22-مايو-2024
مستوطنون وجنود الجيش الإسرائيلي يمنعون دخول المساعدات إلى غزة

(Getty) المستوطنون الذين يعترضون الإمدادات إلى غزة يتلقون معلومات من أفراد الشرطة والجيش الإسرائيليين

يتواطئ عناصر من جيش الاحتلال ومجموعات من المستوطنين على منع وصول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة عبر المعابر الإسرائيلية، بحسب ما ورد في صحيفة "الغارديان".

ورغم ظهور عشرات المقاطع المصورة، التي تكشف عن عدم تحرك جيش الاحتلال أو الشرطة الإسرائيلية، خلال الهجوم على شاحنات المساعدات وإتلاف ونهب محتوياتها، إلّا أن التقرير الحالي يكشف عن تبادل للمعلومات بين مجموعة "الأمر 9" وقوات أمن الاحتلال.

وقال متحدث باسم مجموعة "الأمر 9/ تساف9" الإسرائيلية، إن المستوطنين الذين يعترضون الإمدادات الإنسانية الحيوية إلى القطاع يتلقون معلومات حول موقع شاحنات المساعدات من أفراد الشرطة والجيش الإسرائيليين.

عناصر في شرطة وجيش الاحتلال، يكشفون عن موعد وأماكن وصول شاحنات المساعدات إلى غزة، بهدف اعتراضها

ويكشف التواطؤ من قبل العناصر الأمنية الإسرائيلية من خلال رسائل من مجموعات الدردشة الداخلية التي استعرضتها صحيفة "الغارديان" بالإضافة إلى روايات عدد من الشهود ونشطاء حقوق الإنسان.

وقالت المتحدثة باسم جماعة "تساف 9" الإسرائيلية راشيل تويتو، المجموعة كانت تعترض طريق الشاحنات أثناء مرورها عبر إسرائيل منذ كانون الثاني/يناير. وتزعم أن "المساعدات تصل إلى حركة حماس"، رغم عدم وجود أي تقارير أممية أو أميركية رسمية، تقر بهذا الطرح.

وأظهرت مقاطع فيديو الأسبوع الماضي قيام المستوطنين الإسرائيليين بمنع وتخريب قوافل المساعدات على حاجز ترقوميا غرب الخليل في الضفة الغربية المحتلة. وأثار الحادث، الذي ألقى فيه مجموعة المستوطنين صناديق الإمدادات على الأرض، موجة من الغضب، حيث أدان البيت الأبيض الهجوم ووصفه بأنه "سلوك غير مقبول على الإطلاق".

وصف سائقو الشاحنات الفلسطينيون الذين يقومون بتوصيل المساعدات إلى غزة لصحيفة "الغارديان" مشاهد "همجية بعد أن تعرضت مركباتهم للهجوم"، مؤكدين أن الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يرافقون القافلة لم يفعلوا شيئًا للتدخل.

وقال يزيد الزعبي (26 عامًا)، وهو سائق شاحنة فلسطيني تعرض لهجوم من قبل المتظاهرين الأسبوع الماضي عند حاجز ترقوميا: "هناك تعاون كامل بين المستوطنين والجيش. نحن مصدومون ومتفاجئون بأن الجيش لم يقدم لنا أي نوع من الحماية. رغم أنهم كانوا حاضرين ويشاهدون ما يحدث. وكان الجيش في خدمة المستوطنين".

ورفض جنديان من قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية أمرًا بإجلاء المتظاهرين الذين اعترضوا شاحنات المساعدات في الأسبوع الماضي، وفقًا للجيش الإسرائيلي.

غالبًا ما يقوم نفس المستوطنين ونشطاء اليمين المتطرف بإخطار أعضائهم مسبقًا بالمواعيد والأماكن التي تتجه فيها شاحنات المساعدات نحو غزة، مشيرين إلى أنهم يتلقون هذه المعلومات من الشرطة والجيش الإسرائيليين.

