في قلب مدينة طنطا، عاصمة محافظة الغربية، الواقعة في دلتا مصر شمال القاهرة، يقع مسجد السيد أحمد البدوي. يتوافد المريدون وأصحاب الحاجات على المسجد من كل مكان، طمعًا في شفاء مريض أو إغاثة ملهوف، أو تقربًا ووسيلة.
لأحمد البدوي مكانة خاصة في التراث الشعبي المصري، وتنسب له العديد من خوارق العادات أشهرها إنقاذ الأسرى المصريين من الصليبيين
ولد السيد أحمد بن علي إبراهيم، المعروف بالسيد البدوي، في عام 1200 بمدينة فاس المغربية، ومنها ارتحل إلى مكة قبل أن يستقر به المقام في مصر التي توفي فيها عام 1276، وانتشرت فيها ومنها طريقته الصوفية.
اقرأ/ي أيضًا: مولد السيد البدوي في مصر.. آلاف الأرواح معلقة بـ"جايب الأسرى"
يعد السيد البدوي، صاحب الألقاب الكثيرة ومنها "شيخ العرب" ثالث الأقطاب الصوفية الأكثر شهرة، وهم: أحمد الرفاعي وعبد القادر الجيلاني وإبراهيم الدسوقي بالإضافة لأحمد البدوي.
ولأحمد البدوي مكانة خاصة في التراث الشعبي المصري، وتنسب له العديد من خوارق العادات والكرامات، أشهرها ما لقب بسببها بـ"جايب الأسرى"، وهي إنقاذه الأسرى المصريين أثناء الحروب الصليبية.
قصة المسجد الأحمدي.. من زاوية إلى أكبر مساجد طنطا
بعد وفاته، أنشأ تلميذه عبد العال خلوة إلى جوار قبره، سرعان ما تحولت إلى زاوية لا تخلو من المريدين، حتى أمر علي بك الكبير، ببناء المسجد وما يضمه من مقصورات وقباب. وتم تجديده في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات في سبعينات القرن الماضي.
ويعد المسجد الأكبر في مدينة طنطا. وإلى جوار مساحته الكبيرة وساحاته الضخمة، يضم المسجد مقام السيد أحمد البدوي، وعدد من مريديه المقربين، على رأسهم عبد العال، الذي وضع اللبنة الأولى لزاوية تحولت للمسجد الأحمدي المشهد في طنطا.
المدد
يقام مولد السيد أحمد البدوي كل عام في شهر تشرين الأول/أكتوبر، يحضره جمع غفير من الزائرين، تقدر أعدادهم بمليوني زائر من كل مكان في مصر، وخارجها.
ويحضر الاحتفال مريدي ما يقارب 70 طريقة صوفية، يقيم أغلبهم في خيام مخصصة ترفع علم الطريقة التي تنتسب إليها، وإلى جوارها الباعة الجائلون بالمأكول والمشروب والبخور والسبح.
وعلى مدار أسبوع، تستمر احتفالات المولد في المسجد والساحة، يتوافد الزائرون، يتبدل بعضهم ويستقر بعضٌ آخر، خاصة القادمون من الأقاليم الأبعد، وهكذا حتى الليلة الختامية في المولد أو ما تعرف بـ"الليلة الكبيرة".
مجتمع السيد البدوي
في رحاب السيد البدوي، وفي الطريق المؤدى إلى مسجده ينتشر عدد من محال متخصصة في بيع الحلوى الشعبية، مثل الحلاوة الشعر، والحمصية والسمسمية والفولية وحب العزيز. ويتهافت الزوار من خارج طنطا للشراء منها، علامة على اكتمال الرحلة التي تبدأ بزيارة السيد البدوية.
وفي ساحة المسجد، يوجد المقهى الأشهر في طنطا، مقهى الأحمدية. وفضلًا عن أن عمر المقهى يزيد عن 100 عام، إذ أنشئ عام 1902، فيتميز المقهى بما يقدمه، وعلى رأسه شيشة (أرجيلة) التومباك.
وشهد هذا المقهى زيارات العديد من المشاهير والشخصيات العامة، مثل السادات والقارئ مصطفى إسماعيل والشيخ محمود خليل الحصري، وغيرهم.
داخل المقام
بعد المرور بساحة المسجد وما تضمه من مريدين وزوار لا يتوقف وجودهم على مدار الـ24 ساعة طوال أيام العام؛ يقع المسجد الضخم.
بمجرد الدخول إلى المسجد، تجد مقام السيد أحمد البدوي ملحقًا به، متصلًا ومنفصلًا بجدار، وسط إضاءة خضراء، وفي ضريح كبير محاط ببناء نحاسي ضخم، إلى جوار محراب رخامي، يعلوهما زخارف كثيرة ذات طابع إسلامي.
على يمين ويسار المقام، يتواجد عدد من المريدين، منهم من جاء طمعًا في قضاء حاجته، ومنهم من جاء حبًا في السيد أحمد البدوي. بعضهم أتى من أماكن قريبة والبعض الآخر من أقاصي البلاد، وسط حالة من السكينة والهدوء، لا يكسرها إلا صوت رفع الأذان في الصلوات الخمسة، أو صوت أحد المنشدين للأشعار التى تعدد مناقب النبي محمد أو السيد أحمد البدوي والأقطاب الصوفية.
لماذا السيد البدوي؟
مكانه السيد البدوي الكبيرة لدى الصوفية جعلته محل هجوم من التيار السلفي في مروياتهم عنه، فيتهمونه بأنه كان تاركًا للصلاة، بل يتبول على المصليين، وغيرها من الاتهامات التي يُراد بها الانتقاص من قدره.
إلا أنها لا تجد صدى في الشارع المصري الذي ارتبط على مدار عقود بالسيد البدوي. كما أنها عادة ما تواجه بالرد من قبل الصوفية. وهكذا يستمر السجال الذي قد يصل إلى حد التطاول، كما حدث بالاعتداء على المداح محمود التهامي، أثناء إحيائه الليلة الكبيرة لمولد البدوي في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
للسيد البدوي شهرة واسعة، وقدسية كبيرة بين عامة المصريين، جعلت مشهده مزارًا متعدد الأغراض، ليس أقلها السياحة
للسيد البدوي شهرة واسعة، وقدسية كبيرة بين عامة المصريين، جعلت مشهده مزارًا متعدد الأغراض، ليس أقلها السياحة، لخصوصيته تراثيًا ودينيًا، وخصوصية الأجواء المحيطة به شعبيًا.
اقرأ/ي أيضًا: