عامان على حرب الإبادة في غزة: دمار شامل وجرائم متواصلة وسط تواطؤ دولي وصمت عربي
7 أكتوبر 2025
تمر اليوم الذكرى الثانية للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي خلّف دمارًا هائلًا ومجازر مروّعة طالت المدنيين العزّل، وأسفر عن إبادة عائلات بأكملها، في واحدة من أكثر الحروب دموية في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ورغم مرور عامين على اندلاع الحرب، لا تزال آثارها الإنسانية والصحية قائمة، وسط انهيار شبه كامل للبنية التحتية وتواصل الغارات الجوية على مناطق مكتظة بالسكان.
تصعيد جديد في الذكرى الثانية
قالت مصادر طبية أن حصيلة الشهداء من صباح اليوم، الثلاثاء، بلغ 10 شهداء في أنحاء متفرقة من القطاع.
وأفاد مراسل "التلفزيون العربي" صباح اليوم الثلاثاء باستشهاد ثلاثة فلسطينيين على الأقل في قصف إسرائيلي استهدف حي الصبرة جنوبي مدينة غزة، فيما أعلن مستشفى الأمل عن استشهاد طفل وإصابة آخرين جراء قصف على شارع رقم 5 في خانيونس.
كشف مدير عام وزارة الصحة في غزة، منير البرش، أن جميع المستشفيات الـ38 في القطاع تعرضت للاستهداف المباشر منذ بدء العدوان
كما ذكرت هيئة الإسعاف والطوارئ أن سبعة فلسطينيين أصيبوا بنيران قوات الاحتلال قرب مراكز توزيع المساعدات شمال غربي رفح، بينما شهد حي النصر بمدينة غزة تصاعدًا كثيفًا لأعمدة الدخان عقب تفجير الاحتلال لعربات مفخخة في المنطقة.
من جهته، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن جيش الاحتلال قتل 106 فلسطينيين خلال 72 ساعة الماضية في أكثر من 143 غارة جوية ومدفعية استهدفت مناطق مدنية، متجاهلًا دعوات وقف القصف التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وأوضح البيان أن "الاحتلال يواصل عدوانه على أبناء شعبنا غير آبهٍ بأي نداءات لوقف النار"، مشيرًا إلى أن مدينة غزة وحدها شهدت استشهاد 65 مدنيًا خلال الأيام الأخيرة.
انهيار القطاع الصحي
كشف مدير عام وزارة الصحة في غزة، منير البرش، أن جميع المستشفيات الـ38 في القطاع تعرضت للاستهداف المباشر منذ بدء العدوان، مشيرًا إلى أن 16 منها فقط تعمل بشكل جزئي بعد إعادة تأهيلها، بينما خرجت 22 مستشفى من الخدمة بشكل كامل.
وقال البرش إن القدرة الاستيعابية للمستشفيات انخفضت من 6000 سرير قبل الحرب إلى 2000 فقط، في حين نفد 50٪ من الأدوية الأساسية و65٪ من المستلزمات الطبية، مؤكدًا استشهاد 1671 من الكوادر الطبية واعتقال 362 آخرين منذ بدء الحرب.
ولفت إلى أن مستشفى غزة الأوروبي في خان يونس كان من أوائل المستشفيات المستهدفة عام 2023، وتوقف نهائيًا عن العمل في مايو 2025، مما حرم القطاع من خدمات حيوية مثل جراحة الأعصاب وعلاج السرطان.
لا مكان آمنًا في غزة
قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في بيانها السنوي إن حرب غزة، التي تصفها بأنها الأطول والأعنف، أودت بحياة أكثر من 66 ألف شخص خلال عامين، فيما نزح جميع سكان القطاع تقريبًا وتضررت أو دُمرت 80% من المباني، مشيرة إلى مقتل أكثر من 370 من موظفيها.
وفي السياق ذاته، أكد المتحدث باسم منظمة "اليونيسف" أنه "لا مكان آمنًا في غزة"، محذرًا من أن الأوضاع الإنسانية باتت "أسوأ من أي وقت مضى". وأضاف أن مدينة غزة ما تزال تضم آلاف الأطفال المصابين ومبتوري الأطراف، مؤكدًا أن إصدار أوامر الإجلاء لا يسقط حق المدنيين في الحماية. وأشار إلى أن منطقة المواصي باتت من أكثر بقاع العالم اكتظاظًا بالسكان، إذ تفتقر إلى المياه النظيفة والغذاء والمأوى.
غزة تحوّلت إلى أكبر مقبرة للصحفيين في التاريخ المعاصر
حذّر مركز حماية الصحفيين الفلسطينيين (PJPC) من استمرار استهداف الصحفيين ووسائل الإعلام في قطاع غزة مع دخول الحرب الإسرائيلية عامها الثالث، مؤكدًا أن ما يجري في القطاع "يشكّل مذبحة متواصلة تكشف فشل المجتمع الدولي في حماية الصحافة وفرض قواعد القانون الدولي الإنساني".
وقال المركز في بيان له اليوم الثلاثاء إن الصحفيين في غزة "يواصلون عملهم رغم فقدان زملاء وأقارب والنزوح القسري، وسط انعدام شبه تام للمعدات التقنية ووسائل الاتصال"، مشددًا على أن نقل الحقيقة "أصبح يعتمد بصورة شبه حصرية على الصحفيين الفلسطينيين الذين يعملون بلا حمايةٍ وبلا مأوى".
وأضاف البيان أن غزة تحوّلت إلى أكبر مقبرةٍ للصحفيين في التاريخ المعاصر، إذ "لم تُسجّل المهنة عددًا مماثلًا من الضحايا حتى خلال الحرب العالمية الثانية أو حرب فيتنام أو العراق"، داعيًا الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية إلى التحرك العاجل لوقف استهداف الصحفيين ومحاسبة المسؤولين عن جرائم القتل الممنهج ضد العاملين في الحقل الإعلامي.
توتر ميداني ومواجهات متقطعة
أعلن الجيش الإسرائيلي صباح اليوم عن رصد مقذوف أُطلق من شمال القطاع باتجاه مستوطنة "نتيف هعسراه" قرب الحدود، دون وقوع إصابات.
وفي المقابل، أفادت مصادر أمنية بأن مقاتلين من كتائب القسام هاجموا نقطة عسكرية إسرائيلية داخل غزة وأطلقوا قذائف RPG، ما أدى إلى إصابة ستة جنود، ثلاثة منهم في حالة خطيرة.
حماس: المعركة مستمرة رغم الإبادة
وفي بيان في الذكرى الثانية للعدوان، أكدت حركة حماس أن "المعركة لا تزال متواصلة، وتداعياتها السياسية والعسكرية مستمرة في المنطقة"، مشددة على أن الشعب الفلسطيني "متجذر في أرضه ومتمسك بحقوقه رغم التواطؤ الدولي والخذلان العربي".
وأضاف البيان: "عامان على طوفان الأقصى، وشعبنا أكثر التفافًا حول مقاومته وثوابته الوطنية، بعيدًا عن أي مشاريع وصاية غير مشروعة".
فصائل المقاومة: طوفان الأقصى محطة تاريخية
وصفت فصائل المقاومة الفلسطينية المعركة بأنها "محطة تاريخية في مشروع التحرر الوطني"، مؤكدة أن الاحتلال فشل في القضاء على المقاومة واستعادة الأسرى بالقوة، ودعت الشعوب العربية والإسلامية إلى الخروج للشوارع دعمًا لفلسطين والمقاومة.
المفاوضات في شرم الشيخ
في الأثناء، نقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدرين مطلعين على المفاوضات غير المباشرة في مصر أن المحادثات بين إسرائيل وحماس "إيجابية" وستُستأنف اليوم الثلاثاء في شرم الشيخ، بعد أربع ساعات من النقاشات المكثفة الليلة الماضية.
الضفة الغربية: اعتقالات وإغلاقات
تزامنًا مع الذكرى، شددت قوات الاحتلال من إجراءاتها العسكرية في محيط رام الله والبيرة، واعتقلت عشرة فلسطينيين من بينهم الأسير المحرر محمود الحلب، وأغلقت الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية عند مداخل القرى، ما تسبب بأزمات مرورية خانقة.
وفي الخليل، أصيب طفل (16 عامًا) برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحام بلدة بيت أمر، ونُقل إلى المستشفى لتلقي العلاج، بحسب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.