قامت جامعة كولونيا الألمانية بسحب دعوة الفيلسوفة الأمريكية والناشطة النسوية الشهيرة نانسي فريزر، بسبب موقفها من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وكان من المقرر أن تتولى فريزر أستاذة كرسي ألبرتوس ماغنوس السنوية في أيار/مايو المقبل.
وتربط الجامعة بين قرارها وتوقيع الفيلسوفة فريزر على رسالة مفتوحة بعنوان "الفلسفة من أجل فلسطين" في تشرين الثاني/نوفمبر.
وجاء في بيان "الفلسفة من أجل فلسطين": "نحن مجموعة من أساتذة الفلسفة في أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية وأوروبا نكتب للتعبير علنًا وبشكل لا لبس فيه عن تضامننا مع الشعب الفلسطيني ولإدانة المذبحة المستمرة والمتصاعدة بسرعة التي ترتكبها إسرائيل في غزة وبكامل الدعم المالي و المادي و الدعم الأيديولوجي من حكوماتنا".
الجامعة الألمانية اتخذت قرارها بناءً على توقيع الفيلسوفة نانسي فريزر على بيان "الفلسفة من أجل فلسطين"
وقالت الرسالة: "إن التركيز، كما نفعل هنا، على تصرفات الدولة الإسرائيلية والدعم الثابت الذي تتلقاه من الولايات المتحدة وحلفائها، لا يعني الاحتفال بالعنف، ولا المراوغة بشأن قيمة الأرواح البريئة، إن الوفيات بين المدنيين، بغض النظر عن جنسيتهم، أمر مأساوي وغير مقبول؛ ومع ذلك فإن التصرف كما لو أن تاريخ العنف بدأ بهجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 هو إظهار لامبالاة متهورة بالتاريخ وكذلك بحياة الفلسطينيين والإسرائيليين، ولكي يتوقف العنف يجب أن تتوقف الظروف التي تنتج العنف".
وأضافت الرسالة: "لقد استمر الحصار المفروض على غزة لمدة 16 عامًا، واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة استمر 56 عامًا، و لقد استمر تجريد الفلسطينيين من أراضيهم ومنازلهم في جميع أنحاء فلسطين التاريخية لمدة ثلاثة أرباع قرن، منذ إنشاء إسرائيل عام 1948 كدولة ذات سيادة عرقية؛ وليس من قبيل الصدفة أن المراقبين، بما في ذلك جماعات حقوق الإنسان الدولية والإسرائيلية، يصفون الآن سيطرة إسرائيل على الأرض من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط بأنها نظام الفصل العنصري".
وتابعت الرسالة: "الأهم من ذلك أننا جميعا ندرك تمام الإدراك أن البلدان التي نعيش ونعمل فيها والتي ندفع لها الضرائب تمول وتحرض طرفًا واحدًا فقط في هذا الصراع غير المتكافئ إلى حد كبير، هذا الطرف ليس هو المظلوم بل الظالم".
وختمت الرسالة، بالقول: "في الوقت الحالي يحث سكان غزة الحلفاء في جميع أنحاء العالم على ممارسة الضغط على حكوماتهم للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار؛ لكن هذا ينبغي —بل يجب— أن يكون البداية وليس النهاية للعمل الجماعي من أجل التحرر، إذا أردنا أن يكون هناك عدالة وسلام، فيجب أن ينتهي العزل المفروض على غزة، ويجب أن ينتهي الحصار، ويجب أن ينتهي الاحتلال، وفي المقام الأول من الأهمية، يجب احترام حقوق جميع الأشخاص الذين يعيشون حاليًا بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، فضلًا عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في المنفى".
واعتبرت الجامعة الألمانية الرسالة السابقة، باعتبارها "تشكك في حق إسرائيل في الوجود"، وكما "تبرر هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر"، وأنها لا تتوافق مع موقف الجامعة بشأن الحرب على غزة.
وأشارت الجامعة، إلى أنها طلبت من فريزر شرح موقفها، مضيفةً أنها لم تغير موقفها.
كانت قد وقعت على بيان داعم لفلسطين.. جامعة ألمانية تُلغي عقد تدريس البروفيسورة والفيلسوفة الأميركية نانسي فرايزر@AnaAlarabytv pic.twitter.com/Y5uXb233Cp
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 5, 2024
انتقاد القرار
وفي بيان على موقع جمعية "النظرية النقدية في برلين"، لاقت خطوة جامعة كولونيا انتقادات من قبل عدد من الفلاسفة والمثقفين. ومن بين الموقعين عليهم راهيل جايجي وأكسيل هونيث وأوليفر ناختوي.
وجاء في الانتقاد: "بغض النظر عن كيفية تقييم تحليل الرسالة المفتوحة التي وقعها فريزر، فإن سحب دعوة فريزر هو محاولة أخرى لتقييد النقاش العام والأكاديمي حول إسرائيل وفلسطين".
يشار إلى أن سحب دعوة فريزر هو جزء من قائمة طويلة من الأحداث المماثلة في المجال الثقافي الألماني بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وفي شباط/فبراير، قام معهد ماكس بلانك بفصل عالم أنثروبولوجيا بسبب منشوراته التي انتقدت إسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي. بينما في كانون الأول/ديسمبر، تم إلغاء حفل تسليم جائزة حنا أرندت، للكاتبة اليهودية ماشا غيسن لنشر مقال تقارن فيه بين غزة والغيتو اليهودي.
بالإضافة إلى إلغاء تسليم الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي، جائزة في معرض فرانكفورت للكتاب.
وألغت مؤسستان ثقافيتان نمساويتان دعوة الكاتبة البوسنية لانا باستاسيتش لحضور مهرجان أدبي كانت قد دُعيت إليه سابقًا، وإقامتها الأدبية أيضًا، بسبب إنهاء عقدها مع دار النشر الألمانية "S. Fischer" احتجاجًا على صمتها إزاء جرائم "إسرائيل" في قطاع غزة من جهة، وقمع المؤسسات الثقافية الألمانية لأصوات الفلسطينيين والدعوة لمقاطعتها من جهة أخرى.
وألغى "متحف سارلاند" معرضًا للفنانة اليهودية من جنوب إفريقيا المقيمة في برلين، كانديس بريتز، بسبب موقفها من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. فعلى الرغم من أنها أدانت عملية حماس، لكنها اعتبرت في المقابل أن ما تفعله إسرائيل في غزة هو عقاب جماعي للمدنيين.
حتى النساء لم يسلمن من القمع والتعذيب..أوضاع مزرية، ورحلة معاناة وإذلال تعيشها الأسيرات الفلسطينيات داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي #سجون_إسرائيل_وجه_آخر_للعدوان #وثائقيات_العربي pic.twitter.com/2aplFQgLXT
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 5, 2024
وعزل البينالي الألماني للتصوير المعاصر مديره المصور البنغلادشي الشهير شاهيدول علام، بسبب تضامنه مع قطاع غزة وإدانته للحرب التي تشنّها إسرائيل عليه، عبر منشورات بزعم اعتبارها "معادية للسامية".
كما ألغى متحف فولكوانغ بمدينة إيسن غرب ألمانيا، معرضًا للفنان أنيس دوبلان، من هايتي، بسبب موقفه من الحرب على غزة، التي يشير فيها إلى أن ما ترتكبه إسرائيل في غزة إبادة جماعية.
