15 عامًا على رحيل صلاح السقا.. رائد فن العرائس
25 سبتمبر 2025
في أول كانون الأول/ديسمبر 1961 سافر صلاح السقا في رحلة دراسية خارج حدود مصر، وتحديدًا إلى بوخارست في رومانيا للالتحاق بمعهد "سندريكا" للعرائس. كان هذا المعهد هو الوحيد في رومانيا المختصّ في تعليم فن العرائس، ويُقدّم المنح إلى الطلاب من دول الشرق. ومن حُسن حظ السقا أن هذا المعهد، كان يلتحق به مسرح كبير لتقديم عروض الدُمى والعرائس. درس العديد من أشكال الدُمى والعروض المسرحية بما فيها العرائس والقفازات وخيال الظلّ، وقضى الثلاثة أشهر الأولى في دراسة العرائس وتفاصيلها بالإضافة إلى مساهمته كممثل بالدُمى في أغلب البروفات والعروض لإجادته اللغة الرومانية. شارك للمرة الأولى في مسرحية "أبولودور" وهي قصة لشاعر روماني تتحدث عن الغربة والأصدقاء والوطن، وقد نالت الجائزة الأولى من مهرجان وارسو في بولندا. شاءت له الظروف أن يتنقّل بين مسارح رومانيا لمتابعة عروض العرائس وتدوين ملاحظاته في دفاتره الصغيرة. قبل أن يعود إلى القاهرة مجددًا، ويبدأ مرحلة جديدة في مسرح الستينيات.
كان السقا قد تخرّج في كلية الحقوق عام 1957، والتحق ببلدية القاهرة ومصلحة الضرائب، قبل أن يتم تعيينه في مسرح القاهرة للعرائس عند إنشائه عام 1959. أخرج أوبريت "الليلة الكبيرة" (1960) التي كتبها صلاح جاهين ولحّنها سيد مكّاوي، لتصبح من علامات مصر الدُمى والعرائس في العالم العربي. ونال الرجل شهرةً واسعة، ليتم إرساله في بعثةٍ بعدها إلى رومانيا. وقبلها كان قد بدأ في تعلّم فن العرائس على يد الخبير سيرغي أورازوف الأب الروحي لفناني العرائس حول العالم.
عند عودته إلى القاهرة، كان السقا قد نجح في تأسيس فرقة جديدة بعد مواجهة صعوبات شتّى وصنوف من العراقيل والبيروقراطية. فقدم أوبريت "صحصح لما ينجح" وهو من تأليف صلاح جاهين وتلحين محمد فوزي. يخبرنا السقا في كتاب "عرائسنا العزيزة" من تأليف د. فؤاد رضا رشدي، بأن هذا العرض حقق نجاحًا مُبهرًا منذ أن عُرض لأول مرة في الإسكندرية واستمر عرضه ثلاثة أشهر متواصلة.
أخرج أوبريت "الليلة الكبيرة" (1960) التي كتبها صلاح جاهين ولحّنها سيد مكّاوي، لتصبح من علامات مصر الدُمى والعرائس في العالم العربي
عام 1967، التحق السقا بقسم الدراسات العُليا بمعهد السينما، وانتظم في الدراسة لمدة عامين ليحصل في النهاية على شهادة الماجستير. كانت فُرصة سانحة ليحصل على قدر كافٍ من الثقافة السينمائية ومهارات التصوير والمونتاج والقطع، والتي تُشبه إلى حدٍ بعيد طريقة إخراج العرائس على المسرح.
تم تعيينه عام 1971 مديرًا لمسرح القاهرة للعرائس، ومثّل مصر في الهيئة الدولية للعرائس كما ترأس البيت الفني للمسرح بين عامي 1988 و1990، إضافةً إلى ترأسه المركز القومي للمسرح، وتدرسيه لفن العرائس بالمعاهد العُليا.
أخرج مجموعة من المسرحيات التي ترسّخت في الوعي الجمعي المصري مثل: "الديك العجيب"؛ "حكاية السقا"؛ "أوكازيون"؛ "عودة الشاطر حسن" وغيرها من الأعمال المتميّزة.
حصل السقا على جوائز مرموقة عدة من بينها: الجائزة الثانية من بوخارست عام 69؛ جائزة ذهبية برلين عام 73؛ شهادة التقدير من الولايات المتحدة الأمريكية عام 80 ومن النمسا عام 83؛ الدرع المتميز من مهرجان جرش بالأردن عام 85؛ الدرع الذهبي مهرجان الشارقة 86؛ الميدالية الذهبية من مهرجان دول البحر المتوسط بإيطاليا عام 86. وكانت أكاديمية الفنون قد خصصت جائزة تمنح سنويًّا باسمه لأوائل الخرجين بالمعهد العالي السينما. وتم ترقيته إلى درجة وكيل وزارة، ورئيس الإدارة المركزية بالمركز القومي للمسرح.
توفي عام 2010، وبقيّت أعمال المسرحية محفورة في وجدان المصريين والعرب إلى يومنا.