15-أبريل-2025
تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة (رويترز)

تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة (رويترز)

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي شنّ هجماتها المكثفة على مختلف مناطق قطاع غزة، مستهدفةً منازل المدنيين ومراكز النزوح، في ظلّ وضع إنساني هو الأسوأ منذ بدء العدوان في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، حسب الأمم المتحدة.

قصف متواصل وضحايا مدنيون في غزة

أفادت مصادر محلية، صباح الثلاثاء، باستشهاد 8 فلسطينيين جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ فجر اليوم.

أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن الوضع الإنساني في غزة هو "الأسوأ على الأرجح" منذ بداية العدوان

فقد استشهد فلسطيني وأصيب آخرون إثر قصف طائرات الاحتلال لمنزل في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، كما ارتقى ثلاثة شهداء في غارة استهدفت مخيمًا للنازحين في بيت لاهيا شمال القطاع. وسقط عدد من الجرحى عقب استهداف خيمة للنازحين شمال غرب خانيونس، فيما أسفر قصف آخر على منزل في منطقة التحلية جنوب المدينة عن سقوط شهداء وجرحى.

وفي رفح، جنوب القطاع، نفّذ جيش الاحتلال عمليات تفجير لعدد من المباني بالتزامن مع قصف مدفعي متواصل استهدف أطراف المدينة.

الوضع الإنساني في ذروة التدهور

أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن الوضع الإنساني في غزة هو "الأسوأ على الأرجح" منذ بداية العدوان، مشيرًا إلى أن أكثر من شهر ونصف مر دون السماح بدخول أي إمدادات إنسانية عبر المعابر. ونبّه البيان إلى أن النقص الحاد في الإمدادات الغذائية والدوائية دفع السلطات إلى ترشيد وتقليص عمليات التوزيع.

وقالت وزارة الصحة في غزة إن مئات المرضى والجرحى يواجهون أوضاعًا صحية كارثية بسبب نفاد الأدوية وإغلاق المعابر، ما يفاقم من معاناتهم اليومية ويهدد حياتهم بشكل مباشر.

وأضافت الوزارة أن مرضى السرطان والفشل الكلوي وأمراض القلب هم الأكثر تضررًا من هذا النقص الحاد، في ظل عجز المستشفيات عن توفير العلاجات الأساسية اللازمة لحالاتهم المزمنة والحرجة.

وفي هذا السياق، طالبت الوزارة المنظمات الدولية والإنسانية بممارسة ضغوط عاجلة على سلطات الاحتلال، من أجل السماح الفوري بدخول الإمدادات الطبية الحيوية، وإدخال مستشفيات ميدانية للمساهمة في التخفيف من الأزمة الصحية المتفاقمة في القطاع المحاصر.

حماس تدرس المقترح الجديد بشروط واضحة

وفي سياق الجهود السياسية لتوصل لصفقة تبادل ووقف لإطلاق النار في غزة، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنها تدرس بعناية المقترح الذي تلقته من الوسطاء، مؤكدة أنها ستقدم ردّها الرسمي عليه فور انتهاء المشاورات.

وشددت الحركة في بيانها على أن أي اتفاق يجب أن يتضمن وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وانسحابًا كاملًا لقوات الاحتلال، وإبرام صفقة تبادل حقيقية، وبدء عملية إعمار شاملة، ورفع الحصار عن غزة.

من جانبه، صرّح رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس في الخارج، سامي أبو زهري، أن الحركة منفتحة على أي عروض تخفف من معاناة الشعب الفلسطيني، لكنه شدد على أن ما يطرحه نتنياهو هو "اتفاق استسلام"، مضيفًا أن الاحتلال لا يعلن التزامه بوقف الحرب ويريد فقط استعادة الأسرى.

وأوضح أبو زهري أن نزع سلاح المقاومة ليس مطروحًا للنقاش ولن يتحقق، معتبرًا أن بقاء سلاح المقاومة مرتبط ببقاء الاحتلال، وهو موجود لحماية الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.

الاحتلال يربط صفقة التبادل بتكثيف الضغط العسكري

في المقابل، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول أمني إسرائيلي أن تل أبيب تطالب بالإفراج عن 9 أو 10 رهائن أحياء، بينما تقبل حماس بإطلاق سراح 7 أو 8 فقط. وأضاف المصدر أن الضغط العسكري بدأ يُؤتي ثماره، مدعيًا أن الغذاء والوقود في غزة سينفدان خلال أسابيع، وأن الضغط المركّب سيؤدي في النهاية إلى صفقة.

من جهتها، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، إن نتنياهو أبلغ والدة محتجز أنه سيُطلق سراح نحو 10 محتجزين أحياء منهم عيدان ألكسندر. وأبلغ والدة المحتجز أن حماس وحدها التي تحدد قوائم المحتجزين الممكن الإفراج عنهم.

رسائل في داخل إسرائيل تطالب بوقف الحرب

تصاعدت الدعوات داخل إسرائيل لوقف الحرب وإعادة "المخطوفين"، إذ كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن نحو 200 من عائلات المحتجزين ونشطاء نشروا رسالة دعم للجنود والطيارين الذين دعوا إلى وقف العمليات العسكرية. وتضمنت الرسالة انتقادات حادة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، متهمين إياه بعرقلة مقترح أميركي والتضحية بـ59 محتجزًا إسرائيليًا.

كما وقع نحو 200 جندي، بينهم أفراد سابقون في وحدة تابعة لسلاح البحرية، رسالة تطالب بالإفراج عن المحتجزين. من جانبه، أكد موقع "واللا" أن مئات من جنود الاحتياط، لا سيما من وحدات "السايبر" الهجومي والعمليات الخاصة، طالبوا نتنياهو بوقف الحرب، متهمين إياه بالتحريض على سلطات إنفاذ القانون وتعريض أمن مسؤوليها للخطر.

وانضم آلاف من العسكريين والمدنيين إلى عرائض تطالب بوقف العمليات العسكرية حفاظًا على حياة الجنود وإعادة المحتجزين.

في السياق نفسه، قالت صحيفة "هآرتس" إن 3500 أكاديمي إسرائيلي وقعوا على عريضة تدعو إلى إعادة المحتجزين، حتى ولو تطلّب ذلك وقف الحرب فورًا، مؤكدين أن الاتفاق السياسي هو الطريق الوحيد لإعادتهم أحياء.

هذا الغضب الداخلي يسلط الضوء على عمق الانقسام داخل إسرائيل بشأن استمرار الحرب على غزة، ويعكس حجم الضغوط المتزايدة على الحكومة في ظل تدهور الوضع الإنساني في غزة وتراجع فاعلية الخيار العسكري في تحقيق أهدافه المعلنة.