01-يونيو-2025
الحرب الروسية الأوكرانية

الحرب الروسية الأوكرانية (بي بي سي)

تواصل القوات الروسية تقدّمها الميداني في الأراضي الأوكرانية. وفي أحدث حصيلة لهذا التقدم أعلنت موسكو سيطرتها على منطقتين جديدتين، الأولى في سومي الواقعة شمال شرق أوكرانيا على الحدود مع روسيا، والثانية هي مدينة نوفوييل في منطقة دونيتسك التي تحتدم فيها المعارك بين القوات الروسية والأوكرانية بصورة يومية.

وتتحدث المصادر الأوكرانية عن تحضير روسيا لهجومٍ واسع النطاق، تستهدف فيه تحقيق السيطرة على أكبر قدر ممكن من المناطق في العمق الأوكراني، مستفيدة في ذلك من تساهل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، فحتى اللحظة لم تكشّر إدارة ترامب عن أنيابها ضدّ الكريملن في حين أنها فعلت ذلك مع زيلينسكي "حليفها المفترض".

وردّت أوكرانيا اليوم الأحد بتنفيذ عمليات نوعية، شملت استهداف قاعدتين عسكريتين روسيتين، بالإضافة لتفجير جسور وقطارات عسكرية روسية.

يأتي ذلك في وقتٍ دعت فيه موسكو إلى جولة ثانية من المفاوضات مع الطرف الأوكراني في تركيا الإثنين المقبلة، وهي دعوة واجهها الرئيس زيلينكسي بالكثير من الاستغراب، بالقول إنه لا يدري على ماذا سيكون التفاوض مع روسيا، في إشارة إلى رفض موسكو الالتزام بالهدنة ومواصلة التوغل في الأراضي الأوكرانية، وأمام هذا السلوك الروسي الذي يحاول الضغط على كييف في الزاوية للرضوخ للشروط الروسية، دعا زيلينسكي حلفاء بلاده إلى إنزال أشدّ العقوبات بروسيا، حتى تستفيق من سكرة ونشوة قوّتها، وذات الدعوة كررها وزير خارجيته اليوم الأحد بقوله إنّ روسيا لن "تصبح جادّة بشأن السلام إلا عندما تشعر بمستوى آخر من الضغط"، مضيفًا "بينما تدّعي روسيا أنها تستعد لمناقشة السلام، فإنها تمارس المزيد من الهجمات والإرهاب والتدمير".

تقدّم روسيا الميداني: استراتيجية السلام عبر القوة

اضطُرّت السلطات الأوكرانية، بعد تقدم القوات الروسية في منطقة سومي الحدودية وسيطرتها على إحدى القرى في تلك المنطقة، إلى إصدتر أوامر إخلاء إلزامية لعدد من القرى الحدودية في ولاية سومي، وسط مخاوف وتوقعات بلجوء القوات الروسية إلى شن هجوم واسع النطاق خلال الأيام القليلة المقبلة.

عرضت روسيا على أوكرانيا عقد جولة ثانية من المفاوضات المباشرة الإثنين المقبل في تركيا، بعد جولة أولى جرت منتصف أيار/مايو في إسطنبول بضغط أميركي، انتهت باتفاق لتبادل 2000 أسير دون التوصل إلى هدنة

وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت أن قواتها سيطرت على قرية فودولاغي لتضاف إلى قائمة القرى التي تمت السيطرة عليها في المنطقة خلال الأسابيع الأخيرة. وبالتزامن مع ذلك أعلنت القوات الروسية أيضًا سيطرتها على قرية نوفوبيل في منطقة دونيتسك، التي تحتدم فيها المعارك يوميًا.

وفي هذا السياق أفاد بيانٌ صادر عن رئاسة الأركان الأوكرانية بأنّ هجمات القوات الروسية تتركز في إقليم دونيتسك على مناطق "بوكروفسك وتوريتسك، بالإضافة إلى أجزاء من منطقة سومي".

كما أشار البيان الأوكراني إلى امتدادات الهجمات الروسية في المنطقة الجنوبية وبشكل خاص في زاباروحيا، الأمر الذي يزيد من مستوى الضغوط على الجيش الأوكراني الذي يواجه صعوبات على مستوى التجهيز والموارد، وهو ما تحاول موسكو استغلاله ميدانيًا وسياسيًا عبر زيادة رصيدها من الأراضي الأوكرانية من جهة، ودفع الأوكرانيين إلى التنازل في المفاوضات من جهة ثانية.

وفي هذا الصدد يشار إلى المعلومات التي تحدث عنها الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي في بيانه اليومي، حيث قال إنّ موسكو حشدت "أكثر من 50 ألف جندي قرب منطقة سومي، تحضيرًا لشن هجوم واسع النطاق في المنطقة الحدودية"، ويشير الخبراء إلى أنّ موسكو تسعى من خلال هذا الهجوم إلى إقامة منطقة عازلة قرب الحدود مع أوكرانيا، منعًا لأي توغل مشابه لما حدث في كورسك آب/أغسطس الماضي.

مذكّرة الشروط الروسية

عرضت روسيا على أوكرانيا خوض جولةٍ ثانية من المفاوضات المباشرة الإثنين المقبل في تركيا. وكان الطرفان قد استأنفا مفاوضاتهما المباشرة 15 و16 أيار/مايو الجاري في إسطنبول، وذلك للمرة الأولى منذ آخر مفاوضات مباشرة آذار/مارس 2023، وجاء استئناف المفاوضات تحت ضغطٍ أميركي، لكن الجولة الأولى للمفاوضات جاءت دون المستوى المطلوب، إذ لم تُسفر عن هدنة، وإنما اكتفى الفرقاء فيها بالإعلان عن التوصل لصفقة لتبادل الأسرى شملت 2000 أسير من الجانبين.

وقالت روسيا، على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف، إنها ستسلم أوكرانيا في الجولة الثانية من المفاوضات مذكّرة لاتفاقٍ أولي، تتضمن الشروط الروسية لتحقيق سلام دائم. ورفض الكريملن تسليم المذكرة لكييف قبل انعقاد الجولة الثانية من المفاوضات، الأمر الذي جعل أوكرانيا مترددة، وذلك ما دفع الرئيس الأوكراني إلى القول إنه "لا يملك فكرة حول القضايا التي ستثيرها روسيا خلال الجولة الجديدة من مفاوضات السلام المنتظر عقدها في إسطنبول"، مشيرًا إلى أنّ موسكو لم تكن جادة في الجولة الأولى، حيث أرسلت مسؤولين من الصف الثاني.

ومع ذلك من المتوقع أن توافق كييف على الحضور إلى إسطنبول يوم غدٍ الإثنين، لاسيما أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تواصل مع الطرفين الروسي والأوكراني ودعاهما، حسب وكالة الأناضول إلى "إرسال وفدين قويين للمحادثات".

هجمات أوكرانية مباغتة

نفّذت القوات الأوكرانية مع منتصف نهار اليوم الأحد عمليات نوعية، تعدّ من بين الأقوى لها منذ بدء الحرب، فقد هاجمت بسرب من المسيرات والقذائف الاستراتيجية قاعدة أولينيا الجوية الروسية التي تقع في القطب الشمالي، كما هاجمت قاعدة بيلايا في سيبيريا التي تبعد عن أوكرانيا نحو 4 آلاف كيلومتر. كما تبنت المخابرات الأوكرانية تنفيذ عدة تفجيرات استهدفت قطارات عسكرية وجسور تستخدمها القوات الروسية في نقل العتاد والإمداد.

ويثير الهجوم على القاعدة العسكريتين الروسيتين تساؤلات حول ما إذا كانت أوكرانيا نفذت الهجوم من أراضيها أو من داخل الأراضي الروسية، نظرًا لطبيعة الأسلحة المستخدمة وبعد المسافة.