لا تحدث أزمة في العراق إلا ويصاحبها انتشارٌ مكثفٌ لصور صدام حسين، وفيديوهات في مواقع التواصل الاجتماعي تبين شجاعته ورعايته للفقراء. والأنكى من ذلك أن هذا الانتشار يحدث بواسطة من عانى ظلم وويلات صدام وحروبه الحمقاء، حتى أن هذه العدوى انتقلت للأجيال التي لم تعش حقبته ولم تعرف عنه شيئًا، غير ما تسمعه من الأهالي وتشاهده في الإعلام.
لا تحدث أزمة في العراق إلا ويصاحبها انتشارٌ مكثفٌ لصور صدام حسين بوصفه بطلًا مفقودًا
في برنامج "شباب توك"، يلتقي الإعلامي جعفر عبد الكريم بإحدى النساء التي شاركت في الاحتجاج أمام السفارة العراقية في المانيا تضمانًا مع تظاهرات البصرة التي انطلقت مؤخرًا، كانت المرأة المسنة تطالب برجوع الدكتاتورية "نريد واحد مثل صدام لان صدام هو الي جان حاكمنا... نشعر بالندم لغياب هذا الأمان". إنه لأمر عسير أن يخيّر الإنسان بين السيئ والاسوأ كما يخير بين حاويتين من النفايات، متأثرًا بلغة الإعلام التي تؤطر عقل الإنسان، وبالتالي ينسى خياره كموجود له دور في هذا العالم!
اقرأ/ي أيضًا: صدام حسين.. حيٌّ في فيسبوك
إن حالة العيش مع الماضي واستدعاء شخصيات وأنظمة لم تعد موجودة وغلق الباب أمام المستقبل، له عدة أسباب نفسية وسياسية واجتماعية، وتحتاج إلى التحليل العميق والرؤية الشاملة، لذلك فإنني أكتفي بالتعريج على أهم الأسباب التي تؤدي إلى ذلك، وهي محاولة أشبه بملامسة الحقيقة بأطراف الأصابع كما يقول كافكا.
يظن الناس أن حقبة الدكتاتورية انتهت بإعدام صدام، وان كان أُعْدِمَ على يدٍ هي أشدُ بطشًا ومكرًا منه، فالطغاة يفتك بعضهم ببعض كما يخبرنا التاريخ. الذي أُعْدِمَ هو شجرةٌ خبيثةٌ أثمرتْ دكتاتوريةً لا تزال جذورها راسخةً، فمن منا اليوم يستطيع أن ينتقد رجلَ دينٍ أو قائدَ ميليشيا أو أيَّ سياسيٍّ أو مسؤولٍ في الدولة، إذا لم يقتل أو يخطف ويغيب أثرُهُ في صباح اليوم التالي؟ الشواهد على ذلك كثيرة وأكبر من أن نحصيها في مقال. يقول الشاعر فاضل الغزاوي: "ما أن تصل الضحية نفسها إلى السلطة حتى تتحول إلى جلاد أكثر قسوة. أنظر إلى الطريقة التي عامل بها ضحايا الدكتاتورية خصومهم بعد الاحتلال. لقد زجوا بعشرات الألوف من الناس في السجون بسبب وشاية من مخبر سري ما. وهو ما لا يمكن أن يوجد إلا في ظل أسوأ الدكتاتوريات في تاريخ العالم، حيث يتعرض الضحايا لكل انتهاك يخطر على البال".
إن مَنْ كان معارضًا لصدام في السابق أصبح اليوم وحشًا كاسرًا يُكْمِلُ ما انتهى إليه مُضْطَهِدوه لكِنْ بوجهٍ آخر، بما يُوحي أن قادة المعارضة في السابق لم يكن همهم قضية وطن وشعب منتهك يحترِقُ في أتون الظلم، أو نظام فاسد بعثي دكتاتوري يجب أن يزول، بل لأجل مصالح ومآرب أهمها أن يَحْضَوا بكرسيِّ السلطة، وربما كان الدليل الأوضح على ذلك هو موقف هؤلاء القادة من بشار الأسد، ربيب البعث وسيده في سوريا. إذًا فالمشكلة عندهم لم تكن إلاّ مكاسبَ شخصيةً تتحقق بزوال شخص صدام لا نظامه البعثي الفاسد، وقد حاربوا صدامًا بيدٍ ووضعوا يدَهم الأخرى بيدِ البعث السوري الذي فاقه بالإجرام درجات، فأرسلوا له المرتزقة ليخوضوا هناك حروبًا بالوكالة تحت ستار الدين والشعارات المذهبية المزيفة!
من كان معارضًا لصدام حسين في السابق أصبح اليوم وحشًا كاسرًا يُكْمِلُ ما انتهى إليه مُضْطَهِدوه
لا أُريد هنا أن أُبيِّضَ وجه الحكومة كما يفعل المتملقون، فهم يقارنون نظام صدام بالذين استولوا على مقاليدِ الحُكمِ في يومنا هذا، وذلك للتستر أو لتهوين الجرائم التي تُرْتَكَبُ في الوقت الحاضر، بل أُريد أن أبحث عن الأسباب التي تجعل أغلب الناس تعيش في عقلية الماضي وتستدعي شخصيات لم تعد موجودة، فهناك مصطلح في علم النفس يُسَمى "النوستالجيا"، ويعني الحنين إلى الماضي وعدم القدرة على التأقلم مع الواقع الجديد، وإنَّ مَنْ يعيش بهذه العقلية يُمَنّي نفسه بالعيش في ماضٍ ينوب عنه في أداء مهامه المطلوبة منه، فهو يُغفل دوره في الوجود، ولا يرى نفسه إلاّ كومةَ لحمٍ تأكل وتتنفس وتنام ويُسلّي نفسه بالهروب من الواقع، وبدلًا مِنْ أن يكون مطالِبًا مُحْتَجًّا وله دور في حركة الحياة والصراع بين الخير والشر، نجده لا يُبالي ويترك الأمور للقدر، أو ينتظر شخصية أسطورية تحقق له أمانيه بلمحِ البصر. هذا النوع من العقليات لا يزال يقبع في داخلها صدام، فيتحرك كلما تعرضت إلى أزمة لتستدعيه عند كل موقف كنوع من الاحتجاج، ليحجر على تفكيره بين ماضٍ سيئ وحاضرٍ أسوأ، ويترك ذاته معلقة على حبال الزمن تحركها الرياح بالاتجاه الذي ترغب هي به.
اقرأ/ي أيضًا: ميلاد الرئيس.. كرنفال فقراء صدام
في هذا السياق، لم تكن المناهج الدراسية والأفكار الدينية بمنأى عن إنتاج مثل هذه السلوكيات من خلال تنميط شخصية الإنسان وتلقينه وإلغاء التفكير الإبداعي ما يؤدي إلى إعداد جيلٍ مُمْتَثِلٍ سهل الانقياد متناسيًا دوره في الحياة، ومن هنا تتحقق للمستبد الأرضية الخصبة من خلال محو ذات الإنسان الذي يمارس دور الضحية، ويمني نفسه بالماضي ويحن إلى شخصيّاته المُخْتَبِئَةِ في طَيّاتِ عقلهِ الباطن.
يقول الكاتب السوري ممدوح عدوان في كتابه "حيونة الإنسان": "إن الذي حوّل الوحوش الضارية إلى مخلوقات مسلّية في السيرك، وجعل الفيلة تقف على رؤوسها، والأسود تقفز كالبهلوانات، قد اكتشف أنه يستطيع أن يجري التحويل ذاته على الإنسان، وأن يحوله إلى مخلوق مسلوب الإرادة. ولكنه بالطريقة ذاتها وبالأساليب نفسها سيصنع الجلادين والقتلة واللصوص والانتهازيين والمرتشين والمفسدين والقوادين".
لم تكن شخصية صدام حسين بالشخصية الهينة لتزول من وجدان العراقيين بهذه السهولة، فهو لا يزال يعيش إلى اليوم في مخيلة العراقيين الذين ما انفكوا يمجدونه ويرددون شعاراته وأقواله. إنه قائد سياسي تدور حوله الأساطير، حكم البلاد لمدةٍ قاربت خمسًا وثلاثين سنة، وأظنُّ أنَّهُ لو بقي إلى الآن لكتب سورة في القران وسماها باسمه، فقد كان بعض العراقيين يظنونه إلهًا أو شبه إلهٍ بيده مقادير الخير والشر، فيوقِّعون له بالدم ويفدونه بالغالي والنفيس. من مِنّا ينسى ذلك الرجل الذي أقدم على تسليم ابنه طواعية إلى حبل المشنقة بعد أن هرب من الجيش، ليحظى بابتسامة صدام ورضاه وكرمه، وغيرها من المواقف الكثيرة في ذات السياق.
من الخيانة العظمى أنْ تَتِمَّ محاكمة رئيس مثل صدام حسين بهذه السرعة، وحول قضية واحدة هي قضية الدجيل
من الخيانة العظمى أنْ تَتِمَّ محاكمة رئيس مثل صدام بهذه السرعة، وحول قضية واحدة هي قضية الدجيل، التي هي من أصغر جرائمه كما يرى البعض، وذلك للتستر على بعض الشخصيات الدينية والسياسية التي لها ثقلها اليوم والتي قد تُذْكَرُ أسماؤهم إذا ما كانت المحاكمة تفصيلية وتتناول جرائم أخرى، فالمفترض أن لا يُعْدَمَ قبل أن يقول كل ما يعرف وكل من له علاقة به حتى لا يضيع حق أحد، ويأخذ كل شيء مكانه وحجمه الطبيعي، بالإضافة إلى حصر جرائمه فقط بحق الحركات الإسلامية الشيعية، مما أعطى صورة للمراقب بان صدام كان يتعامل بهذه الوحشية فقط مع معارضيه، الذين قاسى منهم المواطن العراقي اليوم أشد ما قاساه، فإذا كانت الدكتاتورية تعني عدم الاعتراف بأية شريعة أو قانون، فقد أعلنوها صراحة وعلى الفضائيات أنهم لا يتقيدون بدستور أو قانون وإن ادعوا ذلك ظاهريًا، وبعبارة النائب السابق عزت الشابندر حينما سُئِلَ عن دور الدستور في الحكومة العراقية أجاب بعبارته السمجة "طز بالدستور...".
اقرأ/ي أيضًا: صورة الدكتاتور
إنهم يسيرون اليوم على نفس المنهج من خلال تأسيس الميليشيات التي صارت سلطة فعلية توازي سلطة الدولة، تقتل وتخطف وتسجن وتقمع كل من يعارضها بقول أو فعل، فتحولت قضية صدام من مجرم بحق شعبه إلى مجرم بحق طائفة معينة رفعت شعاراتها الضيقة ساعة الإعدام، مما أدى إلى تسويق الحدث في الإعلام العربي على أنه انتقام فئوي طائفي وليس قانونيًا. تناولُ ذلك الإعلام شخصية صدام على انه بطل قومي، كان حارسًا للبوابة الشرقية وأُعْدِمَ ظلمًا، وذلك من خلال بث الوثائقيات وتأليف الكتب والروايات التي صيَّرته شخصيةً مُلْهِمَةً لكل عربي، وله الحق بكل ما فعل بمعارضيه الذين يحكمون اليوم!
بالإضافة إلى إعلام الأحزاب الإسلامية، والذي مثل الإعلام المعارض، وقد كان أغلب ما يٌتَداولُ في قنواتهم الرسمية هو بطش صدام بالمعارضة "الإسلامية" متناسين الشخصيات والحركات الأخرى التي طالها الظلم ذاته! فيظهرون مثلًا بتر الأعضاء ورمي الأشخاص من البنايات العالية والمقابر الجماعية وتذويب الجثث بالتيزاب، والمواطن العراقي بعد أنْ انتهكت حقوقه وكرامته وأُبْتُزَّ لأجل أن يعيش فقط، فإنه صار ينظر إلى هذه المشاهد ولسان حاله يقول: "والنعم منك يا صدام، أنت صاحب نظرة ثاقبة، اضربهم.. افتك بهم، لماذا لم تَقْضِ عليهم جميعهم فها هم البقية اليوم يحكمونا وقد حرمونا حتى من الماء الصالح للشرب ".
انتشرت عبارة صار يتداولها ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي تحرّف قولًا منسوبًا إلى هتلر بحق اليهود: "كان باستطاعتي القضاء على كل الأحزاب الإسلامية، لكني تركت بعضهم لتعرفوا السبب الذي دعاني للقضاء عليهم!". هذا بالإضافة إلى فشل الإعلام العراقي من إنتاج فيلم وثائقي يحظى بالقبول العام، يبين دكتاتورية صدام بشكل عام، ويضع إصبعه على القضايا الغامضة التي لا زالت إلى اليوم محط جدل.
إن وجود صدام في العقلية العراقية أو العربية بشكل عام إلى الآن، هو جزءٌ من البُنية العقلية التي تشكلت في مَتاهاتِ التاريخ وهي تشتاق دومًا لأصلها المُمْتَدِّ في جذورِ الماضي، رغم أنَّها تمارس سلطتها في الوقت الحاضر ولا تستطيع أن تغير من واقعها شيئًا ما. يقول الدكتور شريعتي في كتابه "الصحراء": "نحن الشرقيين كُلنا عبيد الماضي". وفي كتابه "تكوين العقل العربي" يرى محمد عابد الجابري "إن العقل العربي يعيش زمانًا واحدًا"، أي إن العقل الذي تَكَوَّنَ في الماضي صار يتحكم بالحاضر، فأنه (أي العقل العربي) حين يفكر فإنه "يفكر استنادًا إلى المفاهيم والرؤى والتصورات والمعتقدات وطرائق الاستدلال والنصوص التي تشكلت في الماضي". وفي تفريقه بين العقل العربي والغربي يرى الجابري "إن العقل الغربي على علاقة مباشرة مع الطبيعة من جهة، والإيمان بقدرة العقل على تفسيرها والكشف عن أسرارها من جهة أخرى (...) فيما العقل العربي تحكمه النظرة المعيارية إلى الأشياء، يبحث للأشياء عن مكانها وموقعها من منظومة القيَّم التي يتخذها ذلك التفكير مرجعاً ومرتكَزاً له".
إن الطغاة لا يخرجون من باطن الأرض ولا ينزلون من السماء، بل هم نتاج عقليةٍ مُعَدَّةٍ مُسبقًا
من هنا يَخْلَّدُ الطغاة ويصبحون أبطالًا أسطوريين من خلال النصوص الدينية التي أُنْبِتَتْ ونُمِّيَتْ في أروقة الحكام ووعاظهم، بالإضافة إلى القيم والمعتقدات التي تمجدهم لمجرد ترديدهم الشهادة، وتأسيسهم للحملات الإيمانية، ورفعهم لراية الإسلام، وإن قتلوا تحت ظِلالها الآلاف من الابرياء! فما إن تأتزِرَ شخصيةٌ المستبد نصوصَ التاريخ حتى تتحول إلى شخصية مقدسة، تخشى أن تُظْلَمَ نملةٌ في ظِلِّ سلطتها ويصير القاتل والمقتول صنوين.
