وكالات الصحة العالمية ترفض مزاعم ترامب بشأن المسكنات واللقاحات

رفضت وكالات الصحة العالمية والهيئات التنظيمية تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي ربط فيها بشكل غير مثبت بين استخدام المسكنات الشائعة أثناء الحمل، مثل الباراسيتامول، وبين الإصابة باضطراب التوحد لدى الأطفال، كما شكك في سلامة اللقاحات المخصصة للأطفال.

ففي مؤتمر صحفي عُقد يوم الإثنين، دعا ترامب النساء الحوامل إلى تجنب تناول عقار الأسيتامينوفين (المعروف دوليًا بالباراسيتامول)، مشيرًا إلى أن من لا تستطيع "تحمل الألم" يجب أن تقلل من استخدامه. كما حث الآباء على تأجيل أو تجنب بعض اللقاحات للأطفال، قائلاً: "لا تدعهم يضخون في طفلك أكبر كمية من الأشياء التي رأيتها في حياتك".

رفضت وكالات الصحة العالمية والهيئات التنظيمية تصريحات دونالد ترامب التي ربط فيها استخدام المسكنات الشائعة أثناء الحمل بالإصابة باضطراب التوحد لدى الأطفال

هذه التصريحات أثارت موجة من الانتقادات الحادة من قبل خبراء الصحة والجهات التنظيمية حول العالم، الذين وصفوا كلام ترامب بأنه غير علمي ويعرض حياة الأطفال للخطر.

ردود فعل دولية حازمة

ووفقًا لما نقلت صحيفة "الغارديان"، ففي المملكة المتحدة، قال وزير الصحة ويس ستريتينغ: "أنا أثق بالأطباء أكثر من ثقتي بالرئيس ترامب، بصراحة. لا يوجد أي دليل يربط استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل بالتوحد لدى الأطفال. لا شيء". وأضاف: "لا تصغوا إطلاقًا لما يقوله ترامب عن الطب. استمعوا إلى الأطباء والعلماء البريطانيين وخدمة الصحة الوطنية".

الهيئة التنظيمية البريطانية للأدوية (MHRA) أصدرت بيانًا أكدت فيه عدم وجود أي دليل علمي يربط بين استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحد، محذرة من أن تجاهل الألم والحمى قد يشكل خطرًا على الجنين.

وفي أوروبا، أكد الدكتور ستيفن ثيرستراب، كبير المسؤولين الطبيين في وكالة الأدوية الأوروبية، أن توصياتهم تستند إلى تقييم علمي صارم، ولم يجدوا أي علاقة بين تناول الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحد.

أما في أستراليا، فقد رفضت إدارة السلع العلاجية (TGA) المزاعم بشكل قاطع، مؤكدة سلامة استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل، وشاركت في بيان عالمي مع منظمات صحية أخرى لنفي وجود علاقة بين هذا العقار واضطرابات النمو العصبي مثل التوحد أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD).

منظمة الصحة العالمية: اللقاحات تنقذ الأرواح

من جهتها، أكدت منظمة الصحة العالمية أن التشكيك في فعالية اللقاحات أمر غير مبرر، وقال المتحدث باسم المنظمة طارق ياساريفيتش: "نعلم أن اللقاحات لا تسبب التوحد. لقد أثبت العلم ذلك، وهذه الأمور لا ينبغي التشكيك فيها".

وتشير بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) إلى ارتفاع معدلات تشخيص التوحد في الولايات المتحدة، حيث تم تشخيص حالة واحدة من بين كل 31 طفلًا في عام 2022، مقارنة بحالة واحدة من بين كل 150 طفلًا في عام 2000. ويرجع الأطباء هذا الارتفاع إلى توسع تعريف التوحد وزيادة وعي الأهالي بطلب التشخيص، وليس إلى الأدوية أو اللقاحات.

وفيما يبدو أن البيت الأبيض استند إلى مراجعة علمية نُشرت عام 2025 شملت 46 دراسة سابقة، والتي أشارت إلى وجود ارتباط محتمل بين التعرض للباراسيتامول أثناء الحمل وزيادة خطر الإصابة باضطرابات النمو العصبي، إلا أن الباحثين أنفسهم أكدوا أن هذه الدراسات لا تثبت علاقة سببية، ونصحوا باستخدام الدواء بأقل جرعة ممكنة ولأقصر فترة ممكنة.

بالمقابل، أظهرت دراسة سويدية واسعة نُشرت عام 2024 وشملت 2.4 مليون ولادة، عدم وجود أي علاقة بين التعرض للباراسيتامول أثناء الحمل والإصابة بالتوحد.

دور روبرت كينيدي جونيور في إثارة الجدل

شارك في المؤتمر الصحفي وزير الصحة الأميركي روبرت كينيدي جونيور، المعروف بتبنيه نظريات مؤامرة غير مثبتة حول اللقاحات والتوحد. وكان قد وعد سابقًا بالكشف عن "سبب" التوحد هذا الشهر، إلا أن المؤتمر لم يقدم أي معلومات جديدة مدعومة علميًا.