من حصان طروادة الخشبي إلى الهجوم بغاز الخردل.. 6 لوحات جسّدت ويلات الحرب
30 سبتمبر 2025
ارتبطت اللوحات الفنية على نحوٍ وثيق بتاريخ الحروب منذ عهودٍ بعيدة؛ شأنها في ذلك شأن الكُتب أو القصائد أو الكتابات التي رصدت ودوّنت المعارك التي اندلعت، وما يتصل بها من انتصاراتٍ وهزائم وبطولات فردية أو جماعيّة. فقد عمل الرسّامون في تلك العهود البعيدة على مُحاكاة هذه الأحداث القاسية، ومن ثم إعادة طرحها عبر تفاعل اللون والصورة معًا. ولذا يُمكن ملاحظة أنّ أغلب اللوحات في العصور الغابرة كانت انعكاسًا مُباشرًا للأحداث الواقعة فيما يُشبه الرصد أو السرد البصري، لكن يبدو أن تُبدل الأحوال من حقبةٍ لأُخرى وفُقدان العديد من الضحايا أدى إلى تغيّر واضح في وجهات النظر وبالتالي اختلاف الرسائل المرتبطة بتلك الأعمال الفنية من رسّامٍ لآخر.
فاللوحات التي نطالعها عن حروب العصور الوسطى، تختلف بطبيعة الحال عن لوحات القرنين الثامن والتاسع عشر بل والعشرين أيضًّا. إليكم أشهر لوحات تناولت الحروب.
موكب حصان طروادة (1760)

هذه اللوحة التي رسمها الفنان الإيطالي جيوفاني دمينيكو تيبولو هي إحدى لوحتين تتناولان الحرب الطاحنة التي دارت بين الإغريق وأهل طروادة. فهذه اللوحة المهيبة تختصر تاريخًا طويلًا ومتشعبًا من الحرب التي دارت على مدى 10 سنوات، وانتهت بفوز الإغريق عقب لجوئهم إلى خُدعة الحصان الخشبي الشهيرة. كما أنها تنتمي إلى فنون عصر الباروك.
نابليون عابرًا جبال الألب (1801 – 1805)

5 نسخ من هذه اللوحة الشهيرة للفنان الفرنسي جاك لوي دافيد والتي تمّجد إمبراطور فرنسا نابليون بونابارت فيما بين عامي 1801 و1805. رُسمت هذه اللوحة بطلب من نابليون نفسه، حيث تصوّر لحظة عبور الجيش الفرنسي لجبال الألب بقيادته، بينما نُشاهد أسماءً محفورة على صخورٍ في أسفل اللوحة جهة اليسار. هذه العمل مترع بالألوان الصاخبة مثل الأحمر في وشاح بونابارت والذهبي في قبعته وسيفه، وهي من اللحظات الفارقة تاريخيًّا، حيث تلتقط لحظة عبور الجيش ومحاولته مفاجأة جيش النمسا المتمركز في إيطاليا.
غرنيكا (1937)

إذا أردنا لوحة تعبر عن ويلات الحرب وما يحيط بها من ظلام وأشلاء وصُراخ، فلن نجد أشهر من جدارية غرنيكا للرسّام الإسباني بابلو بيكاسو. هذا العمل الملحمي الذي يجسّد في براعةٍ وأسلوب طليعي لحظة قصف هذه المدينة أثناء الحرب الأهلية الإسبانية بواسطة طيران حربي ألماني وإيطالي مُساند لقوات القوميين الإسبان في نيسان/أبريل من سنة 1937. أنجزها بيكاسو في منتصف حزيران/يونيو من العام ذاته، ليتم عرضها في "المعرض الدولي للتقنيات والفنون في الحياة المعاصرة" بباريس. وقد تم تنفيذها بأسلوب التصوير الزيتي من الألوان الأزرق الداكن والأسود والأبيض، حيث يبلغ طولها 3 أمتار ونصف المتر بينما يتجاوز عرضها السبعة أمتار.
الثالث من أيار/مايو 1808 (1814)

عمل ثوري من إبداع الرسّام الإسباني فرانثيسكو غويا، وهي محاولة لإحياء ذكرى المقاومين الإسبان ضد جيوش نابليون بونابارت خلال اقتحام الجيوش الفرنسية وإعدام كل من يقف في طريقهم خلال حرب الاستقلال الإسبانية سنة 1808.
معركة سان رومانو (1435 – 1460)

عمل فريد في تكوينه البصري وتوزيعه للخطوط والألوان. هذه اللوحة جزء من ثلاث لوحات تحتفي بانتصار قوات فلورنسا على قوات سيينا والتحالف الذي قاده دوق ميلانو في معركة سان رومانو الشهيرة سنة 1432. أبدع الرسّام الإيطالي باولو أوتشيلو هذا العمل، حيث قام بدمج الفن القوطي مع المنظور الخطّي. كما يتسم هذا العمل بلمسة سحرية من الألوان الداكنة التي تضفي على اللوحة مزيدًا من الهيبة والحركية.
المصابون بالغاز (1919)

هذه اللوحة الزيتية الضخمة للفنان الأميركي جون سينجر، تجسّد ببراعةٍ آثار الهجوم باستخدام غاز الخردل خلال الحرب العالمية الأولى. فاللوحة تركز على صفٍ من 11 جنديًّا فقدوا أبصارهم خلال الحرب نتيجة التعرُض للغاز. إنه عمل يفيض باليأس وقِلة الحيلة. لعل أجمل ما في هذا العمل هي الأُلفة المتعمدة والتي صنعها سينجر بتصويره للجنود معصوبي الأعين في حجمهم الطبيعي، مما يجعل المُشاهِد يشعر بمعاناة هؤلاء الجنود وانكسار أرواحهم المعنوية.