30-نوفمبر-2021

(Getty Images)

ألترا صوت-فريق التحرير

وجه القضاء الفرنسي تهمًا لشركة "نيكسا تكنولوجيز" الفرنسية بالتواطؤ في أعمال تعذيب واختفاء قسري بعد بيعها معدات مراقبة للنظام المصري مكنته من تعقب معارضين مصريين.

وفتح التحقيق في هذه القضية سنة 2017 بعد شكوى قدمتها الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان بدعم من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان. واستندت المنظمات في دعوتها إلى مقال نشرته صحيفة "تيلي راما" الفرنسية كشف عن بيع الشركة نظام تنصت بقيمة 11 مليون يورو إلى النظام المصري في إطار حربه ضد معارضيه.

يتيح هذا البرنامج الذي يطلق عليه اسم  "سيريبرو" (Cerebro)  إمكانية تعقب الاتصالات الإلكترونية لهدف ما في الوقت الفعلي من رقم هاتف أو عنوان بريد إلكتروني

وبحسب الصحيفة يتيح هذا البرنامج الذي يطلق عليه اسم  "سيريبرو" (Cerebro)  إمكانية تعقب الاتصالات الإلكترونية لهدف ما في الوقت الفعلي من رقم هاتف أو عنوان بريد إلكتروني. ويقول مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أن هذا البرنامج  خدم موجة القمع ضد معارضي نظام عبد الفتاح السيسي والتي أسفرت عن اعتقال أكثر من 40 ألف معارض سياسي في مصر.

وأصدرت قاضية التحقيق المكلفة بالقضية في 12 تشرين الأول/أكتوبر الماضي قرار الاتهام بعد أربعة سنوات من التحقيقات التي أجراها المكتب المركزي لمكافحة الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وجرائم الحرب بالمحكمة القضائية في باريس، وكانت تهدف إلى تحديد ما إذا كان يمكن إثبات صلة بين استخدام أنظمة المراقبة والقمع الذي يستهدف المعارضين.

وقبل أيام نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية مقال للصحفي بيار ألنصو يتحدث عن بيع الشركة الفرنسية عبر فرع لها في دولة الإمارات نظام مراقبة اتصالات حديث للقوات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر. وتحدث المقال عن أن رجال الدرك في المكتب المركزي لمكافحة الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وجرائم الحرب بفرنسا اكتشفوا أثناء تحقيق جنائي مع شركة "نيكسا تكنولوجي" بشأن التحقيقات فيما يخص تزويد النظام المصري ببرامج مراقبة وتعقب أن هذه الشركة كانت تستعد لتزويد جهة غير حكومية في شرق ليبيا وغير معترف بها من قبل المجتمع الدولي بأحدث معدات المراقبة، وكان عليها تجاوز العائق الوحيد من أجل إتمام هذه الصفقة وهو الحظر الذي فرضه مجلس الأمن الدولي على بيع مثل تلك المعدات إلى ليبيا منذ العام 2011.

وبحسب المقال سمح نظام المراقبة المسمى "ألفا ماكس" (alpha max) والذي حصل عليه فريق خليفة حفتر بالاستماع إلى جميع المكالمات الهاتفية في أية منطقة. ويطلق الخبراء المختصون على هذا النظام اسم تكنولوجيا الاعتراض التكتيكي، وهو مجال تخصص شركة "نيكسا تكنولوجي".

تشير "ليبراسيون" إلى أن الشركة الفرنسية التي يقع مقرها في الدائرة السادسة عشرة الفخمة في باريس وتم  تأسيسها عام 2012 من قبل مديرين تنفيذيين سابقين في شركة "أميسيس" وهى الشركة التي زودت نظام معمر القذافي بنظام تجسس إلكتروني تحت مسمى "إيغل" (Eagle)، قادر على اعتراض حركة الإنترنت في كافة أرجاء ليبيا، وأبرمت الصفقة في العام 2007 كجزء من التقارب الفرنسي الليبي الذي قاده الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وأصبحت هذه الصفقة فضيحة وموضوع إجراءات قانونية في فرنسا بتهمة التواطؤ في أعمال التعذيب في ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي في 2011.

وبعد هذه الفضيحة أسس ستيفان ساليس وأوليفييه بوهبوت اللذان كانا من قبل مسؤولين تنفيذيين في شركة "أميسيس" شركتين جديدتين هما "نيكسا تكنولوجي" و"أنظمة الشرق الأوسط المتقدمة" الأولى مقرها في فرنسا والثانية مقرها في الإمارات، وتابعا عبر الشركتين الجديدتين عملهم مع الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة لتزويدها بأنظمة مراقبة بالرغم من استمرار التحقيق القضائي في صفقة تزويد نظام القذافي بنظام مراقبة الإنترنت، وقد باعت الشركة في العام 2014 منظومة "سيريبرو" (Cerebro) التي تسمح بمراقبة المشتبه فيهم بشكل آني للسلطات المصرية، وهو تحديث لنظام "إيغل" (Eagle) الذي تم بيعه لنظام معمر القذافي، وقد أبرمت الصفقة بين "نيكسا تكنولوجي" والمخابرات العسكرية المصرية مقابل 11 مليون يورو قبل أن يفتح القضاء الفرنسي تحقيقًا في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 بعد شكاوى تقدمت بها منظمات حقوقية بخصوص أنشطة الشركة في مصر.

