03-يونيو-2025
أضاحي العيد المغرب

امرأة تشتري خروفًا من سوق الماشية استعدادًا لعيد الأضحى في مدينة وجدة المغربية (رويترز)

يحلّ عيد الأضحى المبارك في المغرب، يوم 7 حزيران/يونيو 2025، في ظرف استثنائي هذه السنة، مع إعلان العاهل المغربي الملك محمد السادس، إلغاء شعيرة الذبح استحضارًا لما يواجه البلاد من تحديات مناخية واقتصادية.

وأبرز العاهل المغربي الملك محمد السادس، في رسالة وجهها للمواطنين، في شباط/فبراير الماضي، تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، إلى أن القيام بشعيرة عيد الأضحى في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررًا محققًا بفئات كبيرة من المواطنين، لاسيما ذوي الدخل المحدود.

ومع اقتراب عيد الأضحى، يشهد المغرب تفشيًا لحملات الشراء السري للأضاحي، مع إصرار بعض المواطنين على ذبح الأضحية، ما أثار جدلًا واسعًا بترويج "عقوبات" و"غرامات" محتملة تجاه مخالفي التوجيه الملكي.

لا عقوبة بدون نص

يرى المحامي بهيئة الدار البيضاء (غرب)، شعيب حارث، أن "مسألة التجريم وسنّ العقوبات لا يمكن أن تكون إلا في إطار القانون، باعتباره هو الذي يقوم بتجريم الأفعال ووضع عقوبات لها تطبيقًا لمبدأ النصية؛ أي لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص كواحد من أهم المبادئ التي ينبني عليها القانون الجنائي".

مع اقتراب عيد الأضحى، يشهد المغرب تفشيًا لحملات الشراء السري للأضاحي، مع إصرار بعض المواطنين على ذبح الأضحية، ما أثار جدلًا واسعًا بترويج "عقوبات" و"غرامات" محتملة

وأبرز حارث في حديثه لـ"الترا صوت"، أنه "يمكن لبعض النصوص  القانونية الأخرى أن تسع لبعض الممارسات التي ستتخلل مخالفة هذا القرار من قبيل مقتضيات القانون 28.07 المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، بخصوص من يذبح في أماكن غير مرخصة أو خارج المجازر القانونية، وكذا من يقوم بنقل اللحوم بطريقة سرية وفي ظروف غير صحية لا تحترم معايير السلامة".

ولفت المحامي بهيئة الدار البيضاء إلى أن "قرار الملك يستند إلى الصفة الدينية للملك كأمير للمؤمنين، بشكل يكون معه لهذا التوجيه طابعًا إلزاميًا من الناحية الشرعية دون الحاجة إلى إلزام قانوني، ولاسيما في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر منها المغرب، والتي من شأن الامتثال لهذا القرار الملكي، أن ينعكس إيجابًا على المواطنين".

تعامل غير منطقي

في تعليقه على إصرار بعض المغاربة على شراء أضاحي العيد وذبحها، اعتبر رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، أن "تعامل المستهلك المغرب هو تعامل غير منطقي، وفيه نوع من السكيزوفرينيا، مما يتطلب التدخل للحدّ من التجاوزات إذا أردنا الحفاض على السيادة الغذائية".

وقال الخراطي في تصريح لـ"الترا صوت": "الغريب في الأمر هو أنه كل من كان يندّد بارتفاع أسعار أضحية العيد، أصبح يتهافت على شراء الغنم واقتناء لحومها، مما تسبب في ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء. وهو سلوك مرفوض جملة وتفصيلًا".

وأضاف الفاعل المغربي في حماية المستهلك، أن "الهدف من خطاب الملك محمد السادس، هو حماية القطيع الوطني، ورحمة بالطبقة الهشة التي يصعب عليها اقتناء الأضحية".

تهديد لإعادة تشكيل القطيع

يؤكد رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، علي الغنبوري، أن إصرار بعض المواطنين على شراء أضحية العيد سرًا، يعد "تهديدًا مباشرًا لمسار إعادة تشكيل القطيع الوطني الذي باشرت الحكومة في تنزيله، عقب سنوات من الجفاف، وارتفاع كلفة الأعلاف، وتراجع أعداد رؤوس الماشية بأزيد من 38%".

وسجل الغنبوري في حديثه لـ"الترا صوت"، أن "هذه الممارسات تضرب في العمق، الجهود المبذولة لإعادة التوازن داخل المنظومة الإنتاجية، خاصة إذا استهدفت الإناث أو المواشي المخصصة للتوالد، مما يعيق عملية تجديد القطيع ويفرغ السياسات العمومية من مضمونها".

كما يتوقع الخبير في الاقتصاد الاجتماعي، أن "تؤدي موجات الذبح غير المنظم إلى استنزاف الفئات الحيوية من القطيع، مما سيفاقم الضغط على العرض في السوق الوطنية ويرفع أسعار اللحوم بشكل غير مسبوق، ويكرس التبعية للاستيراد الخارجي".

جفاف وتأثيرات على القطيع

يشهد المغرب للعام السابع على التوالي، أزمة جفاف أثرت بشكل كبير على قطاع الزراعية، ومنها القطيع الوطني للماشية الذي تأثر بشدة، رغم كل الإجراءات الحكومية الخاصة باستيراد الماشية ودعم قطاع الإنتاج الحيواني على الصعيد الوطني.

وأعلن وزير الفلاحة أحمد بواري، في مؤتمر صحافي يوم 13 شباط/فبراير الماضي، أن القطيع الوطني من الماشية تراجع بنسبة 38% مقارنة مع عام 2016، التي شهدت آخر إحصاء وطني للفلاحة.

وأشار الوزير الوصي، أن هذا التراجع أثر بشكل كبير على إنتاج اللحوم في البلاد، إذ انخفضت رؤوس الماشية المذبوحة من 230 ألف رأس خلال السنوات العادية إلى 150 ألف رأس حاليًا.