10-ديسمبر-2024
أسلحة كيميائية سورية

ملصقان لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في دوما بدمشق في أبريل 2018 (رويترز)

عاد الحديث بشأن ترسانة الأسلحة الكيميائية التي كان يملكها النظام السوري السابق، بعد انسحاب قواته من مواقعها وقواعدها العسكرية، وهروب رئيس النظام المخلوع، بشار الأسد، إلى روسيا، على إثر الوصول الدراماتيكي لمقاتلي إدارة العمليات التابعة لفصائل المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق، وسط ذهول الأطراف الدولية على الانهيار السريع والمفاجئ لقوات النظام بعد هروب القادة العسكريين من القطع العسكرية التي كانوا يشرفون عليها.

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد شن خلال اليومين الماضيين عشرات الغارات التي استهدفت بصواريخ شديد الانفجار عبر الجو والبحر مراكز البحوث العلمية التي كان يديرها النظام السوري السابق، بالإضافة إلى مستودعات ذخيرة وأسلحة، ومقر إدارة الحرب الإلكترونية، وكذلك قواعد سلاح الجو السوري، وقواعد عسكرية أخرى في مختلف الأراضي السورية.

ونقل موقع "العربي الجديد" عن الباحث في مركز "جسور للدراسات"، وائل علوان، ترجيحه أن "الغارات الإسرائيلية سوف تتوسع على الأهداف العسكرية الثقيلة وعالية الخطورة مثل مستودعات الصواريخ ومستودعات الأسلحة الكيميائية ومستودعات تطوير الأسلحة والمختبرات سلاح الطيران والدفاع الجوي، وستعمل إسرائيلي على تدميره بشكل واسع وكبير جدًا".

عاد الحديث بشأن ترسانة الأسلحة الكيميائية التي كان يملكها النظام السوري السابق، بعد انسحاب قواته من مواقعها وقواعدها العسكرية

وقبل نحو يومين من إطلاق فصائل المعارضة السورية لعملية "رد العدوان"، أعرب المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فرناندو أرياس، في 25 تشرين الثاني/نوفمبر عن "قلقه الشديد" بشأن مخزونات سوريا المحتملة من الأسلحة الكيميائية، مضيفًا أن "كميات كبيرة من عناصر أسلحة كيميائية أو ذخائر كيميائية قد تكون غير معلنة أو لم يتم التحقق منها" في سوريا، مشيرًا إلى أنه "على الرغم من العمل المكثّف منذ أكثر من عقد، ما زال من غير الممكن إغلاق ملف الأسلحة الكيميائية في الجمهورية العربية السورية".

ووثق محققو المنظمة الدولية استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية في 73 حالة منذ عام 2011، وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، خلص المحققون إلى أن الأسلحة الكيميائية استخدمت أو من المرجح أنها استخدمت في 20 حالة، مضيفة أنه استخدم في 14 حالة المادة الكيميائية الكلورن بالإضافة استخدام غاز السارين في ثلاث حالات أخرى، ومثلها غاز الخردل.

ومن بين الحالات التي استخدم فيها النظام السوري السابق الأسلحة الكيميائية، كان الهجوم الذي استهدف الغوطة الشرقية في ريف دمشق في آب/أغسطس 2013، مما أسفر عن سقوط ما يزيد على ألف قتيل، وهو ما أجبر على انضمام النظام السوري السابق إلى المنظمة الدولية بضغط روسي وأميركي، الأمر الذي منع إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، من توجيه ضربة جوية لقواعد قوات النظام حينها.

وأعلنت المنظمة الدولية عن الإزالة الكاملة لـ1300 طن من الأسلحة الكيميائية من سوريا وتلفها، وهي التي صرح عنها النظام السوري السابق، لكن المنظمة تقول إن إعلان سوريا الأولي عام 2013 كان مليئًا بـ"الثغرات والتناقضات"، قبل أن تحرم المنظمة نظام الأسد المخلوع من حق التصويت في 2021، بعد توصل تحقيق أجرته إلى استخدام غاز السارين على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.

وتقول الوكالة الفرنسية إن النظام السوري السابق فشل في الالتزام بمهلة التسعين يومًا للتصريح عن الأسلحة المستخدمة في الهجمات، والكشف عن مخزوناتها المتبقية، والامتثال لعمليات التفتيش التي تقوم بها المنظمة الدولية.

وتوصلت المنظمة الدولية إلى أن قوات النظام السابق استخدمت غاز السارين وغاز الكلور في ثلاث هجمات على قرية اللطامنة في ريف حماة في العام 2017، بالإضافة إلى إلقاء مروحية تابعة لقوات الأسد قنبلة كلور على مدينة سراقب بريف إدلب أثناء سيطرة فصائل معارضة عليها في العام 2018.

ووفقًا للوكالة الفرنسية، فإن المنظمة الدولية طرحت 26 مسألة منفصلة بشأن المخزونات المحتملة للأسلحة الكيميائية في سوريا منذ عام 2014، لم يتم حل سوى سبع منها، بحسب "بعثة لتقصي الحقائق" الخاصة بسوريا التي أنشأتها المنظمة الدولية في 2014. كما أنها أنشأت أيضًا بعثة ثانية باسم "فريق التحقيق وتحديد الهوية"، من أجل تحديد المسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيميائية.

وتقول الوكالة الفرنسية إن التحليل الجنائي للمنظمة الدولية خلص بعد إجراء مقابلات مع شهود واختبارات طبية على الضحايا إلى أن قوات النظام قبل هروب الأسد كانت وراء ثلاث هجمات، بما في ذلك شنها هجومًا بغاز الكلور على مدينة دوما أثناء سيطرة فصائل معارضة عليها في العام 2018، مما أسفر عن مقتل 43 شخصًا.

وعقب التقدم السريع لفصائل المعارضة السورية الذي سمح لها بالسيطرة على عشرات المواقع والقواعد العسكرية التابعة للنظام السابق، قالت حكومة الإنقاذ في شمال غرب سوريا في بيان: "نؤكد بكل وضوح أننا لا نمتلك أي نية أو رغبة في استخدام الأسلحة الكيميائية أو أي أسلحة دمار شامل في أي ظرف من الظروف"، معربة عن استعدادها "للتعاون مع المجتمع الدولي في كل ما يتعلق بمراقبة الأسلحة والمواقع الحساسة".

 ونقلت الوكالة الفرنسية عن مسوؤل رفيع المستوى في الإدارة الأميركية قوله: "نبذل كل ما في وسعنا لضمان أن هذه المواد.. إما غير متاحة لأي طرف أو يتم الاشراف عيها". فيما أشار الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، ليني فيليبس، إلى أن بيان حكومة الإنقاذ يظهر "يريدون نوعًا ما من التدخل الخارجي لمساعدتهم إما على إزالة تلك الأسلحة الكيميائية أو تدميرها".

وكان "العربي الجديد" قد نقل عن مصادر أهلية ووسائل إعلام أنه تم العثور على جثة عالم الكيمياء السوري البارزن الدكتور حمدي إسماعيل ندى، مقتولًا داخل منزله في العاصمة السورية، وذلك وسط حالة الفوضى التي خلفها سقوط نظام الأسد، مشيرًا إلى أن عملية الاغتيال تحيطها ظروف غامضة، ويعتبر ندى من أبرز علماء الكيمياء في سوريا، حيثُ كانت له إسهامات كبيرة في تطوير الأبحاث الكيميائية على المستوى المحلي والدولي.

[view:embedded_view=node_content=129727,129707