محكمة كوريا الجنوبية العليا تحسم الجدل: "بيبي شارك" ليست مسروقة
14 أغسطس 2025
بعد ست سنوات من النزاع القضائي، أسدلت المحكمة العليا في كوريا الجنوبية الستار على واحدة من أكثر القضايا إثارة في عالم حقوق الملكية الفكرية، مؤكدة أن الأغنية الشهيرة للأطفال "بيبي شارك" لم تُسرق من أي عمل سابق، ومثبتة بذلك شرعية النسخة التي أطلقتها شركة "بينكفونغ" الكورية.
القضية بدأت عندما تقدم المؤلف الأمريكي جوناثان رايت، المعروف فنيًا باسم "جوني أونلي"، بدعوى قضائية يتهم فيها "بينكفونغ" بانتهاك حقوقه الفكرية، مدعيًا أن نسختهم من الأغنية استندت إلى ترتيبه الخاص لأغنية شعبية للأطفال كان قد نشرها عام 2011. لكن المحكمة رفضت هذه المزاعم، مؤكدة أن نسخة رايت لم تكن "معدّلة بشكل جوهري" عن الأغنية الأصلية الشعبية، وبالتالي لا تستحق حماية قانونية منفصلة.
من أغنية شعبية إلى ظاهرة عالمية
أغنية "بيبي شارك" التي أطلقتها "بينكفونغ" عام 2016، سرعان ما تحولت إلى ظاهرة عالمية، بفضل الفيديو المصور الذي تضمن حركات يد مرحة للأطفال، ما جعلها تتجاوز حاجز السبعة مليارات مشاهدة على يوتيوب بحلول تشرين الثاني/نوفمبر 2020، وتصبح لاحقًا أول فيديو في تاريخ المنصة يتجاوز عشرة مليارات مشاهدة، وتحظى الأغنية حاليًا بـ16 مليار مشاهدة على يوتيوب.
أكدت المحكمة الكورية العليا أن أغنية "بيبي شارك" لم تُسرق من أي عمل سابق، وثبتت بذلك شرعية النسخة التي أطلقتها شركة "بينكفونغ" الكورية، والتي تجاوز عدد مشاهداتها 16 مليار على يوتيوب
ورغم أن الأغنية تعود جذورها إلى الولايات المتحدة في سبعينيات القرن الماضي، حيث كانت تُغنى في المخيمات الصيفية، فإن نسخًا متعددة منها ظهرت قبل إصدار "بينكفونغ"، منها النسخة الفرنسية "Bébé Requin" والألمانية "Kleiner Hai"، التي حققت انتشارًا واسعًا في أوروبا عام 2007. إلا أن أيًا منها لم يحقق النجاح الساحق الذي حصدته النسخة الكورية.
من يملك اللحن الشعبي؟
رايت، الذي قدم نسخته المعقّمة من الأغنية عام 2011 بعنوان "Baby Shark Song (non-dismemberment version)"، قال إنه لم يكن يمانع استخدام "بينكفونغ" للأغنية، طالما أنها تنتمي إلى الملكية العامة. ووفقًا لما أوردته "بي بي سي"، تغير موقفه عندما علم أن الشركة هددت باتخاذ إجراءات قانونية ضد حزب سياسي كوري استخدم الأغنية في حملته، ما دفعه للتساؤل: "إذا كانت نسختهم محمية، ألا تستحق نسختي الحماية أيضًا؟"
لكن المحكمة العليا الكورية رفضت هذا المنطق، مؤكدة أن التعديلات التي أجراها رايت لا ترقى إلى مستوى الإبداع المستقل الذي يستحق حماية قانونية، وهو ما أيدته محكمتان أدنى سابقًا.
من الأغنية إلى الثقافة الشعبية
نجاح "بيبي شارك" لم يتوقف عند الأطفال، بل امتد إلى عروض فنية عالمية، حيث دمجتها فرق مثل "بلاكبينك" والمغني الأمريكي "جوش غروبان" في عروضهم، كما تُرجمت إلى أكثر من 100 لغة، وتحولت إلى فيلم سينمائي، ما دفع مدير التسويق في "بينكفونغ" لوصفها بأنها "كي-بوب الجيل القادم".
ورغم أن الأغنية بدأت كلعبة بسيطة، فإنها أصبحت رمزًا ثقافيًا عالميًا، وموضوعًا لنقاشات قانونية وفنية، ما يعكس كيف يمكن لمنتج بسيط أن يتحول إلى ظاهرة تتجاوز الحدود، وتثير أسئلة عميقة حول الإبداع، والملكية، والانتشار في عصر الرقمنة.