اقرأ/ي أيضًا: سخرية على لحن عراقي حزين
بالإضافة إلى التعصب القبلي الذي يمجد القوي الظالم ويمقت الضعيف مهما كان عادلًا، ويعتبره مدعاة للسخرية والاستهزاء! كما لا يمكن التغافل عن حالة اجترار الماضي لأجل مكاسب شخصية، فمثلًا يروج بعض بقايا البعث أنَّ صدام لم يَزَلْ حيٌّ يُرْزَق، وأن مَنْ أُعْدِمَ كان شخصية شبيهه، وأنه سيرجع في يوماً ما ليملئ الأرض قسطاً وعدلًا، مستغلين الوضع السيئ وما تشهده الساحة العراقية من انحدارٍ دائمٍ نحو الأسوأ، بالإضافة إلى رجال الدين الذين غالبًا ما يروجون للانتخابات بعبارة "اشترك بالانتخابات وإلا سترجع سلطة البعث من جديد"، مما يؤدي إلى خلق نوع من الأمل لعودة البعث، لينتقم من هؤلاء الذين يحكمون الآن، أي بمعنى أنهم وبدعايتهم تلك سينقلب السحر عليهم بعد أن تقيأهم المواطن العراقي كما يتقيأ الطعام القذر، فأصبح صدام الشماعة التي يُعَلِّقُ عليها كل أسباب فشلهم وإخفاقهم، فحظي بالعمر الأسطوري بعد أن بَيَّضوا وجهه كما اعترفوا هم بذلك، وصارت الناس تأمل عودته وتعشق شخصيته نكاية بهم.
لذلك لا نتفاجأ إن طَفَتْ شخصية صدام على السطح، بين فترة وأخرى، ولا نتفاجأ من السوريين الذين يمجدون بشار السفاح الذي قتل نصف مليون مواطن أو أكثر بأبشع الطرق، ويعتبرونه ربًّا من الأرباب، ولا نتفاجأ من بعض العقليات المصرية التي لا تزال إلى الآن تفتخر بجمال عبد الناصر.. والقذافي.. وغيرهم.
إن الطغاة لا يخرجون من باطن الأرض ولا ينزلون من السماء، بل هم نِتاجُ عقليةٍ مُعَدَّةٍ مُسبقًا يتحرك صاحبها وفق النصوص التاريخية، فهو يأكل بنِصّ ويتزوج ويحب بنص، وهو يحتاج دائمًا إلى من يوجهه يمينًا وشمالًا حتى أثناء سيره في الشارع أشبه ببيدق الشطرنج، مما يحقق أرضية خصبة سرعان ما تينُعُ فيها رؤوس الطغاة، لذا فأن الدكتاتور سيموت عندما تموت العقلية التي صنعته، وتحيا عقلية جديدة ترفض تقديس الحاكم ولا تخلط بين مفهوم الحاكم والوطن والدولة فإن مَقولةَ "الدولةُ أنا وأنا الدولة" قد زالت بعد العصور المظلمة، التي لا زلنا نعيش مظاهرها بعالمنا العربي في علاقتنا مع الحاكم، والتي هي أشبه بعلاقة المالك والعبد، لا علاقة المخدوم والخادم الذي وصل إلى السلطة بواسطة الشعب، وما هو إلا مُنَفِّذ لإرادته الجماعية، لذلك فإن اغلب الثورات التي تطيح بالمستبد وتعاني جفافًا فكريًا، ولا تحدث تَغْييرًا في عقلية الجماهير من خلال كسر التابوهات الاجتماعية، يكون مصيرها الفشل دون شك فما بالك بقادة التغيير الذين جاؤوا على ظهر دبابات الاحتلال، وما إن دخلوا إلى أرض الوطن حتى تهارشوا على المناصب والمكاسب تهارش الكلاب على الجيف.
اقرأ/ي أيضًا: