11-يناير-2025
أدى مادورو اليمين الدستوري لولاية رئاسية ثالثة

(Getty) أدى مادورو اليمين الدستوري لولاية رئاسية ثالثة

أدى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، أمس الجمعة، اليمين الدستورية لولاية رئاسية ثالثة تستمر ستة أعوام، وذلك بعد نزاع استمر ستة أشهر بشأن نتائج الانتخابات التي أكد مراقبون دوليون أنها لم تكن ديمقراطية، بينما تصر المعارضة على أن مرشحها، إدموند غونزاليس، حقق فوزًا ساحقًا فيها. 

يأتي ذلك في ظل استمرار الرفض الدولي لنتائج الانتخابات التي لم تُنشر تفاصيلها، وتَتهِم دول عدة مادورو بسرقتها، سيما الولايات المتحدة الأميركية التي لا تزال تعترف بغونزاليس رئيسًا شرعيًا لفنزويلا. 

وردت إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، على تنصيب مادورو رئيسًا لولاية ثالثة بفرض عقوبات جديدة شملت الأخير وعددًا من المسؤولين الحكوميين الحاليين والسابقين، حيث زادت المكافأة المعلنة للقبض على مادورو من 15 مليون دولار إلى 25 مليون دولار، وأعلنت كذلك عن مكافأة قدرها 25 مليون دولار لوزير الداخلية ديوسدادو كابيلو، وأخرى قدرها 15 مليون دولار لوزير الدفاع فلاديمير بادرينو.

يمثّل بقاء نيكولاس مادورو في السلطة خيبة أمل كبيرة للمعارضة وأنصارها، ويثبت قدرة نظامه على مواصلة فرض هيمنته على المشهد السياسي في فنزويلا

شملت العقوبات أيضًا 8 مسؤولين حكوميين بارزين، بينهم رئيس شركة النفط الوطنية (PDVSA) هيكتور أوبريجون. وبالتزامن مع العقوبات الأميركية، فرضت بريطانيا والاتحاد الأوروبي عقوبات تستهدف 15 مسؤولًا فنزويليًا، بما في ذلك أعضاء المجلس الوطني للانتخابات وقوات الأمن، فيما أعلنت كندا عن عقوبات تستهدف 14 مسؤولًا حاليًا وسابقًا. 

موقف المعارضة الفنزويلية

رفضت المعارضة الفنزويلية نتائج الانتخابات الرئاسية، مصرّةً على أن مرشحها حقق فوزًا ساحقًا فيها. وتعرضت المعارضة خلال الأشهر الأخيرة بعد الانتخابات لحملة قمع وتضييق واسعة من قِبل الحكومة، أسفرت عن اعتقال شخصيات بارزة منها، إضافةً إلى محتجين. 

وهددت الحكومة باعتقال مرشح المعارضة السابق، غونزاليس، إذ عاد من منفاه في إسبانيا. وكان الأخير قد فرّ من البلاد عقب إعلان فوز مادورو في الانتخابات، ووعد هذا الأسبوع، خلال جولة قصيرة قام بها في الأميركيتين، بالعودة إلى فنزويلا. لكن زعيمة المعارضة، ماريا كورينا ماتشادو، قالت أمس الجمعة إن الوقت لا يزال غير مناسب لعودته.

وتواصل ماتشادو قيادة المعارضة الفنزويلية ضد نيكولاس مادورو، معتبرةً أن فوزه تعزيزًا لانقلابه على الديمقراطية وانتهاكًا للدستور، داعيةً إلى الاحتجاجات والقيام بكل ما هو ضروري لاستعادته. 

وقالت إن غونزاليس سيعود: "لأداء اليمين كرئيس دستوري لفنزويلا في الوقت المناسب" مضيفةً أنه: "ليس من الممكن لإدموند دخول فنزويلا [اليوم]. لقد طلبت منه عدم القيام بذلك لأن نزاهته أساسية للهزيمة النهائية للنظام والانتقال إلى الديمقراطية، وهو أمر قريب جدًا"، بحسب قولها.

مواطن فنزويلي يرفع صورة مرشح المعارضة إدموند غونزاليس أمام سفارة بلاده في البيرو
مواطن فنزويلي يرفع صورة مرشح المعارضة إدموند غونزاليس أمام سفارة بلاده في البيرو (Getty)

ما الذي يعنيه بقاء مادورو في السلطة؟

يمثّل بقاء نيكولاس مادورو في السلطة خيبة أمل كبيرة للمعارضة وأنصارها، ويثبت قدرة نظامه على مواصلة فرض هيمنته على المشهد السياسي في فنزويلا، وذلك على الرغم الاحتجاجات والأوضاع الاقتصادية السيئة، عدا عن الضغوط والانتقادات الدولية، بما في ذلك من الدول المقربة منه مثل البرازيل. 

ويُعد بقاؤه في السلطة دليلًا على فشل العقوبات الاقتصادية الأميركية والغربية عمومًا في الإطاحة بنظامه. ويرى معارضوه أن استمراره يعني مواصلة التضييق على الحريات وتزايد الاعتقالات وانعدام أي أفق لتغيير سياسي حقيقي في فنزويلا، إضافةً إلى حالة عدم الاستقرار التي تنعكس سلبًا على حياة الفنزويليين. 

في هذا السياق، لن تختلف ولاية مادورو الجديدة عن سابقاتها لناحية الاقتصاد والأوضاع المعيشية، إذ قد تؤدي العقوبات الأميركية والدولية الجديدة على نظامه، والتي قد تتصاعد مستقبلًا، إلى تعميق الأزمة الاقتصادية وتدهور مستوى المعيشة، خاصةً أن العقوبات تؤثر بشكل مباشر على قطاع النفط  الذي يعتبر شريان الاقتصاد الفنزويلي. 

وستؤدي هذه الأوضاع إلى استمرار التضخم والبطالة، مما يعني ازدياد هجرة الفنزويليين بحثًا عن فرص عمل ومستقبل أفضل، وبالتالي تفاقم أزمة الهجرة في المنطقة. وقد يؤثر ذلك على سياسات الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، تجاه فنزويلا لكونه معادٍ للهجرة، وتعهد خلال حملته الانتخابية بتنفيذ أكبر حملة ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة. 

في ضوء ما سبق، تمثّل ولاية مادورو الثالثة امتدادًا للأزمات التي شهدتها سابقاتها، مع احتمالية أن تتصاعد بشكل أكبر، ما يزيد من معاناة الفنزويليين.