يصوت البرلمان الأوروبي على تشريع لتنظيم تقنية الذكاء الاصطناعي، بعد تأجيل اعتماده عدة مرات بسبب نقاط مثيرة للجدل متعلقة في استخدام تقنية الذكاء الاصنطاعي.
حذرت منظمة العفو الدولية "أمنيستي"، من قيام البرلمان الأوروبي بـ"إلغاء تدابير حماية حقوق الإنسان الكبيرة التي تم التوصل إليها"
ويسعى الاتحاد الأوروبي ليكون الجهة الأولى عالميًا التي تتبنى إطارًا قانونيًا شاملًا للحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي "AI" مع ضمان الابتكار.
وحذرت منظمة العفو الدولية "أمنيستي"، من قيام البرلمان الأوروبي بـ"إلغاء تدابير حماية حقوق الإنسان الكبيرة التي تم التوصل إليها"، ما قد يفتح الباب أمام استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل يتعارض مباشرةً مع "القانون الدولي لحقوق الإنسان".
ويعتزم نواب الاتحاد الأوروبي إدخال "حظر على أنظمة التعرف إلى المشاعر، وإلغاء الاستثناءات التي تجيز لأجهزة الأمن، التعرف إلى الأفراد في الأماكن العامة عن بعد بواسطة القياسات الحيوية، كما يعتزمون حظر جمع الصور بشكل عشوائي على الإنترنت لتطوير الخوارزميات من دون الحصول على موافقة الأشخاص المعنيين".
وبحسب المنظمة الحقوقية، يعد "حظر أنظمة تحديد الهوية عن بعد في الوقت الحالي خطوة كبيرة إلى الأمام"، ومع ذلك، فإن هذا النص المزمع اعتماده، "لا يحظر المراقبة الجماعية لاحقًا، ويكتفي بحصر استخدامها في مجال إنفاذ القانون، مع قيود صارمة".
كما ستحظر التشريعات أيضًا، العديد من "الاستخدامات الضارة لأنظمة الذكاء الاصطناعي التي تميز ضد المجتمعات المهمشة"، وتشمل هذه التقنيات التي تدعي "التنبؤ بالجرائم، وأنظمة التصنيف الاجتماعي التي تمنع بعض الأشخاص من الوصول إلى الخدمات الأساسية العامة أو الخاصة، وتقنيات التعرف على المشاعر التي تستخدمها أجهزة إنفاذ القانون، والقوانين ومراقبة الحدود لتحديد الأشخاص المشبوهين".
كما حذرت المنظمة الدولية، من أن التشريعات الجديدة "تسمح لمقدمي أنظمة الذكاء الاصطناعي المستخدمة في إنفاذ القانون وإدارة الهجرة والحماية الاجتماعية ومجالات أخرى، للالتفاف على التشريعات، من خلال منحهم القدرة على تقرير ما إذا كانت أنظمتهم تشكل خطرًا كبيرًا على حقوق الإنسان أم لا"، لذلك يمكن "اختزال قانون الذكاء الاصطناعي إلى مجرد، وثيقة إرشادية، لتقنيات الذكاء الاصطناعي عالية المخاطر، بدلًا من أن تكون لائحة فعالة".
وأشار بيان أمنستي، إلى أن قانون الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في منع وتقليل الضرر الناجم عن التقنيات الجديدة في أوروبا. لكنه أكد على ضرورة عدم مساهمة الاتحاد الأوروبي في انتهاكات حقوق الإنسان خارجه، من خلال تصدير التقنيات إلى خارجه.
وبحسب تقارير سابقة للمنظمة، حددت أن الكاميرات التي صنعتها شركة هولندية تدعى TKH Security، تُستخدم في الأماكن العامة وتُلحق بالبنية التحتية لشرطة الاحتلال في شرق القدس المحتلة، مما يساهم في ترسيخ سيطرة الحكومة الإسرائيلية على الفلسطينيين ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين .
وكشفت تحقيقات مماثلة أن الشركات الموجودة في فرنسا والسويد وهولندا باعت أنظمة المراقبة الرقمية، مثل تقنية التعرف على الوجه (FRT)، لأجهزة رئيسية في جهاز المراقبة الصيني. وفي بعض الحالات، تم استخدام البنى التحتية التي تم تصديرها من قبل دول الاتحاد الأوروبي ضد الأويغور وغيرهم من الجماعات العرقية المسلمة في جميع أنحاء البلاد.
وتشير المنظمة الدولية، إلى أن بعض "تقنيات التعرف على الوجه ذات أبعاد عنصرية وتمييزية"، ويمكن أن تؤدي إلى "ممارسات غير قانونية خصوصًا ضد الأشخاص السود، كما أنها تستخدم لمنع وتقليص حركة المهاجرين وطالبي اللجوء"، كما حثت المنظمة مشرّعي البرلمان الأوروبي على حظر "التنميط العنصري"، وكل الأنظمة التي تصنف المهاجرين، وطالبي اللجوء على أنهم "تهديدات".
الخطر كما تراه أوروبا
ووفقًا للمفوضة الأوروبية للمنافسة في الاتحاد الأوروبي مارجريت فيستاجر، فإن التمييز يمثل التهديد الأكبر للذكاء الاصطناعي، قائلةً: "على الرغم من أن الخطر الوجودي نتيجة التقدم في الذكاء الاصطناعي قد يكون مصدر قلق، إلا أنه من غير المرجح حدوثه، في حين أن التمييز من التكنولوجيا كان مشكلة حقيقية".
وأشارت إلى ضورة وجود "حواجز حماية" من الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الحالات التي يتم فيها استخدامه لقرارات قد تؤثر على سبل العيش، مثل طلبات الرهن العقاري أو الوصول إلى الخدمات الاجتماعية، موضحةً: "من المحتمل أن يكون [خطر الانقراض] موجودًا، لكنني أعتقد أن الاحتمال ضئيل جدًا. أعتقد أن مخاطر الذكاء الاصطناعي هي أن الناس سوف يتعرضون للتمييز".
تحذير أممي
يشار إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قد وجه تحذيرًا مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، ونبه إلى أن العلماء والخبراء "طالبوا بالتحرك، وإعلان أن الذكاء الاصطناعي هو خطر وجودي على البشرية، يتساوى مع خطر الحرب النووية، ولابد أن نأخذ تلك التحذيرات مأخذ الجد".
وأوضح غوتيريش، أن مواجهة هذا "التهديد الدولي الحاضر والجلي"، يتطلب "عملًا دوليًا منسقًا"، كي يكون الفضاء الرقمي أكثر أمنًا وشمولًا، ومن أجل حماية حقوق الإنسان.
وفقًا للمفوضة الأوروبية للمنافسة في الاتحاد الأوروبي مارجريت فيستاجر، فإن التمييز يمثل التهديد الأكبر للذكاء الاصطناعي
وقدم غوتيريش في المؤتمر الصحفي الذي عقد في مدينة نيويورك، الإثنين، مقترحات الأمم المتحدة بشأن كيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي، معلنًا عن خطط لإنشاء "هيئة استشارية رفيعة المستوى على شاكلة الهيئة الدولية للطاقة الذرية".