15-يونيو-2021

مشهد من أحد شوارع كينشاسا (Getty)

حين رأت معلمة الرقص أمينة لوسامبو الصمت الكبير للشابات المصابات بصدمات نفسية جراء الحرب التي عايشنها، قررت أن تفعل شيئًا لمساعدتهن على تخطي هذه الأزمات والتكيف معها وتجاوزها. لذلك، أقامت لوسامبو جلسات رقص مخصصة للناجيات من الاغتصاب الجنسي في إحدى مراكز إعادة التأهيل يتبع لمستشفى بانزي في مقاطعة بوكافو شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. ويذكر أن الأراضي الحدودية الشرقية للكونغو تشهد أعمال عنف منذ إعلان نهاية الحرب الأهلية رسميًا في عام 2003 حيث كانت الجماعات المسلحة تتقاتل من أجل الأراضي والموارد والحماية الذاتية.

يعتبر العنف الجنسي من الأسلحة الفتاكة التي استخدمت في الصراع الذي شهدته جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأشارت الأمم المتحدة إلى أنه منذ اندلاع الصراع الأهلي في عام 1996، تم تسجيل العديد من حالات العنف الجنسي، فيما بقي عدد لا يحصى من الحالات دون توثيق

وقد تأسس مستشفى بانزي ومركز إعادة التأهيل على يد دينيس موكويجي، طبيب أمراض نساء كونغولي فاز بجائزة نوبل للسلام عام 2018 لجهوده في مكافحة استخدام العنف الجنسي كسلاح في الحرب والنزاع المسلح. ومنذ 20 عامًا، منذ بدأ العمل في المستشفى المذكور، تم علاج أكثر من 60 ألف ناج وناجية من العنف الجنسي. وقال موكويجي لرويترز "لم نعد نقوم فقط بالعلاج الطبي" وأشار إلى أن المركز يقدم أيضًا الرعاية النفسية ويساعد المرأة على الاندماج في المجتمع ويدعمها اقتصاديًا ويساعدها في السعي لتحقيق العدالة.

اقرأ/ي أيضًا: منظمة غرينبيس تتحرك قانونيًا ضد الحكومة البريطانية بخصوص مشاريع التعدين البحري

بينما قالت لوسامبو كما أورد موقع شبكة euronews "بدأت في فعل ذلك بسبب الفتيات اللواتي جئن إلينا في حالة صمت. لقد تعرضن للاغتصاب في سن مبكرة ولم يعرفن كيف يعبرن عن أنفسهن وقد أصابهن الإحباط وانسحبن من الحياة إلى العزلة"، وأضافت "أما الأن، تصطف نفس النساء وهن يلبسن ثيابًا بألوان زاهية، حيث يتعلمن إعادة الاتصال بأجسادهن"، وتابعت بالقول "ممارسة الرقص في شهر واحد تفعل فعلها أكثر مما يفعله العلاج النفسي في ثلاثة شهر".

وأفادت إحدى النساء المشاركات في صف الرقص، وتبلغ من العمر 20 عامًا بأن الرقص قد حررها من الألم والخوف الذي كانت تحمله داخلها، مما سمح لها بالنوم بهدوء والابتسام مرة أخرى. وقالت المرأة، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، إنها تعرضت للاغتصاب قبل ثلاث سنوات، وتركها رجال مجهولون يرتدون زي القتال العسكري في قريتها في مقاطعة كيفو الجنوبية، حيث كان العنف الجنسي سمة من سمات الاضطرابات العنيفة لأكثر من 20 عامًا. وأشارت إلى أنها لم تكن تعرف ما إذا كانوا من ميليشيا أو جنود في الجيش النظامي. 

أما أسرة المرأة فلم تشتك للسلطات خوفًا من العواقب، وقامت الأسرة بنقل ابنتها إلى مستشفى بانزي في بوكافو. وقالت ناجية أخرى "لا أعرف كيف أشرح ذلك لنفسي، لكنني شعرت بالقذارة وأنا أنظر إلى نفسي"، وأضافت "العلاج بالرقص ساعدني على التخلص من كل الأشياء السيئة التي كانت بداخلي. لقد ذهب الحزن والخوف كله" بحسب تقرير منشور عبر msn news.

فيما يقول الخبراء كما تشير رويترز إلى أن الكونغو أحرزت بعض التقدم في مكافحة العنف الجنسي، وتمت مقاضاة العديد من قادة الميليشيات والجيش رفيعي المستوى بتهمة الاغتصاب في السنوات الأخيرة، لكن المشكلة لا تزال منتشرة. وورد على لسان متحدث باسم جيش الكونغو القول "إن بعض العناصر غير المنضبطة من الجيش قد ارتكبت عمليات اغتصاب في الماضي  لكن القضاء العسكري يعمل على تقديم الجناة إلى العدالة"، وأشار إلى أن معدل جرائم العنف الجنسي انخفض بشكل ملحوظ.

ووفقًا للأمم المتحدة، فإن أسباب انتشار الاغتصاب في شرق الكونغو معقدة، لكن تآكل وضع المرأة وتشرذم الهياكل القيادية داخل الميليشيات وقوات أمن الدولة النظامية أدى إلى استخدامه كتكتيك عسكري. وأشارت إلى أنه منذ اندلاع الصراع في عام 1996، تم تسجيل العديد من حالات العنف الجنسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيما بقي عدد لا يحصى من الحالات دون توثيق. بينما يستمر حجم الانتهاكات وعواقبها الجسدية والعاطفية والاقتصادية في الانتشار وتعزيز عدم الاستقرار للنساء. وينبع العنف الجنسي بحسب الأمم المتحدة من هشاشة الدولة في الكونغو، وبسبب طول فترات النزاع، التي أدت مع الوقت تدريجيًا إلى غياب آليات حماية المجتمع وخاصة النساء والفتيات. كما أدى تفكك القوى العسكرية الميليشياوية والنظامية على السواء إلى استخدام العنف الجنسي كأسلوب عسكري.

وفي نيسان/أبريل 2008 وبدعم من مبادرة الأمم المتحدة، تم تعيين مستشار أول ومنسق معني بالعنف الجنسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية وتم تطوير استراتيجية شاملة لمكافحة العنف الجنسي في البلد المنكوب. هذه الاستراتيجية هي إطار عمل ومنصة عمل مشتركة لجميع أولئك الذين يكافحون العنف الجنسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

دعوات لمقاطعة برنامج "الدحيح" بتهمة التطبيع.. ما علاقة الإمارات؟

وسم "السبع العجاف".. ناشطون مصريون يكشفون بالأرقام تدهور الأوضاع في عهد السيسي