الترا صوت - فريق التحرير
ظلّ رئيس أركان الجيش الجزائريّ ونائب وزير الدفاع أحمد قايد صالح، يعطي انطباعًا للحراك الشّعبيّ السّلميّ، الذي انطلق يوم 22 شباط/فبراير الفائت بأنّه سيحسم الأمر لصالح مطالبه في الوقت المناسب، مباشرةً بعد الجمعة الثّانية، حين قال إنّ الجيش والشّعب يشتركان في النّظرة نفسها للمستقبل. وفعل ذلك بعد الجمعة الخامسة، حيث اقترح على المجلس الدّستوريّ تفعيل المادّة 102 من الدّستور، التّي تقضي بإعلان شغور منصب الرّئيس، وتولّي رئيس مجلس الأمّة رئاسة الدّولة للإشراف على انتخابات لا يترشّح لها في أجل أقصاه تسعون يومًا.
بدخول الجيش على الخطّ، انتقل الصّراع من ثنائيّة "شعب/ محيط رئاسي"، إلى ثنائيّة "جيش/ محيط رئاسيّ". وهو مقام يُثير قلق الكثيرين في الجزائر، لأنّه قد يؤدّي إلى تطاحن داخلي
رفض الجزائريّون الخطوة، بحجّة أنّ تفعيل المادّة 102 وحدها لا يكفي، إذ طالبوا في الجمعة السّادسة بأن تُضاف لها المادّتان السّابعة القاضية بأنّ الشّعب هو مصدر السّلطات والثّامنة القاضية بأنّ السّلطة التّأسيسيّة في يد الشّعب وحده. في إشارة منهم إلى أنّ تفعيل المادة 102 لا يكون إلا بعد تعيين رئيس جديد مرضيّ عنه شعبيًّا لمجلس الأمّة، عوضًا عن رئيسه الحالي عبد القادر بن صالح، الذي يُعدّ من وجوه النّظام المغضوب عليه. وركزوا في شعاراتهم على ثقتهم في المؤسّسة العسكريّة ودعمهم لها.
اقرأ/ي أيضًا: ثلاث خواطر من داخل الحراك السّلميّ في الجزائر
خرج أحمد قايد صالح، السّبت، في بيان مكتوب هذه المرّة، قائلًا إنّ المؤسّسة العسكريّة تُوافق الشّعب الجزائريّ على إضافة المادّتين 7 و8 من الدّستور، حتّى يكون تفعيل المادّة 102 منه ذا جدوى، في ظلّ مستجدّات وصفها بالخطيرة.
اللّعب على المكشوف
في البيان نفسه، ورد أنّ اجتماعًا مشبوهًا "لوجوه معروفة سيتمّ ذكرها في الوقت المناسب"، هدف إلى زرع الفوضى في البلاد، بالتّنسيق مع عناصر من المخابرات الفرنسيّة. وكانت قناة "الشّروق" المقرّبة من قيادة أركان الجيش أوّل من تناول البيان. وزادت على ذلك أن ذكرت الوجوه المقصودة، وهي شقيق الرّئيس ومستشاره الخاصّ السّعيد بوتفليقة، ومدير المخابرات السّابق محمّد مدين المعروف بـ"توفيق"، وبشير طرطاق مدير المخابرات، الذّي تمّ عزله قبل أيام.
وذكر المصدر نفسه أنّ الرئيس الأسبق اليمين زروال حضر الاجتماع أيضًا، بغرض أن يُشرف سياسيًّا على المرحلة الانتقاليّة القادمة، على أن يتولّى الجنرال "توفيق" الإشراف الأمنيّ عليها، "لكنه انسحب بعد أن أدرك النوايا غير البريئة للجماعة".
