28-نوفمبر-2024
مرتزقة كولومبيون في السودان

سودانيون نازحون من غرب دارفور إلى مدينة أدري في تشاد (رويترز)

كشفت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح في السودان، وهي مجموعة حركات وقّعت على اتفاقية سلام مع الحكومة السودانية، عن عثورها على أوراق ثبوتية تعود لمقاتلين أجانب قُتلوا خلال اشتباكات جرت في وقت سابق من العام الجاري، وهو ما اعتبره محللون عسكريون "تصعيدًا تكتيكيًا" يهدف إلى رفع القدرات القتالية لقوات الدعم السريع.

ووفقًا لموقع "ألترا سودان"، بثت القوة المشتركة مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي تُظهر أوراقًا ثبوتية وشخصية تخص كولومبيين. ونقل الموقع عن متحدث باسم القوة قوله إن المرتزقة الكولومبيين "قُتلوا في منطقة المثلث الحدودي مع تشاد وليبيا، ضمن قوة كانت تحاول إيصال إمدادات لقوات الدعم السريع في ولاية شمال دارفور".

وقال الرئيس الكولومبي، غوستافو بيترو، في منشور على منصة "إكس"، أمس الأربعاء، إنه "ينبغي على العسكريين الكولومبيين التمتع بمستوى معيشي أفضل"، مضيفًا أن "المسؤولين عن استغلال دماء الشباب المسفوكة مقابل المال في بلدان أجنبية يجب أن يُعاقبوا جنائيًا". كما طالب وزارة الخارجية الكولومبية بالبحث عن وسائل لإعادة "الشباب الذين تعرضوا للخداع".

بثت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح في السودان مقاطع فيديو تظهر أوراقًا ثبوتية وأخرى شخصية تخص كولومبيين

ووفقًا لبيان القوة المشتركة الذي صدر قبل أيام، قُتل المرتزقة الكولومبيون أثناء نقلهم إمدادات عسكرية لقوات الدعم السريع، موضحًا أن الإمدادات شملت "أسلحة متطورة، و25 سيارة دفع رباعي جديدة، وسبع عربات مصفحة"، بالإضافة إلى "كميات كبيرة من الذخائر والأسلحة الثقيلة، التي قالت إنها تتبع للقوات المسلحة الإماراتية".

وأضافت القوة المشتركة أنها ضبطت خلال العملية ذاتها "صواريخ كورنيت المضادة للدروع كانت متجهة إلى داخل السودان". وأشارت إلى أنه تم العثور على جوازات سفر أجنبية وبطاقات مصرفية وصور عائلية تخص مرتزقة أجانب، من بينهم مواطنون كولومبيون، بحسب "ألترا سودان".

في هذا السياق، اتهم المحلل العسكري حسام ذو النون، في حديث لـ"العربي الجديد"، الإمارات بـ"الاستمرار في مساعيها لإنقاذ عملائها وأدواتهم عبر إشعال حرب شعواء ضد الشعب السوداني، وتحويل السودان إلى بيئة خصبة لاستقطاب المرتزقة من مختلف الدول الأفريقية". وأضاف أنها "انتقلت الآن إلى خطوة أخرى بفتح الباب للمرتزقة الدوليين".

ويرى ذو النون أن الاستعانة بمقاتلين مرتزقة من دول أفريقية عدة، إضافة إلى المرتزقة الكولومبيين، تحمل دلالات متعددة. من أبرزها ما وصفه بـ"تصعيد تكتيكي" يهدف إلى رفع القدرات القتالية لقوات الدعم السريع، بعد أن كسر الجيش السوداني، بمساندة مختلف القوات النظامية والمدافعين من أبناء السودان، القوة الصلبة للمليشيا ودمر قدراتها القتالية. وأضاف أن "هزيمتها أصبحت مسألة وقت لا أكثر"، مما دفع إلى "رفد المليشيا بمرتزقة محترفين لإيقاف مد الهزائم وحمايتها من الزوال".

وأرجع ذو النون النقص العددي في صفوف مقاتلي الدعم السريع إلى "العمليات العسكرية والاستراتيجية التي اتبعها الجيش السوداني"، مشيرًا إلى أن هذا النقص "لم يعد أمرًا يمكن إخفاؤه أو تغطيته بالحركات المستمرة التي تُظهر المليشيا بحجم وقدرات أكبر من واقعها". وأضاف أن "الحدود الشاسعة للسودان وغياب الرقابة جعلا البلاد محطة جذب لمجموعات تقاتل لأجل المال، خاصة مع الدعم الخارجي السخي الذي يحصلون عليه".

وختم ذو النون حديثه لـ"العربي الجديد" محذرًا من أن "فتح بوابة الارتزاق الدولي سيزيد من تعقيد الأزمة، ويجعل الصراع يتجه نحو التدويل، مما سيرفع تكلفة الحرب على الشعب السوداني". وأكد أن هذا الوضع "يهدد وجود الدولة السودانية نفسها"، داعيًا قيادة الدولة والقادة العسكريين إلى استشعار أهمية عامل الزمن وإدارته بصورة واقعية للحفاظ على السودان ومن تبقى من أهله.