وفي يونيو/حزيران سنة 2021 تم توجيه الاتهام لكل من ستيفان ساليس وأوليفييه بوهبوت ومديرين تنفيذيين آخرين في شركة "نيكسا تكنولوجي" بالتواطؤ في أعمال تعذيب واختفاء قسري بعد أن تم في نيسان/أبريل 2021 تشكيل خلية من 12 وكيلًا من وكلاء مكتب مكافحة الجرائم للعمل على الصفقتين الليبية في عهد القذافي والمصرية. وقد شهد التحقيق تطورات سريعة في الأشهر المتتالية وتوصل وكلاء المكتب المركزي لمكافحة الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وجرائم الحرب إلى عقود جديدة بفضل استئناف التحقيقات وبعد بتفتيش مقر الشركة الباريسي عثروا على وثائق تتعلق بعقد بين شركة "أنظمة الشرق الأوسط" ووزارة الاتصالات والمعلومات الليبية في بنغازي التي تخضع لسلطة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ويكشف المقال  أن تنصت المحققين على الخط الهاتفي للرئيس التنفيذي لشركة "نيكسا تكنولوجي" ستيفان ساليس أظهر بحثه عن أفضل حل لتسليم المعدات لفريق خليفة حفتر على الرغم من الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على تصدير مثل هكذا معدات إلى ليبيا واكتشفوا أن طريقة إيصال تلك المعدات يتم عبر دول متعددة.

واعترف ستيفان ساليس أثناء التحقيق معه بعلاقة العمل مع حفتر، وقال إن المعدات لم تصل إلى وجهتها في ذلك الوقت وإنها كانت عالقة في المنطقة الحرة بدبي، كما أكد مسؤول تنفيذي آخر في "نيكسا تكنولوجي" عدم التسليم مع تأكده من دفع الفاتورة.

وتنقل الصحيفة بعد اطلاعها على تقرير موجز أعده المحققون بأن "هذه الوقائع قد تشكل جريمة تآمر إجرامي لارتكاب التعذيب والأعمال البربرية"، وأوصوا بحظر التسليم على الفور والتحقق مما إذا كانت الأذونات صدرت بعد أن كان تشديد الرقابة على بيع هذه المعدات قد تم بعد صفقة "أمسيس". لكن المثير للدهشة بحسب "ليبراسيون" أن مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب المسؤول عن قضايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية قرر عدم فتح تحقيق في هذه الوقائع الجديدة أو تمديد التحقيقات بعد اكتشاف العقد الجديد الذي وقعته شركة "نيكسا تكنولوجي" مع حفتر واكتفى بطلب مواصلة التحقيقات ضمن الإطار الإجرائي القائم والمقاضاة على الجرائم الجمركية التي تعتبر أقل خطورة بكثير من التواطؤ في جرائم التعذيب.

ويبدو أن القضية تثير حساسية باريس بسبب علاقتها بالرجل الذي يسيطر على شرق ليبيا والمستهدف بأكثر من شكوى بعد اتهامات لميليشياته بالتورط في ارتكاب جرائم حرب، وقد أرسلت باريس قوات خاصة وسرية من مديرية الأمن العام لدعمه بذريعة محاربة تنظيم الدولة، ويطرح المقال في الختام تساؤل: هل كان توفير تقنية المراقبة من قبل شركة فرنسية جزءًا من هذه الشراكة السرية؟

يبدو أن القضية تثير حساسية باريس بسبب علاقتها بالرجل الذي يسيطر على شرق ليبيا والمستهدف بأكثر من شكوى بعد اتهامات لميليشياته بالتورط في ارتكاب جرائم حرب

وقبل أيام كشف تحقيق استقصائي أجراه موقع "ديسكلوز" الاستقصائي الفرنسي من أنّ مصر أساءت استخدام معلومات استخباراتية قدمتها لها أجهزة الاستخبارات الفرنسية في إطار مهمة سرية استهدفت مدنيين في منطقة الصحراء الغربية بمصر.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تقرير: مصر استغلت التعاون الاستخباري مع فرنسا في عمليات قتلت مئات المدنيين

إريك زمور.. ماذا تعرف عن منافس ماكرون الذي يطمح أن يكون "ترامب" فرنسا؟