وكتب الأكاديميّ نذير طيّار في تدوينة له في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنّ أخبار قناة "الشّروق" ترمي إلى أحد ثلاثة أهداف هي "التّمهيد لاعتقال الثّلاثة المذكورة أسماؤهم في الخبر، بتهمة الخيانة والتّخلّص من زمرة الرّئيس دفعةً واحدةً، أو دفع الشّعب نحو الالتفاف حول الجيش في حلّه الدّستوريّ ضدّ متآمري الدّاخل والخارج عليهما معًا، أو تهيئة اليامين زروال لقيادة المرحلة الانتقاليّة بوصفه البطل، الذّي أنقذ الوطن من المؤامرة".
ليلة بيضاء للجزائريّين
ما أن وصل بيان المؤسّسة العسكريّة إلى الجزائريّين حتّى خرج الآلاف منهم إلى ساحة البريد المركزيّ في الجزائر العاصمة مردّدين شعار "الجيش والشّعب خاوة" في مبادرة لمساندة الجيش في مسعاه لمواجهة الجماعة الرّئاسية، في ظلّ انتشار خبر غير مؤكّد يقول إنّ قوات خاصّة تتوجّه إلى اعتقال وجوهها. فيما اشتعل موقع التّواصل الاجتماعيّ بمنشورات أعلن فيها البعض مساندتهم لرئيس أركان الجيش، وأعلن البعض رفضهم لتدخّله أصلًا، حتّى لا يكون ذلك، حسبهم، تمهيدًا لصناعة سيسي آخر في الجزائر.
كتب النّاشط مسعود قايدي أنّ تجاهل بيان قيادة الجيش من قبل الشّعب "خيانة للتّضحيات التّي بذلها رجالاته. يجب النّزول إلى السّاحات والشّوارع لتأكيد تأييدنا للجيش والضّغط أكثر لطرد الزّمرة الحاكمة". وكتب النّاشط علي تامارت أنّ ما جاء في قناة "الشّروق" خطير جدًّا. وطالب الرّئيس زروال بأن "يكسر جدار الصّمت بالتّاكيد أو التّكذيب. احترمنا صمتك سابقًا بحكم واجب التّحفظ، لكنّ صمتك اليوم خيانة". يضيف: "إذا كان ما جاء في قناة "الشّروق" حقيقة، فهذا يوجب تفعيل المادّة 177 من الدّستور لأنّه ببساطة تدخّل لمخابرات أجنبيّة في الشّأن الجزائريّ، برعاية أيادٍ داخليّة عميلة للخارج".
اقرأ/ي أيضًا: الطلبة يلتحقون بالحراك الشعبي ضد العهدة الخامسة لبوتفليقة
من جهته، كتب الإعلاميّ نجيب بلحيمر: "الآن نستطيع أن نقول إنّ ما شهدناه من تمجيد للفرد في عهد بوتفليقة لم يتوقّف، في حدود السّياسة، بل أصابت عدواه مؤسّسة الجيش أيضًا. وهذا مؤشّر في غاية السّوء". ويُخاطب قايد صالح بالقول: "أن تتولّى قناة الشروق حصرًا الدّفاع عنك بالإفك، فهذا له معنى واحد هو أنّ وضعك صعب جدًّا".
خرج أحمد قايد صالح، السّبت، في بيان مكتوب هذه المرّة، قائلًا إنّ المؤسّسة العسكريّة تُوافق الشّعب الجزائريّ على إضافة المادّتين 7 و8 من الدّستور، حتّى يكون تفعيل المادّة 102 منه ذا جدوى
وبدخول الجيش على الخطّ، انتقل الصّراع من ثنائيّة "شعب/محيط رئاسي"، إلى ثنائيّة "جيش/محيط رئاسيّ". وهو مقام يُثير قلق الكثيرين في الجزائر، لأنّه قد يؤدّي إلى تطاحن داخلي، بحكم أنّ الطّرفين كليهما يملكان النّفوذ، بما جعل أصواتًا كثيرة تدعو إلى مسيرة حاشدة بعد غد الثّلاثاء أسموها "مسيرة التّفويض للجيش"، حتّى يتّخذ الإجراءات اللّازمة للإطاحة بالجماعة، التّي لا تزال تحوز ختم الرّئاسة.
اقرأ/ي أيضًا: