حركة "جيل زد 212" المغربية تدعو إلى مظاهرات مليونية وتتمسك بمطلب إقالة الحكومة
6 أكتوبر 2025
استمرت احتجاجات حركة "جيل زد 212" المغربية لليوم التاسع على التوالي، وسط دعوات من الحركة إلى تنظيم مظاهرات مليونية في 22 مدينة مغربية هذا الأسبوع. وتُعدّ هذه الدعوات تصعيدًا في الحراك الاحتجاجي ورفضًا صريحًا للمبادرة الحكومية التي دعت إلى نقل الحوار من العالم الافتراضي إلى الواقع والمؤسسات.
ورفع المحتجون في تظاهراتهم الأخيرة شعارات تطالب باستقالة الحكومة التي يرأسها ملياردير المحروقات عزيز أخنوش، إلى جانب المطالب التقليدية للحراك، والمتمثلة في العدالة الاجتماعية، ومحاربة الفساد، وتقليص أوجه اللامساواة في قطاعي الصحة والتعليم.
وشهدت منصة "ديسكورد"، التي تتخذها حركة "جيل زد 212" فضاءً للتنظيم والنقاش، حوارًا محتدمًا حول تفشي المحسوبية في السياسات الحكومية، مستشهدين بالمساعدات التي تتلقاها المصحّات الخاصة من الدولة، في وقتٍ تعاني فيه المستشفيات العمومية من أزماتٍ مزمنة تؤثر سلبًا على جودة الخدمات المقدّمة للفئات الفقيرة أو كما يسميها المحتجّون "المُفَقَّرة".
استفادت حركة جيل زد 212 التي تدعو إلى الاحتجاجات الليلية من منصات مثل ديسكورد وتيك توك لحشد الدعم وتنسيق المظاهرات
مركز ثقل المظاهرات
كانت مدن الدار البيضاء وتطوان والرباط مركز الثقل في موجة المظاهرات الأخيرة التي دعت إليها حركة "جيل زد 212". ففي الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمغرب، احتشد مئات الشبان في أحياء شعبية مثل حي الفداء ودرب السراغنة، مردّدين شعارات أبرزها: "الشعب يريد إسقاط الفساد"، إلى جانب هتافات تطالب برحيل رئيس الحكومة عزيز أخنوش ووزرائه، وتحسين خدمات قطاعَي الصحة والتعليم، وتوفير فرص عمل للعاطلين.
وفي مدينة تطوان شمال البلاد، خرج آلاف المتظاهرين حاملين شعارات سياسية واضحة، تمحورت حول "إقالة الحكومة وحل الأحزاب المرتبطة بالفساد".
أما في العاصمة الرباط، فرغم أن المظاهرة كانت أقل زخمًا من حيث الأعداد، فإنها رفعت المطالب ذاتها، وردّد المشاركون شعارات مثل "يحيا الشعب" و"الحكومة فاسدة".
وتشهد مدن مغربية عدّة منذ 27 أيلول/سبتمبر الماضي احتجاجات ليلية تقودها حركة جيل زد 212، مركِّزة على محاربة الفساد، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية.
وبحسب مصادر محلية، انطلقت الاحتجاجات عقب وفاة ثماني نساء حوامل في المستشفى العمومي بمدينة أغادير أثناء عمليات ولادة قيصرية، وهو الحدث الذي فجّر موجة الغضب الشعبي.
واستفادت الحركة من منصّات التواصل الاجتماعي، خاصة "ديسكورد" و"تيك توك"، في حشد الدعم وتنسيق المظاهرات، حيث تجاوز عدد أعضائها على ديسكورد 185 ألف مشارك، وتستمد قوتها أيضًا من مجهولية المنظّمين الذين يقفون خلفها.
وفي الثلاثاء الماضي، شهدت مدينة القليعة قرب أغادير أعمال عنف أدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة آخرين، ما دفع الحكومة إلى تقديم مبادرة للحوار مع قادة الحركة. من جانبها، رفضت "جيل زد 212" اللجوء إلى العنف، مؤكدة تمسّكها بالسلمية وداعية أنصارها إلى الالتزام بالمواقع المحددة للتظاهر.
وعقب دعوة الحكومة إلى الحوار، أصدرت الحركة بيانًا جدّدت فيه مطالبها بإقالة عزيز أخنوش وحكومته، وإطلاق سراح المعتقلين على خلفية الاحتجاجات، دون أن تعلن موقفًا واضحًا من المشاركة في الحوار مع السلطات الرسمية.
الدعوة إلى احتجاجات مليونية
مع تزايد الاستجابة الشعبية لنداءات حركة "جيل زد 212"، رفعت الحركة الشبابية، التي لا تنتمي لأي حزب سياسي، سقف مطالبها، داعيةً إلى تنظيم "مظاهرات مليونية" في 22 مدينة مغربية للضغط على السلطات من أجل الاستجابة لمطالب الحراك.
ويبدو أن الناشطين ضاقوا ذرعًا بسياسة التسويف والمماطلة، إذ يؤكدون أن السلطات لم تتعامل بجدية مع مطالبهم، خصوصًا في ظلّ التمسك ببقاء حكومة عزيز أخنوش، التي يعتبرها المحتجون "أصل الأزمة" و"عقبة أمام أي إصلاح حقيقي".
يُذكر أن المغرب يقف على بُعد عام تقريبًا من الانتخابات التشريعية المقبلة، وفي حال استمرار حكومة أخنوش إلى حينها، يُتوقّع أن يتعرّض حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقوده لهزيمة سياسية قاسية، قد تُهدد تماسك الحزب الذي تمكن، في فترة وجيزة بين عامي 2016 و2020، من الفوز بالانتخابات وإزاحة حزب العدالة والتنمية من صدارة المشهد البرلماني.
وكان حزب التجمع الوطني للأحرار قد وعد المغاربة بمشروع اقتصادي واجتماعي طموح، غير أن سلسلة من الأزمات قوّضت هذا المشروع، أبرزها جائحة كورونا عام 2021، وموجات الجفاف التي ألحقت أضرارًا جسيمة بقطاعي الزراعة والفلاحة، فضلًا عن تقلبات الأسواق الدولية وانعكاساتها على الأسعار والمعيشة.