الترا صوت – فريق التحرير
قبل بسط السيطرة العسكرية الكاملة، هيمنت جماعة الحوثيين، على الوسائل الإعلامية المختلفة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وبنت إمبراطورية إعلامية تابعة لها، ترهب من خلالها الأطراف المعارضة لها من جهة، وتنشر مشروعها الطائفي من جهة أخرى. وهو ما ساندها في القضاء على الرئيس السابق علي عبدالله صالح، والصمود في وجه قوات هادي والتحالف السعودي الإماراتي حتى الآن.
يتعرض الصحفيون اليمنيون لشتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي في سجون الحوثيين، ما يجبرهم على الإدلاء باعترافات قسرية
إلى جانب "تحويث" وسائل الإعلام المحلية، أغلقت جماعة الحوثيين العديد من الصحف والمجلات، بالإضافة إلى حظر المواقع الإلكترونية المعارضة لسياساتها، واعتقال الكتاب والصحفيين والناشطين الرافضين لمشروعها.
اقرأ/ي أيضًا: بين سجون الحوثيين والتحالف.. يمنيون تحت مقصلة الصراع
في9 تموز/يوليو 2015، اعتقلت جماعة الحوثيين تسعة صحفيين يمنيين دفعة واحدة، من أحد الفنادق بالعاصمة صنعاء، شمال البلاد وأودعتهم في سجونها، ثم اختطفت صحفيًا آخر من أحد شوارع العاصمة، بدون أي تهمة جنائية تبرر اعتقالهم.
وعلى مدار السنوات الأربع الماضية، ظلت جماعة الحوثيين، تنقل هؤلاء الصحفين من عدة سجون تابعة لها في صنعاء وتقوم بتعذيبهم بمختلف الوسائل، لإجبارهم على الاعتراف بالتهم الموجهة إليهم، وهم عبدالخالق أحمد عمران، وأكرم صالح الوليدي، والحارث صالح حميد، وتوفيق محمد المنصوري، وهشام أحمد طرموم، وهشام عبدالملك اليوسفي، وهيثم عبد الرحمن راوح، وعصام أمين بالغيث، وحسن عبدالله عناب، وأيضًا الصحفي صلاح القاعدي الذي اختطفته جماعة الحوثيين من الشارع العام في 29 آب/أغسطس الماضي.
وأحالت جماعة الحوثيين الصحفيين العشرة للمحاكمة بتهمٍ كيدية، بعد أن استجوبتهم محاكمها، عدة مرات، وزعمت النيابة العامة التابعة للحوثيين، أن الصحفيين المحالين للتحقيق، أنشأوا عدة مواقع وصفحات عبر مواقع الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي لدعم العدوان، في إشارة إلى التحالف الذي تقوده المملكة السعودية، مستندة زورًا في ذلك لنصوص المواد 126 فقرة 2 و136 من قانون الجرائم والعقوبات.
ويتعرض الصحفيون لشتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي منذ أربعة أعوام، ما أجبرهم على الإدلاء باعترافات قسرية تم تصويرها، كما تم تجويع العديد منهم وشهدت حالتهم الصحية تدهورًا كبيرًا.
كما منعت جماعة الحوثيين أقاربهم من زيارتهم، وقامت بعزلهم في زنازين انفرادية، لساعات طويلة، في حين تعرض الصحفي صلاح القاعدي للضرب بالسلاسل والصعق بالكهرباء. وبسبب المعاملة السيئة في السجون، والتعذيب المستمر، أعلن الصحفيون العشرة إضرابًا مفتوحًا عن الطعام احتجاجًا على استمرار اختطافهم، وللمطالبة بالإفراج عنهم.
خطر الإعدام
في 19 شباط/فبراير الماضي، علم الصحفيون العشرة أنهم متهمون "بالتعاون مع العدو" عند مثولهم أمام محكمة جنائية خاصة، علمًا أن هذه التهمة يعاقب عليها بالإعدام في النظام القضائي المعمول به لدى الحوثيين. ويخشى أهالي الصحفيين، المعتقلين من خطوة إحالتهم تعسفًا إلى المحكمة الجزائية، في ظل توجه الجماعة إلى إصدار أحكامٍ قاسية، وعجزٍ دولي في إيقاف هذه المحاكمات.
ويتخوف الأهالي أن يواجه أبناؤهم الحكم بالإعدام، مثل المواطنة أسماء العميسي، التي حكمت عليها جماعة الحوثيين بالإعدام بتهمة التخابر مع التحالف العربي.
وطالبت العديد من المنظمات الدولية والمحلية، بإطلاق سراح الصحفيين العشرة، منها منظمة العفو الدولية ولجنة حماية الصحفيين، وهيومن رايتس ووتش، ومراسلون بلا حدود، ومنظمة سام للحقوق والحريات، ومنظمات أخرى.
في حين رجحت منظمة العفو الدولية، أن يكون الحوثيون قد اختطفوا هؤلاء الصحفيين العشرة بذريعة سخيفة: الخوف من أنهم قد يُقدمون على تسريب معلومات يمكن أن يستخدمها التحالف السعودي في قصفه الجوي.
من جهتها، دعت منظمة سام المجتمع الدولي إلى وقف الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون والعمل على إطلاق سراحهم على الفور. واعتبرت أن إحالة جماعة الحوثي الصحفيين المعتقلين إلى محكمة متخصصة في قضايا الإرهاب، إجراءٌ خطيرًا وتعسفيًا يتطلب تحركًا عاجلًا من المجتمع الدولي. مشيرة في بيانٍ لها، إلى أن الإجراءات الحوثية الأخيرة بحق الصحفيين، تؤكد استمرار الجماعة في استخدام السلطة القضائية لتصفية حسابات سياسية، واستغلالها للانتقام من معارضيها، بتقديمهم لمحاكمة تفتقر لأدنى المعايير القانونية والحقوقية والإنسانية.
اقرأ/ي أيضًا: هل ينجح المراقبون الأمميون في السيطرة على الوضع في الحديدة؟
كما دعت مراسلون بلا حدود إلى إسقاط التهم الموجهة إلى الصحفيين، والإفراج عنهم فورًا ودون قيدٍ أو شرط. وأكد وكيل أول نقابة للصحفيين اليمنيين، سعيد ثابت، أن كل ما يصدر عن جماعة الحوثيين، من إجراءات ومحاكمات ضد الزملاء باطلة وغير شرعية، داعيًا في منشور على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، الاتحاد الدولي للصحفيين للتضامن مع الصحفيين، وممارسة الضغوط على الأمم المتحدة والمبعوث الأممي للإفراج الفوري وغير المشروط عنهم".
أغلقت جماعة الحوثيين العديد من الصحف والمجلات، بالإضافة إلى حظر المواقع الإلكترونية المعارضة لسياساتها، وقامت باعتقال الكتاب والصحفيين والناشطين الرافضين لمشروعها
يوجد اليوم ما لا يقل عن 17 صحفيًا قيد الاحتجاز في اليمن، 16 منهم محتجزون في سجون الحوثيين، وآخر لدى القاعدة. ويحتل اليمن حاليًا المركز 167 (من أصل 180 دولة) على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود في عام 2018.
اقرأ/ي أيضًا:
مارتن غريفيث في صنعاء مجددًا.. قفزة في هواء اتفاق ستوكهولم