انتقلت الحرب السودانية، مع دخولها عامها الثالث، إلى إقليم كردفان الذي بات يشهد يوميًا معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. ويُعدّ إقليم كردفان بولاياته الثلاث البوابة الرئيسية إلى ولايات دارفور الخمس، حيث تتمركز قوات الدعم السريع، وحيث الحصار المطبق على الفاشر الذي يحول بين الدعم السريع والسيطرة الكاملة على إقليم دارفور وإعلان مشروع الحكومة الموازية وربّما إعلان مشروع انفصالي جديد على غرار المشروع الانفصالي الجنوبي الذي انتهى بفصل جنوب السودان عن شماله عام 2011.
ومع هذا الملمح الانتقالي في حرب السودان، يبرز ملمح آخر وهو الحرب النفسية، حيث اعتمدت قوات الدعم السريع على هذه الإستراتيجية مؤخرًا، عبر استهداف القطاعات الحيوية في المناطق التي يسيطر عليها الجيش والتي ظلت بعيدة من الحرب، على غرار ولايات شرق السودان، وفي مقدمتها بورتسودان العاصمة المؤقتة وكسلا، حيث استهدفت الطائرات الانتحارية المسيرة للدعم السريع البنية التحتية للطاقة والموانئ والمطارات بشكلٍ مستمر ما أدى إلى انقطاعات متكررة في الكهرباء وشلل المعابر الخاصة بالطيران وحركة الملاحة جزئيًا.
انتقلت الحرب السودانية، مع دخولها عامها الثالث، إلى إقليم كردفان الذي بات يشهد يوميًا معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
البرهان: لا تراجع عن حماية وحدة وأمن السودان
ألقى رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان، خطابًا مساء السبت، خلال مشاركته في فعاليا تخريج دفعة جديدة من قوات الأمن والمخابرات، وقال البرهان في خطابه إن "معركة الكرامة أثبتت أن القوات المسلحة وجهاز المخابرات العامة، هما صمام أمان السودان"، مشددًا على أنّ الجيش السوداني لن يتراجع عن "حماية وحدة وأمن السودان" مهما كلفه ذلك من ثمن، مؤكدًا "أن المعركة مستمرة ولن تتوقف إلا بالقضاء على قوات الدعم السريع المتمردة"، لافتًا إلى أنّ "المنظومة الأمنية والعسكرية تعمل على قلب رجل واحد من أجل وحدة السودان ودحر التمرد، ورفع الظلامات التي أصابت أهل السودان جراء الانتهاكات" وفق تعبيره.
وتعليقًا على تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة كامل إدريس قال البرهان إنّ "الحكومة ماضية في إكمال خريطة الطريق واستكمال متطلبات الفترة الانتقالية".
العمليات الميدانية
نفذ الجيش السوداني ضربات جوية على مرافق تابعة لقوات الدعم السريع في مدينة نيالا طيلة يومي الجمعة والسبت، ومن بين المرافق المستهدفة، "فندق يقع تحت إدارة عسكرية لقوات الدعم السريع، بالإضافة لموقعيْن آخرين"، وأشارت المصادر المحلية إلى "تسجيل خسائر كبيرة جراء الغارات الجوية".
يشار إلى أنّ قوات الدعم السريع قامت بحملات تعبئة عسكرية، خلال الأيام القليلة الماضية، في مدينتيْ نيالا والضعين بهدف "حشد المقاتلين إلى جبهات القتال في إقليم كردفان، حيث استولت على أربع مناطق يومي الخميس والجمعة".
وبحسب مصادر ميدانية تحدثت لموقع "الترا سودان" فإنّ "الغارات الجوية في نيالا تتزامن مع وضع أمني يتجه نحو التدهور بولاية جنوب دارفور، ومع ذلك تصمم قوات الدعم السريع على المضي قدمًا في تشكيل حكومة موازية".
ومن الملاحظ أنّ الهجمات الجوية على نيالا مستمرة منذ بداية شهر أيار/مايو المنصرم، وذلك بالتزامن مع انتشار معلومات حول وصول "أجهزة تشويش عسكرية متطورة إلى يد قوات الدعم السريع" من طرف داعميها الخارجيين.
تجدر الإشارة إلى أنّ مدينة نيالا تعد "المركز الرئيسي لإدارة العمليات العسكرية للدعم السريع في جميع جبهات القتال".
هجمات بورتسودان
تواصل قوات الدعم السريع الضغط على الجيش السوداني في مناطق سيطرته البعيدة عن الحرب، وعلى رأسها العاصمة المؤقتة بورتسودان، حيث هاجمت تلك القوات بورتسودان بعدة مسيرات انتحارية أمس السبت، قالت القوات السودانية إن دفاعاتها الصاروخية نجحت في صدّها.
ولوحظ أنّ الهجمات على بورتسودان باتت متواترة منذ نيسان/إبريل الماضي، ففي ذلك الشهر تم شن أول هجوم من نوعه على العاصمة المؤقتة، وحمل بنك الأهداف مواقع حيوية كان على رأسها "آخر مطار دولي مدني عامل في السودان ومحطات الطاقة ومستودعات الوقود".
يشار إلى أنّ جميع السودان التي تُوجّه إلى الداخل السوداني تدخل جميعها عبر بورتسودان، ومن شأن تحويلها إلى مكان مواجهة أن يؤثر على دخول المساعدات وبالتالي زيادة الوضع الإنساني مأساوية لحوالي 25 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأكثر من 15 مليون نازح ومشرد في أنحاء البلاد، لا سيما في المناطق الشرقية التي ظلت بعيدة عن الحرب.
ودائمًا على صعيد التداعيات الإنسانية لاستهداف البنية التحتية للطاقة يشار إلى أنّ انقطاع التيار الكهربائي في الخرطوم ساهم في تفشي وباء الكوليرا بسبب توقف المواطنين عن الحصول على المياه النظيفة، وقد تسبب انتشار الكوليرا في وفاة مئات الأشخاص، بينهم أكثر من 300 شخص توفوا في الخرطوم لوحدها خلال شهر أيار/مايو المنصرم.