كارثة إنسانية في السودان.. حصار وتجويع وانتهاكات جسيمة في الهلالية
4 ديسمبر 2024
تشهد مدينة الهلالية بولاية الجزيرة السودانية كارثة إنسانية، نتيجة الحصار والانتهاكات الجسيمة التي تمارسها قوات الدعم السريع منذ أسابيع. ويعيش سكان المدينة، البالغ عددهم أكثر من 80 ألف نسمة، أوضاعًا مأساوية بعد فرض حصار خانق منعهم من الخروج أو الحصول على الغذاء والعلاج، مع احتجاز البعض كرهائن مقابل فدية مالية باهظة تصل إلى 10 ملايين جنيه سوداني (حوالي 16 ألف دولار).
وتعرض سكان المدينة لعمليات قتل ممنهج ونهب، شملت المستشفى والصيدليات والأسواق، مما أدى إلى وفاة أكثر من 500 شخص نتيجة العنف أو الأمراض، وفق ما أفادت به مصادر لموقع "العربي الجديد". ويُعتقد أن حالات تسمم غذائي أو تلوث مياه الشرب فاقمت الأزمة الصحية، في ظل نقص الأدوية والكوادر الطبية، حيث يعمل فقط عدد قليل من الأطباء المتطوعين.
ومع منع الخروج من المدينة، اضطر بعض السكان للفرار سيرًا على الأقدام لمسافات طويلة، ووصل حوالي 400 نازح إلى مدينة أبو عشر المجاورة في حالة صحية حرجة، بسبب الجوع والإرهاق، مما أدى إلى وفاة عدد منهم فور وصولهم. وأكد شهود عيان لـ"العربي الجديد" أن الجثث تُدفن على ضفاف النيل الأزرق، دون مراعاة الطقوس الدينية المعتادة بسبب نقص الأكفان.
تشهد مدينة الهلالية بولاية الجزيرة السودانية كارثة إنسانية، نتيجة الحصار والانتهاكات الجسيمة التي تمارسها قوات الدعم السريع منذ أسابيع
وأفادت تقارير بأن قوات الدعم السريع تنتهج سياسة ممنهجة للتجويع والترهيب، حيث يتم نهب المحاصيل الزراعية، وتعطيل شبكات المياه والكهرباء، وارتكاب أعمال عنف جنسي، وتنفيذ إعدامات ميدانية. وأكد "مؤتمر الجزيرة" أن تلك الانتهاكات ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي.
حيث قال مسؤول الدائرة القانونية في "مؤتمر الجزيرة"، عادل النافع، لـ"العربي الجديد"، إن "الانتهاكات تشمل القتل المتعمد، والتسميم الجماعي، كما يتعرض مدنيون عُزّل لإطلاق النار المباشر في عمليات إعدام ميداني جماعي تنم عن سياسة ممنهجة للإهلاك".
وتشمل الانتهاكات أيضًا وفق عادل النافع النهب الممنهج للأسواق والمحال التجارية والمحاصيل الزراعية، والتي تعد المصدر الأساسي للغذاء، واستخدام سلاح التجويع، وإتلاف شبكات المياه والكهرباء، وتعطيل مطاحن الغلال، إضافة إلى نهب الثروة الحيوانية، فضلاً عن ارتكاب أفراد المليشيا لجرائم عنف جنسي، واستهدافهم النساء والفتيات.
ووفقًا لمسؤول الدائرة القانونية في "مؤتمر الجزيرة"، فإن "كل تلك الوقائع يمكن أن تصنف جرائمَ ضد الإنسانية، وجرائمَ حرب، ويمكن أن ترتقي إلى مستوى جرائم الإبادة وفق القانون الدولي".
وطالبت شبكة أطباء السودان بفتح ممرات إنسانية عاجلة لإجلاء المدنيين وتوفير الغذاء والرعاية الطبية. كما دعت إلى تدخل المنظمات الدولية مثل الهلال الأحمر والصليب الأحمر. في المقابل، تواصل قوات الدعم السريع فرض قيود صارمة على الحركة، مما يزيد من معاناة السكان يومًا بعد يوم.
وتحدث شهود من داخل المدينة لموقع "العربي الجديد" عن انتشار اليأس والانهيار النفسي بين الأهالي، وعبّرت هنادي المشرف، وهي من سكان الهلالية، عن فقدانها أكثر من 50 شخصًا من عائلتها بسبب الحصار. كما أشارت هالة النور، وهي نازحة من الهلالية، إلى وفاة العديد من أقاربها، مؤكدة أن المدينة تحولت إلى "سجن كبير" يفتقد أدنى مقومات الحياة.