقًا كبيرًا، نظرًا للميزانية المحدودة. وفي هذا السياق، نقلت معاريف عن مسؤول أمني كبير قوله إن الوضع الحالي يتطلب من إسرائيل بذل جهود استثنائية لتلبية احتياجاتها من العتاد والذخائر. وأضاف أن هناك مشكلة إضافية تتمثل في "قوائم المشترين الطويلة، حيث تسعى دول العالم إلى تسريع الحصول على الأسلحة في ظل السباق المحموم".