انتشرت في الآونة الأخيرة تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي بإمكانها إنتاج أصوات مقلدة تبدو وكأنها مسجلة من قبل أشخاص حقيقيين، الأمر الذي سبب الكثير من المخاوف والمشاكل حول إمكانية تقليد أصوات السياسيين والمشاهير ونشر مقاطع صوتية ونسبها لهم، مما يوقعهم في مشاكل عديدة، خاصة وأن التقنيات الحديثة المنتشرة والمعروفة بتقنية التزييف العميق قادرة على تقليد الأصوات بصورة واقعية لا يمكن اكتشاف تزييفها بسهولة، وفي هذا المقال سنتطرق لكيفية إنتاج الذكاء الاصطناعي صوتًا مقلدًا، وأبرز الطرق التي يمكن استخدامها لاكتشاف الأصوات المقلدة بالذكاء الاصطناعي.
كيفية اكتشاف الأصوات المقلدة بواسطة الذكاء الاصطناعي
لا بد من معرفة كيفية اكتشاف الأصوات المزيفة بالذكاء الاصطناعي من الأصوات الحقيقية، إذ يعتمد المبرمجون وأصحاب الاختصاص في ذلك على مجموعة من الخطوات، وفيما يأتي توضيح لكل منها:
- جمع البيانات الصوتية وترتيبها
تعد البيانات العنصر الأهم للكشف عن التزييف العميق للأصوات في خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وبالتالي يجب جمع بيانات متنوعة تشمل التسجيلات الصوتية الحقيقية والمزيفة والتي تضم مجموعة واسعة من الأصوات واللغات، والتي يمكن استخدامها كأساس للخطوة التالية.
- اختيار نموذج التعلم الآلي المناسب
يعد التعلم الآلي أحد فروع الذكاء الاصطناعي التي تنشئ أنظمة التعلم الخاصة به بناء على بيانات معينة، لذا يجب اختيار النموذج المناسب للتعرف على الملفات الصوتية المزيفة، ويمكن الاستعانة بالنماذج المدربة مسبقًا أو المتخصصة في تصنيف الأصوات كوسيلة للتعرف على الأصوات المزيفة بصورة أسرع.
- تحديد ميزات الصوت
يمكن استخدام بعض الأنظمة الحاسوبية للتمييز بين الصوت الحقيقي والصوت المزيف عبر تحليل الترددات والميزات الخاصة بكل صوت، وتحديد جوانب الشذوذ الدالة على وجود تزييف فيها.
- التعليم والتقييم
يمكن تدريب نموذج التعلم الآلي على التمييز بين نوعي البيانات المستخدمة في الأصوات لمعرفة البيانات الحقيقية من المزيفة، ويكون ذلك عبر زيادة كمية البيانات المزودة لهذا النظام، وبعد ذلك يتم تقييمه لمعرفة مدى فاعليته.
- تحسين نموذج التعلم الآلي ومعالجة نقاط ضعفه
بعد تقييم النموذج يمكن اكتشاف نقاط ضعف فيه تحد من قدرته على تمييز الأصوات الحقيقية من المزيفة، وبالتالي يجب إجراء عمليات ضبط دقيقة لتحسين قدرته على التمييز وتقليص عدد النتائج الخاطئة التي يعطيها.
- المراقبة المستمرة للنموذج وتطويره
لا بد من المراقبة المستمرة لنموذج التعلم الآلي المستخدم للتأكد من إعطائه نتائج صحيحة، وتطويره باستمرار للتكيف مع أساليب التزييف العميق الجديدة.
كيف يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي تقليد الأصوات؟
بعد معرفة كيفية اكتشاف الأصوات المقلدة بواسطة الذكاء الاصطناعي لا بد من تتبع الأمر من بدايته ومعرفة كيفية توليد الذكاء الاصطناعي صوتًا مقلدًا ويتحقق ذلك عبر نظام يساعده على تحليل تسجيلات الكلام والنصوص للأشخاص وتحديد العلاقة فيما بينها، وذلك عبر تعلم نطق الأحرف والكلمات بأي صوت من خلال الاستماع لعدة ساعات للصوت المراد تقليده، وبالتالي يتمكن بعدها من إنشاء جمل جديدة بهذا الصوت وإضافة نغمات مختلفة عليه.
ويعمل هذا النظام باستخدام الشبكات العصبية الاصطناعية التي تستخدم خوارزميات مصممة خصيصًا لمساعدتها على العمل كالدماغ البشري وذلك بالاعتماد على تقنيات التعلم العميق، إذ تأخذ تلك الشبكة البيانات وتتعلم أنماط الحديث عبر تعزيز الاتصال بين وحداتها الشبيهة بالخلايا العصبية البشرية.
وتجدر الإشارة إلى أن بعد تعلم تلك التطبيقات لتعديل الأصوات وإنتاجها، يمكنها التكيف مع أي صوت آخر بحيث تصبح قادرة على تقليده، وبعد تعلمها تقليد عدة أصوات تصبح قادرة على تعلم صوت جديد بسرعة أكبر دون الحاجة إلى الكثير من البيانات، وهذا ما جعل اكتشاف الأصوات المقلدة بالذكاء الاصطناعي تحديًا كبيرًا في الوقت الحاضر.
كاشف الأصوات المقلدة بالذكاء الاصطناعي
يعد برنامج (AI Voice Detector) أحد البرامج الفعالة المستخدمة لاكتشاف توليد الذكاء الاصطناعي صوتًا مقلدًا، وذلك عبر تحليل الملفات الصوتية، وفيما يأتي بعض التفاصيل المتعلقة بهذا البرنامج:
آلية العمل
يستخدم برنامج (AI Voice Detector) خوارزميات التعلم الآلي المتقدمة لتحليل الخصائص المميزة للصوت البشري عن الأصوات المقلدة بالذكاء الاصطناعي، وبالتالي التمييز بين الأصوات الحقيقية والمزيفة بدقة عالية.
الميزات والفوائد
يتميز هذا البرنامج بما يأتي:
- اكتشاف الأصوات المزيفة بدقة عالية.
- تجنب عمليات الاحتيال التي تستخدم الأصوات المزيفة بالذكاء الاصطناعي.
- سهولة الاستخدام.
- الموثوقية العالية.
طريقة الاستخدام
يمكن استخدام برنامج (AI Voice Detector) عبر اتباع الخطوات التالية:
- تحميل الملف الصوتي الموجود.
- النقر على خيار (الكشف عن الصوت).
- عرض النتائج، وستظهر احتمالية أن يكون الصوت حقيقيًا أو مولدًا باستخدام الذكاء الاصطناعي.
مجالات الاستخدام
يمكن استخدام برنامج (AI Voice Detector) في العديد من المجالات للكشف عن الأصوات المقلدة بالذكاء الاصطناعي:
- الإجراءات القانونية: إذ يمكن للمحامين والقضاة استخدام هذا البرنامج للتأكد من صحة الشهادات والأدلة الصوتية التي لديهم.
- وسائل الإعلام: وذلك للتحقق من أن الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات في البرامج هم أشخاص حقيقيون.
- خدمة العملاء: وذلك للتأكد من هويات العملاء الذين يتصلون بخطوط الدعم في الشركات.
- الشركات: وذلك لتجنب اختراق البريد الإلكتروني الخاص بأعمال الشركة، وتجنب حالات الاحتيال الأخرى باستخدام الصوت.
- خدمة الأفراد: وذلك لتجنب التعرض للاحتيال من خلال الأصوات المقلدة بالذكاء الاصطناعي عبر الإنترنت أو الهاتف.
بالرغم من أن توليد الذكاء الاصطناعي صوتًا مقلدًا يعد تقنية مثيرة للإعجاب، إلا أن لها العديد من المخاطر المتعلقة بانتهاك الخصوصية وعمليات الاحتيال
مخاطر استخدام الأصوات المقلدة بواسطة الذكاء الاصطناعي
بالرغم من أن توليد الذكاء الاصطناعي صوتًا مقلدًا يعد تقنية مثيرة للإعجاب، إلا أن لها العديد من المخاطر المتعلقة بانتهاك الخصوصية وعمليات الاحتيال، وهو ما يشكل خطرًا على أمن المجتمعات والأفراد، وفيما يأتي أبرز مخاطر الأصوات المقلدة بواسطة الذكاء الاصطناعي:
- إمكانية استخدام التسجيلات الصوتية المزيفة لأغراض غير مشروعة؛ كانتحال الشخصية، والاحتيال، والابتزاز، ونشر الإشاعات والمعلومات الكاذبة.
- انتهاك حقوق الأشخاص نظرًا لنشر مقاطع صوتية مزيفة لهم دون موافقتهم.
- تشكيل تهديد خطير للقطاع المالي عبر استخدام تلك التقنية لإجراء المعاملات المصرفية التي تعتمد على الأصوات ككلمة مرور، وبالتالي الوصول السهل إلى الحسابات وإجراء عمليات الاحتيال والسرقة، مما يعني تآكل ثقة العملاء بالمؤسسات المالية.
- إمكانية استخدام أصوات وكلاء خدمة العملاء للاحتيال على عملاء يعض الشركات وتصيدهم.
- نشر المعلومات المضللة والأخبار المزيفة في القطاع الإعلامي والصحافة، والتي قد تؤثر سلبًا على الرأي العام، الأمر الذي يهدد مصداقية الصحفيين ووسائل الإعلام.
- إمكانية تغيير الشهادات والأدلة الصوتية القانونية، الأمر الذي يعيق إنفاذ القانون والأمن في المجتمعات، كما أنه يعيق التحقيقات ويعرض نزاهة المحاكم والقضاة للخطر.
- إمكانية انتحال صفة المسؤولين الحكوميين عبر أصواتهم، الأمر الذي يؤدي إلى انعدام الثقة وتهديد الأمن العام.
- إمكانية انتحال شخصيات المشاهير والشخصيات العامة والقادة السياسيين لإصدار تصريحات أو خطابات أو معلومات كاذبة، الأمر الذي يضر بسمعة تلك الشخصيات ومصداقيتهم، ويؤدي إلى نشر معلومات مضللة.
ختامًا، بالرغم من إنتاج تقنيات الذكاء الاصطناعي صوتًا مقلدًا يعد دليلًا على التطور التكنولوجي الهائل الذي وصل إليه العالم في الوقت الحاضر، إلا أن الاستخدام المسيء للذكاء الاصطناعي وتطبيقاته لعب دورًا أساسيًا في انتشار سلوكيات الانتحال والتزوير، الأمر الذي شكل ضررًا كبيرًا على الأفراد والشركات والمجتمعات ككل، فكان لا بد من تطوير تقنيات لاكتشاف الأصوات المقلدة بواسطة الذكاء الاصطناعي للتخلص من تلك المشكلة، إلا أن نسبة نجاح تلك التقنيات لا زالت قيد الدراسة ولم تحقق النتائج المرجوة على أكمل وجه.