وفي إحدى هذه الرسائل التي اطلعت عليها صحيفة "الغارديان"، نبه نشطاء اليمين المتطرف الأعضاء إلى أنهم "سيتلقون معلومات أولية حول التخطيط لنقل الشاحنات، من جنود وشرطة المعابر الحدودية".

وفي رسالة أخرى في مجموعة واتساب للمستوطنين، كتب أحد الأعضاء يوم الأحد: "تلقيت معلومات من ضابط في الجيش الإسرائيلي أنهم يحضرون الشاحنات من أمام عوفرا [مستوطنة] إلى بيتين [قرية فلسطينية]".

وتقول واحدة من الرسائل: "عند تلقي مكالمة طوارئ بشأن قافلة من الشاحنات، تفتح المجموعة للمناقشة، وعندما يحدث ذلك، يرجى إرسال الرسائل المتعلقة بالحصار فقط، مثل المواقع والصور والمعلومات والتوصيل".

وقالت محامية حقوق الإنسان الإسرائيلية التي زارت الأسبوع الماضي حاجز ترقوميا لتوثيق تصرفات المستوطنين ولمنع نهب المساعدات سابير سلوزكر عمران، إنها تعرضت للضرب والصفع على يد أحد المستوطنين وأن قوات الأمن الإسرائيلية لم تفعل شيئا لوقف النهب والاعتداء.

وقالت سابير: "كان لدى المستوطنين بنادق وسكاكين. طلبت من جنود الجيش الإسرائيلي إيقافهم لأن ما يفعلونه غير قانوني، لكنهم طلبوا مني المغادرة. في مرحلة ما، بينما كنت أحاول منع تعرض شاحنة مساعدات للتخريب، صفعني أحد المستوطنين بشدة وذهب بعيدًا. قمت بتصويره والتقاط صور له. ذهبت إلى الشرطة وسألتهم أنني بحاجة إلى مساعدتهم لأنني أردت توجيه اتهامات ضد الرجل. مرة أخرى طلبوا مني المغادرة. وأطلقت القوات الإسرائيلية سراح الرجل الذي هاجمني ليقوم بتخريب الشاحنات".

يوم الأحد، اقترح وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، على الحكومة نفسها أن توقف شاحنات المساعدات إلى غزة بدلًا من تركها لمجموعات من الناشطين. موضحًا: "نحن في بلد ديمقراطي وأنا أؤيد حرية الاحتجاج. مسموح لهم بالتظاهر، لكن أنا ضد مهاجمة الشاحنات وإحراقها... مجلس الوزراء هو الذي يجب أن يوقف الشاحنات".

وفي 10 شباط/فبراير، ألغى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، زيارة مقررة إلى معبر كرم أبو سالم مع قطاع غزة، لأن إسرائيل "لم تستطع أن تتعهد بعدم عرقلة مرور المساعدات عبر المعبر من قبل المتظاهرين اليمينيين أثناء وجوده هناك".

وقبل الزيارة، أعلنت القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي معبر كرم أبو سالم منطقة عسكرية مغلقة ونشرت قوة صغيرة من الشرطة العسكرية هناك. لكن الشرطة العسكرية أثبتت عجزها عن منع المتظاهرين من الدخول. ثم تحول الجيش الإسرائيلي بعد ذلك إلى الشرطة النظامية، التي تتمتع بصلاحيات أوسع. ولكن بعد أيام قليلة، تم تقليص تواجد الشرطة في الموقع، وحتى عندما ظهرت الشرطة، سمحت للمتظاهرين بالمرور. 

وقالت صحيفة "هآرتس": "الجيش مقتنع بأن هذا التغيير في السياسة تم بأمر من أعلى، وعلى الأرجح من قبل وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يشارك أنصاره في المظاهرات. وخلال الأيام الماضية، كان التواجد الشرطي على المعبر ضئيلًا".

وفي وقت سابق من شهر كانون الثاني/يناير الماضي، قال مسؤول سياسي إسرائيلي، لموقع "يديعوت أحرونوت"، إن شرطة الاحتلال لا تتدخل من أجل فتح الطريق، وذلك بناءً على قرار من الوزير المتطرف إيتمار بن غفير.