مدّد مجلس الأمن الدولي، مساء الإثنين، قرار إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمالي غربي سوريا عبر معبر باب الهوى على الحدود التركية لمدة ستة أشهر إضافيةً. وجاء هذا القرار بعد حالة من القلق والترقب مع احتمال أن تلجأ روسيا إلى استعمال حق النقض لمنع تمديد القرار الأممي حول المساعدات التي يستفيد منها أكثر من أربعة ملايين سوري في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد.
مدّد مجلس الأمن الدولي، مساء الاثنين، قرار إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمالي غربي سوريا عبر معبر باب الهوى على الحدود التركية لمدة ستة أشهر إضافية
والقرار الذي مرره مجلس الأمن الدولي أمس الإثنين هو مشروع إحاطة حول الملف الإنساني في سوريا، صاغته أيرلندا والنرويج قبل انتهاء فترة عضويتهما في المجلس يوم 31 كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
ووفقًا لوكالة رويترز فإن القرار الأممي يدعو إلى "تكثيف المبادرات الرامية لتوسيع الأنشطة الإنسانية في سوريا، بما في ذلك تكثيف المشاريع المتعلقة بمياه الشرب، والرعاية الطبية، والتعليم وإمدادات الطاقة". وينص الاتفاق على نفس عناصر القرار “2642”، بالإضافة إلى تأكيد تمديد آلية المساعدة عبر الحدود.
ويحث القرار، حسب رويترز، أعضاء مجلس الأمن على عقد حوارات تفاعلية غير رسمية كل 60 يومًا لاستعراض ومتابعة آلية تنفيذه، إلى جانب بذل جهود أكبر لدعم مشاريع "الإنعاش المبكر" وتحسين إيصال المساعدات عبر الخطوط (عبر الأراضي الخاضعة لنفوذ النظام).
كما يكلف القرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بجرد عن وضع المساعدات الإنسانية التي يتم إيصالها إلى سوريا في تقاريره، وعن عدد المستفيدين منها وكيفية توزيعها وأماكن التسليم.
وجاء التمديد بعد إدانات حقوقية واسعة لإمكانية تعطيل روسيا للقرار، وهو ما كانت تسعى تجاهه، لكن جهودها فشلت بشكلٍ جزئي بعد الحديث عن محاولة إيجاد آلية جديدة لإيصال المساعدات تتجاوز مجلس الأمن، وتفقد روسيا قدرتها على التأثير فيها، بشكلٍ مباشر، مما دفعها إلى الموافقة على التمديد، الذي لم يتجاوز الاتفاق السابق معها، بعد تمديد الآلية لمدة 6 أشهر، بدلًا من عام كما جرت العادة منذ 2014.
في أولى التعليقات القادمة من الجانب الروسي بعد عدم لجوء موسكو لحق النقض وصف المندوب الروسي في مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا تمديد قرار تقديم المساعدات عبر تركيا بأنه "قرار صعب"، مؤكدًا أن موقف بلاده لم يتغير، في إشارة إلى معارضة المسؤولين الروس لتمديد إدخال المساعدات الإنسانية وفق الصيغة الحالية.
وشدّد مندوب روسيا في مجلس الأمن، على أنه لن يكون هناك نقاش لتمديد آلية المساعدة لستة أشهر في تموز /يوليو المقبل، "في حال استمر المجتمع الدولي باستخدام المساعدات عبر الحدود للضغط السياسي على النظام السوري"، منتقدًا في هذا الصدد ما سمّاه "التركيز على دعم آلية المساعدة عبر الحدود مقابل إهمالها عبر الخطوط (عبر الأراضي الخاضعة لنفوذ النظام)"، على اعتبار أن تقديم المساعدات، وفق الطريقة المعتمدة حاليًا، يمثل "انتهاكا للسيادة السورية"، بحسب وصفه.
وكانت روسيا، حسب مصادر سورية مطّلعة، تشترط 3 شروط للموافقة على تجديد تفويض القرار 2642. يتعلق الشرط الأول باشتراك روسيا في الرقابة على المساعدات التي تدخل من تركيا عبر معبر باب الهوى، وتطالب روسيا في شرطها الثاني بتمويل دولي لإصلاح شبكة الكهرباء في مناطق سيطرة النظام السوري، وتخصيص المزيد من المشاريع لعمليات إعادة التعافي المبكر، في حين يشترط الثالث زيادة كمية المساعدات الداخلة عبر خطوط التماس بإشراف النظام.
وهو الأمر الذي رأت فيه المعارضة السورية، "توظيفًا روسيًا للملف الإنساني لتعويم النظام السوري، واستخدام أموال الدول المانحة في إعادة إعمار مؤسساته".
في مقابل الموقف الروسي، شدّدت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على الحاجة إلى تمديد تقديم المساعدات لمدة عام عندما ينظر مجلس الأمن في الأمر مرةً أخرى في تموز/ يوليو المقبل.
واعتبرت السفير الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد أن قرار مجلس الأمن بتمديد إدخال المساعدات "يمثل الحد الأدنى وأن التمديد لمدة 12 شهرًا كان ضروريًا للسماح لمجموعات الإغاثة بالشراء والتوظيف والتخطيط بصورة فعالة".
اعتبرت السفير الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد أن قرار مجلس الأمن بتمديد إدخال المساعدات يمثل الحد الأدنى
يشار إلى أن عدد السكان الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية في شمال غربي سوريا بلغ خلال عام 2022 نحو أربعة ملايين و600 ألف شخص، بينهم ثلاثة ملايين و300 ألف يعانون انعدام الأمن الغذائي، ومليونان و900 ألف نازح داخليًا، بحسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA). والمساعدات تصل بشكلٍ مباشر إلى حوالي 2.7 مليون سوري، يُقدر أن 80% من هؤلاء الأشخاص هم من النساء والأطفال الذين يواجهون أعباء ومخاطر إضافية.