زياد عيتاني.. مسرحي لبناني في مواجهة "كوميديا العدالة السوداء"
20 سبتمبر 2025
يواصل الفنان المسرحي زياد عيتاني البحث عبثًا عن عدالة تنصفه، بعدما أعادت له خشبة المسرح كرامته المهدورة في أقبية الفبركات والحسابات الوهمية التي ألصقت به تهمة "العمالة". ثماني سنوات مرّت على القضية التي شغلت الرأي العام عام 2017، حين أوقف عيتاني بتهمة التواصل مع إسرائيل، ليجد نفسه فجأة في السجن بدلًا من كواليس أعماله الفنية.
غير أنّ الغصّة ما زالت تلاحق المسرحي البيروتي؛ فبينما يواصل نضاله القضائي منذ سنوات في دعاوى التعويض، برزت العقيد سوزان الحاج، المتهمة بالتورط في تلفيق ملف العمالة له، في منصب جديد كمساعدة لرئيس الإدارة المركزية في قوى الأمن الداخلي اللبناني، ما أثار جدلًا واسعًا.
"خلّصوا قبلي"
"ما مشّولي ولا دعوى"، يعلّق عيتاني بعتب كبير، في حديث لـ"الترا صوت"، كاشفًا أن "كل الدعاوى المقدّمة من قبلي لم تسلك مسارها القضائي الطبيعي. لا دعوى التعويض ولا قرار مجلس شورى الدولة الذي لم يُطبَّق".
ويضيف عيتاني ساخرًا: "المتورّطون والمدانون في قضيتي عوقبوا وأُنجزت ملفاتهم وخلّصوا قبلي في القضاء"، مستطردًا "أنا بانتظار المسار القانوني وتطبيق قرار مجلس شورى الدولة والبتّ بدعاوى التعويض ضد كل مَن تورّط في القضية".
الغصّة ما زالت تلاحق عيتاني، إذ يواصل معاركه القضائية بالتوازي مع تولي العقيد سوزان الحاج، المتهمة بتلفيق ملفه، منصبًا جديدًا في قوى الأمن الداخلي
بين العقوبة والترقية
وفيما أثارت قضية تعيين العقيد الحاج في منصبها الجديد موجة من الانتقادات، أشارت مصادر مطلعة عبر "الترا صوت" إلى أن القرار في التعيينات والتشكيلات الأمنية تعود إلى وزارة الداخلية والبلديات في حال ارتأت أنها قد أمضت العقوبة المستحقة لها، مع الإشارة إلى أنها سبق ورُقيت من رتبة مقدم الى رتبة عقيد في العام 2021، وكان الحكم قد صدر بحقها.
في تفاصيل القضية، أُدينت العقيد سوزان الحاج بجرم كتم المعلومات، بعدما أثبت القضاء اللبناني براءة زياد عيتاني. ففي عام 2019، أصدرت المحكمة العسكرية حكمًا ببراءتها من تهمة فبركة الملف، لكنها أدانتها بكتم المعلومات وحكمت عليها بالسجن شهرين وتغريمها.
وعليه أقيلت من منصبها السابق كرئيسة لمكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية في قوى الامن الداخلي، وسُجنت مدة شهرين، ووُضعت 5 سنوات بتصرّف المديرية العامة لقوى الامن.
ويُشار إلى أن الحكم المخفف بحق الحاج جاء بعدما حمّل القضاء المسؤولية الكاملة عن فبركة ملف عيتاني للمقرصن إيلي غبش، الذي أُدين بذلك وحُكم عليه بالسجن لمدة عام.
وغبش هو من أنشأ حسابات وهمية نسبها الى جهات إسرائيلية في العام 2017، وحيك الفخ لعيتاني بعلم الحاج، ولذا جاءت التهمة بكتم المعلومات، بعدما تبين لاحقًا أن هذه التهمة ملفقة ومفبركة، والهدف منها تشويه سمعة عيتاني.
زياد والرئيس
اختار زياد عيتاني أن يرفع صوته مجددًا، حاملاً قضيته إلى القصر الجمهوري حيث استقبله الرئيس جوزاف عون. وقد نشر الحساب الرسمي للرئاسة صورة من اللقاء، في ما بدا رسالة دعم معنوي وتعويض معنوي لعيتاني عمّا واجهه طوال السنوات الماضية.
وفي حديثه لـ"الترا صوت"، أوضح عيتاني أنه استعرض مع الرئيس مسار قضيته وما خلّفته من ضرر كبير على الرأي العام. ونقل عنه تأكيده أن لبنان دخل مرحلة جديدة مختلفة عن السابق، وأنه يعوّل كثيرًا على التشكيلات القضائية المرتقبة لضمان عدم تكرار مثل هذه القضايا.
وأكد عيتاني أن "رئيس الجمهورية شدد على حرصه على مسار العدالة وتطبيقها، وعلى أن تُعاد لي حقوقي كاملة بعد الظلم الذي تعرّضت له". وأضاف: "لا مطلب شخصي لدي، لكن لدي نقد يجب أن يُسمع"، كاشفًا عن جولة سيقوم بها على مختلف المسؤولين، ولا سيما رئيس الحكومة نواف سلام ووزير الداخلية أحمد الحجار، لوضعهم أمام مسؤولياتهم.
يكشف المسرحي البيروتي عن مشروع جديد يجمعه مجددًا بالشاعر والمسرحي يحيى جابر، في تعاون يأمل أن يحمل للجمهور مزيجًا من الفكاهة والرسالة، بعيدًا عن الأجواء القاتمة التي تفرضها السياسة وأجهزة المخابرات
وشدد المسرحي البيروتي على أنه لا يريد شخصنة القضية، لافتًا إلى أنه قال للرئيس: "تلفيق ملفات التجسس يمسّ بالأمن القومي، ولا يمكن مقارنته بجرائم المخدرات أو الدعارة، لأننا بلد مواجهة، وهنا تكمن خطورة الأمر".
العودة مع يحيى جابر
تبقى المواجهة الأقوى بالنسبة لزياد عيتاني على خشبة المسرح، حيث يجد نفسه بين الناس، مقدّمًا لهم مساحة من الضحك والراحة وسط قسوة الحياة اليومية في بلد مثقل بالقهر والأزمات.
"على المسرح أنا متجه إلى مكان آخر"، يقول عيتاني، "إلى الضحك والترفيه وإدخال الفرح إلى قلوب الناس، فهذا أقل ما يمكن فعله في ظل ما نعيشه يوميًا".
ويكشف المسرحي البيروتي عن مشروع جديد يجمعه مجددًا بالشاعر والمسرحي يحيى جابر، في تعاون يأمل أن يحمل للجمهور مزيجًا من الفكاهة والرسالة، بعيدًا عن الأجواء القاتمة التي تفرضها السياسة وأجهزة المخابرات وأفخاخ وسائل التواصل الاجتماعي.
وبين التدريب والتحضير، يستعد عيتاني للصعود إلى المسرح من جديد. هناك سيقول الكثير، وسيخفي الكثير أيضًا من الوجع، لكن الأكيد أنه سيضحك كثيرًا، كمن نجا من لعبة الأقوياء. إنها، كما يصفها، "كوميديا العدالة السوداء".