لليوم العاشر على التوالي.. احتجاجات حركة "جيل زد 212" تتواصل في مدن مغربية عدة
7 أكتوبر 2025
تواصلت لليوم العاشر على التوالي احتجاجات حركة "جيل زد 212" في المغرب، فيما لاحظت وكالة "فرانس برس" أنه مع اتساع رقعة التظاهرات جغرافيًا، تتراجع أعداد المشاركين نسبيًا، في مؤشر على تحديات التعبئة التي لا تزال الحركة تعتمد فيها أساسًا على منصات التواصل الاجتماعي، ولا سيما منصة "ديسكورد" التي تضم أكثر من 185 ألف عضو.
وجاءت احتجاجات مساء الإثنين استجابةً لدعوة الحركة إلى تنظيم مظاهرات "مليونية" في 23 مدينة مغربية، إلا أنّ الحركة –بحسب مراقبين– ما تزال بعيدة عن تحقيق هذا الهدف، وقد تحتاج إلى ابتكار آليات جديدة للتعبئة والحشد للحفاظ على زخمها الشعبي، خاصة وأن عامل الوقت لا يصب في مصلحتها.
ورفع المحتجون شعارات الحركة المعروفة، وفي مقدمتها تحسين أوضاع الصحة والتعليم، ومحاربة الفساد ومحاسبة المتورطين فيه، وتعزيز العدالة الاجتماعية، إضافةً إلى المطالبة بالحرية والكرامة ورحيل رئيس الحكومة عزيز أخنوش.
جاءت احتجاجات مساء الإثنين استجابةً لدعوة الحركة إلى تنظيم مظاهرات "مليونية" في 23 مدينة مغربية،
رفض الحوار مع الحكومة وتوجيه الخطاب مباشرة إلى الملك
وكان رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش قد أطلق مبادرة للحوار مع المحتجين، داعيًا إياهم إلى "نقل العمل من الفضاء الافتراضي إلى الميدان والمؤسسات"، غير أنّ الحركة رفضت العرض، مؤكدة تشبّثها بمطالبها ورافضة الجلوس مع حكومة تعتبرها "جذر الأزمة" التي لم يعد إصلاحها ممكنًا.
اللافت أن حركة "جيل زد 212" لا تخاطب الحكومة في بياناتها، بل تتوجه مباشرة إلى الملك محمد السادس، مطالبة إياه في بيانها الصادر الخميس الماضي بـإقالة الحكومة الحالية "لفشلها في حماية الحقوق الدستورية للمغاربة والاستجابة لمطالبهم الاجتماعية". وأكدت الحركة لاحقًا عزمها إصدار "صيغة رسمية نهائية لمطالبها" موجهة إلى الملك.
مظاهرات واسعة وهتافات ضد الفساد وسوء الإدارة
شهدت مدن عدة مساء الإثنين، من بينها الرباط والدار البيضاء وطنجة وتطوان وتارودانت وأكادير ومراكش وفاس ومكناس ووجدة والناظور وسلا والعيون وآسفي والقنيطرة وورزازات، مظاهرات متزامنة استجابة لدعوة الحركة.
وفي ساحة باب الأحد وسط العاصمة الرباط، ردد المتظاهرون هتافات ضد الفساد وسوء الإدارة، أبرزها: "قولوا لتجار الفساد.. هذه البلاد المنسية.. الشباب قرر المصير.. اليوم اختار التضحية"، و"أنا مغربي أنا بالهوية والسلالة.. استحالة نرضى بهذه الحالة"، إلى جانب شعارات: "حرية، كرامة، عدالة اجتماعية"، و"الشعب يريد رحيل أخنوش"، و"الشعب يريد إسقاط الفساد".
وقال أحد المشاركين في الاحتجاجات، مفضّلًا عدم كشف هويته، إنّ "مطالب الحراك بسيطة وواضحة منذ البداية: تعليم جيد، ونظام صحي حقيقي لأبناء الشعب، ومحاربة الفساد الذي يعشش في أروقة الحكومة، بينما تظل قضايا الفساد مجمدة في رفوف القضاء بسبب النفوذ السياسي وضعف الإرادة الحكومية".
التزام بالسلمية رغم التوترات الأمنية
أكدت الحركة والمشاركون في بياناتهم وتصريحاتهم التزامهم الكامل بسلمية الحراك، وحرصهم على عدم تعطيل حياة المواطنين أو قطع الطرقات.
غير أن الأسبوع الأول من الاحتجاجات شهد بعض الاضطرابات بسبب الصدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن، وأسفرت مواجهات الثلاثاء الماضي في منطقة القليعة بعمالة إنزكان أيت ملول عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة عشرات الجرحى.
وفي الدار البيضاء، التي تُعرف بأنها العاصمة الاقتصادية للمغرب، احتشد مئات المحتجين في ساحة الحمام وسط المدينة، مرددين شعارات تدعو إلى تحسين الخدمات الاجتماعية ومحاسبة المفسدين ورحيل الحكومة.
جذور الحراك وتداعياته
انطلقت احتجاجات حركة "جيل زد 212" في 27 أيلول/سبتمبر الماضي عقب حادثة مأساوية هزّت الرأي العام المغربي، تمثلت في وفاة ثماني سيدات حوامل في المستشفى العمومي بمدينة أغادير أثناء عمليات ولادة قيصرية.
وقد أشعلت الحادثة موجة غضب شعبية واسعة، تحولت سريعًا إلى حراك شبابي منظم يتغذى على السخط المتراكم من سوء الخدمات العامة، وغياب العدالة الاجتماعية، وتفشي الفساد، واستمرار أزمة الثقة بين الشباب والمؤسسات السياسية.
ومع دخول احتجاجات "جيل زد 212" أسبوعها الثاني دون توقف، يبدو أن المغرب أمام منعطف جديد في علاقة الأجيال الشابة بالسياسة،إذ يعبّر الحراك عن وعي جماعي متنامٍ يسعى لتغيير قواعد المشاركة العامة وفرض أجندة اجتماعية أكثر عدالة ومساءلة.