وثّقت مقاطع فيديو عمليات قتل ميداني في منطقة الصالحة بأم درمان، أمس الأحد. ووصفت شبكة أطباء السودان تلك العمليات بأنها مجزرة، محملة قوات الدعم السريع مسؤوليتها عنها.
وأسفرت مجزرة الصالحة، وفقًا لشبكة "أطباء السودان"، عن مقتل 31 شخصًا بينهم أطفال قُصر، في ما اعتبرته "أكبر جريمة قتل جماعي موثقة تشهدها المنطقة".
لاحقًا، أصدرت قوات الدعم السريع بيانًا نفت فيه مسؤوليتها عن المجزرة، زاعمة أن منفذيها لا ينتمون إليها، وذلك بعدما تصاعدت المواقف المنددة بالحادثة، لا سيما بعدما وصف أحد مستشاري القوات العملية بأنها "نوعية"، قبل صدور النفي الرسمي.
وتعدّ أم درمان آخر معقل رئيسي لقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم، حيث يحاول الجيش السوداني، منذ إحكامه السيطرة على معظم أنحاء العاصمة، تطهير المدينة من وجود عناصر الدعم السريع. ويتهم الجيش هذه القوات بانتهاج استراتيجية القصف العشوائي للأحياء السكنية، انتقامًا من السكان، ومحاولة لإثبات الوجود وبث الذعر بينهم.
وأفاد سكان محليون بوجود مخاوف من تكرار مشهد مجزرة الصالحة، إذ أكدوا أن القوات الموجودة بالمنطقة لا تزال تحتجز أكثر من 150 شخصًا، بينهم نساء وأطفال.
وبالتزامن مع هذه التطورات، تجددت الاشتباكات العنيفة اليوم الإثنين بين الجيش وقوات الدعم السريع في الفاشر، وسط تحليق مكثف للطائرات المسيّرة.
شبكة أطباء السودان: الدعم السريع ينفذ مجزرة بمدينة "الصالحة" بأم درمان ويصفي 31 شخصا بينهم أطفال قصر
مجزرة منطقة الصالحة
أظهرت مقاطع الفيديو التي تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي اعتقال قوات تابعة أو محسوبة على الدعم السريع لعشرات المدنيين العزّل من أهالي منطقة الصالحة جنوبي مدينة أم درمان.
وتدّعي العناصر المسلحة الظاهرة في المقاطع أن المحتجزين عناصر من الجيش أو متعاونون معه بهدف تزويده بالإحداثيات العسكرية الخاصة بمواقع قوات الدعم السريع في المدينة.
في المقابل، يؤكد نشطاء، ومن بينهم شبكة "أطباء السودان"، أن المحتجزين مدنيون قُتلوا بدم بارد على يد قوات الدعم السريع، كما أُرغم آخرون على المشي عراة في الشوارع بهدف بث الرعب بين السكان.
كما وثّقت مقاطع أخرى تمثيلًا بشعًا بالجثث عبر الحرق والسحل.
شبكة أطباء السودان: الدعم السريع ينفذ مجزرة بمدينة "الصالحة" بأمدرمان ويصفي 31 شخصا بينهم أطفال قصر.
ارتكبت قوى من الدعم السريع مجزرة جماعية بتنفيذها عملية تصفية ميدانية لعدد 31 شخصا من أبناء منطقة صالحة بينهم أطفال قصر في أكبر جريمة قتل جماعي موثقة تشهدها منطقة صالحة بتهمة… pic.twitter.com/9A8z5zQKVi
— Sudan Doctors Network - شبكة أطباء السودان (@SDN154) April 27, 2025
أطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وسم "#مجزرة_الصالحة" للتنديد بالممارسات الإجرامية الموثقة بالصوت والصورة، متهمين قوات الدعم السريع بالمسؤولية عنها. واعتبر بعض النشطاء أن هذه الممارسات ليست جديدة على تلك القوات، التي تُتهم منذ سنوات بارتكاب جرائم حرب في دارفور ومناطق أخرى من السودان، وتلاحقها قضايا وإدانات دولية في هذا الشأن.
وأصدرت عدة فعاليات سياسية ومدنية بيانات أدانت فيها مجزرة الصالحة بأشد العبارات. وفي هذا السياق، أصدر التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة "صمود" بيانًا أدان فيه "الجرائم البشعة التي ترتكبها قوات الدعم السريع"، مشيرًا إلى أن مقاطع الفيديو التي نُشرت تؤكد "فظاعة الجرائم المرتكبة منذ اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل".
بدورها، حمّلت مجموعة "محامو الطوارئ" قوات الدعم السريع وقياداتها "كامل المسؤولية القانونية والجنائية عن عمليات التصفية والقتل العمد للمدنيين"، مطالبةً باتخاذ "إجراءات رادعة لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب".
وتسيطر قوات الدعم السريع على حي الصالحة وعدة أحياء أخرى في أم درمان، حيث تتهمها مصادر الجيش باستخدام المدنيين دروعًا بشرية ومنعهم من مغادرة مناطقهم.
الدعم السريع ينفي مسؤوليته عن المجزرة
نفت قوات الدعم السريع في بيان لها علاقتها بمجزرة الصالحة، وقال ناطقها الرسمي، الفاتح قرشي، إن القوات تابعت "بأسف بالغ تداول مقاطع مصورة تُظهر جثثًا مكدسة بطريقة مهينة"، مؤكدًا أن "العناصر الظاهرة لا تنتمي إلى الدعم السريع بأي شكل من الأشكال".
وزعم قرشي أن المجزرة وقعت في منطقة المهندسين، معتبرًا أنها "منطقة تداخل عملياتي" بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، الذي وصفه بـ"ميليشيات وكتائب البرهان". ودعا بيان الدعم السريع وسائل الإعلام والمنظمات الدولية إلى "التثبت والتحقق قبل توجيه الاتهامات".
معركة السيطرة على الفاشر
شنت قوات الدعم السريع، صباح اليوم الإثنين، هجومًا واسعًا من عدة محاور على مدينة الفاشر، التي تحاصرها منذ أشهر. وتمكنت القوات المسلحة السودانية والقوات المتحالفة معها من صدّ الهجوم، وسط تحليق مكثف للطائرات المسيّرة.
وأكد بيان صادر عن تنسيقية لجان مقاومة الفاشر أن المواجهات شهدت استخدام أسلحة ثقيلة، وسط محاولات من قوات الدعم السريع لاستعادة المدينة قبل وصول تعزيزات عسكرية، خاصة مع إعلان قائد قوات درع السودان، كيكل، توجهه نحو جبهة الفاشر مع آلاف المقاتلين لفك الحصار.
وأشار بيان لجان المقاومة إلى أن القذائف التي أطلقتها قوات الدعم السريع على مخيمات النازحين وأحياء الفاشر تسببت في مقتل عشرات المدنيين خلال نيسان/أبريل 2025، محذرًا من صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الجرائم.
ويواجه مئات الآلاف من المدنيين في الفاشر خطر الجوع ونقص مياه الشرب يوميًا، خاصة بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مخيم زمزم للنازحين منتصف الشهر الجاري، مما دفع بعشرات الآلاف إلى النزوح مجددًا نحو المدينة المحاصرة، ما فاقم الوضع الإنساني سوءًا.
وأضاف بيان لجان المقاومة أن "جميع الأطراف المدافعة عن المدينة، من القوات المسلحة والقوات المشتركة والمتطوعين، يواصلون استبسالهم في التصدي للهجمات".