تتزايد الشكوك حول إمكانية توصل الولايات المتحدة الأميركيّة وإيران إلى اتّفاقٍ نوويّ جديد، يحلّ محلّ الاتّفاق النوويّ المبرم عام 2015، الذي انسحب منه ترامب عام 2018 بذريعة أنّه “اتّفاقٌ سيئ” ولا يلبّي أهدافَ منع إيران من امتلاك سلاحٍ نوويّ.
وممّا يعزّز هذا الاستنتاج التصريحات التي أدلى بها المرشد الأعلى للجمهوريّة الإسلاميّة في إيران عليّ خامنئي اليوم الثلاثاء، فقد نقل عنه التلفزيون الإيرانيّ الرسميّ قوله إنّ المطالبَ الأميركيّة الموجّهةَ إلى إيران بالامتناعِ نهائيًّا عن تخصيب اليورانيوم “مبالغٌ فيها كثيرًا”، معربًا عن شكوكه في إمكانية أن تُفضي المحادثاتُ النوويّة، المستمرّة منذ 12 نيسان/إبريل الماضي، إلى اتّفاقٍ نوويّ جديد.
حذر الرئيس الأميركي إيران مرارًا وتكرارًا من أنها ستتعرض للقصف وستواجه عقوبات شديدة إذا لم تتوصل إلى حلٍّ وسط لتفكيك برنامجها النووي المتنازع عليه.
مقترح أميركي بعقد جولة خامسة
أفاد نائب وزير الخارجية الإيراني، كاظم غريب آبادي، اليوم الثلاثاء، أنّ طهران تلقّت مقترحًا أميركيًا لعقد جولة خامسة من المفاوضات النووية، وأضاف أنّ المقترح "قيد المراجعة من قِبل السلطات الإيرانية".
وعلى الرغم من عدم إعلان المسؤول الإيراني أي معلومات إضافية حول موعد ومكان الجولة الخامسة المرتقبة، يأتي هذا الإعلان بعد أيام قليلة من تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنّ على إيران "التحرك بسرعة في ملف المفاوضات إذا كانت لا تريد أن تواجه ما لا يحمد عقباه".
وكانت صحيفة "ذا ناشيونال" قد تحدثت في وقتٍ سابق عن رفض طهران مقترحًا من سلطنة عُمان بعقد جولة خامسة من المفاوضات، وربطت الصحيفة ذلك الرفض بالشروط الأميركية الجديدة، التي تُلزم إيران بالتخلي عن حقها في تخصيب اليورانيوم داخليًا، وتشديد العقوبات على طهران.
من جهةٍ أخرى، أكّدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أنّ الجولة الخامسة من المفاوضات ستُعقد في العاصمة الإيطالية روما نهاية الأسبوع الجاري.
سياسة "صفر تخصيب" قد تُفشل المفاوضات
تُصرّ الإدارة الأميركية منذ الجولة الثالثة من المفاوضات النووية على سياسة "صفر تخصيب"، وقد أكّدت تصريحات ستيف ويتكوف الأخيرة أنّ منع إيران من التخصيب يعدّ خطًّا أحمر لا رجوع عنه.
ويدفع هذا الموقف "الصارم" الإيرانيين إلى التشكيك في جدوى استمرار المفاوضات، لا سيما أنهم يؤكدون دائمًا أن هذا المطلب لم يُطرح أميركيًا في السابق. وهم يرون في ربطه بهذا الشكل دليلًا على رغبة واشنطن في إفشال محادثات تبدو متعثرة أصلًا منذ انطلاقها.
تشدّد جميع المواقف الرسمية والدينية في طهران على أنّ حق التخصيب "حقٌ مكتسبٌ لإيران، وليس قابلًا للتفاوض"، إلا أن إيران تبدي استعدادها في المقابل للتخلّص من مخزون اليورانيوم عالي التخصيب الموجود في مفاعلاتها النووية، عبر إرساله إلى جهة ثالثة—وقد أبدت موسكو استعدادها لاستضافته.
كما تبدي طهران استعدادًا لفرض قيود مؤقتة على نسبة التخصيب وكمية اليورانيوم، في إطار اتفاقٍ يضمن لها رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها.
وتشير إيران إلى أنّ القوى العظمى اعترفت بحقّها في التخصيب عام 2015، عندما نصّ الاتفاق النووي على تحديد سقفٍ للتخصيب عند مستوى 3.67%—وهو ما التزمت به طهران لسنوات قبل أن ينسحب ترامب من الاتفاق خلال ولايته الرئاسية الأولى، ويشرع في فرض عقوبات اقتصادية على إيران.
عندها بدأت طهران بزيادة مستوى التخصيب تدريجيًا حتى وصل إلى 60%، وهي نسبة قريبة من تلك المطلوبة لإنتاج سلاحٍ نووي (أي نسبة تخصيب تصل إلى 90%).
لكن الإدارة الأميركية الحالية تعتبر أنّ السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم ولو بنسبة 1% يمكن أن يسهّل لها مستقبلًا طريق إنتاج سلاحٍ نووي.
وفي هذا السياق، أكّد نائب وزير الخارجية الإيراني، مجيد تخت روانجي، أمس الاثنين، أنّ المفاوضات الجارية "ستفشل إذا أصرّت واشنطن على امتناع طهران عن تخصيب اليورانيوم محليًا".
وحذّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرارًا أن إيران "ستتعرض للقصف وستواجه عقوباتٍ شديدة إذا لم تتوصل إلى حلٍّ وسط لتفكيك برنامجها النووي المتنازع عليه".