17-مارس-2021

تظاهرة في بيروت (Getty)

تشير كل المعطيات التي ظهرت في لبنان خلال الأيام الأخيرة، إلى أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تضرب البلاد منذ أشهر طويلة، في طريقها إلى اتخاذ منعرج جديد أشد خطورة، وسيدفع ثمنه اللبنانيون الذين باتوا غير قادرين على تأمين قوت يومهم، في وقت يواصل سعر صرف الدولار الأمريكي ارتفاعه الجنوني والمحموم في مقابل الليرة اللبنانية.

 يمكن ملاحظة الأعداد الكبيرة للمحال التجارية المقفلة نتيجة الاتجاه التصاعدي للأسعار، في ظاهرة لم تشهدها الأسواق اللبنانية حتى خلال الحروب المتعددة

وقد توجّهت الأنظار في الأيام الأخيرة إلى ما يجري داخل التعاونيات والاستهلاكيات الكبيرة والمتوسطة، حيث ظهر أكثر من مقطع فيديو لمواطنين يتدافعون ويتشابكون بالأيدي، بهدف الوصول إلى البضائع المدعومة كالسكر والزيت، والتي لا تعرض التعاونيات إلا كميات قليلة منها. وبالحديث عن البضائع المدعومة، كانت الفضائح تتلاحق وتطال كبار التجار وأصحاب المخازن والاستهلاكيات الكبرى، إذ تبيّن أنهم يغيّرون أغلفة البضائع المدعومة والتي تحتوي على ختم وزارة الاقتصاد، ويبيعونها بأسعارها الحقيقية بدون دعم. في هذا الوقت كان اللبنانيون يوجّهون الاتهامات إلى بعضهم بالجشع والطمع، وينتقدون سياسة تخزين المواد الغذائية بكميات كبيرة في المنازل، الأمر الذي يساهم في رفع أسعارها، كما يساهم في انقطاعها من السوق.

اقرأ/ي أيضًا: كيف أثرت جائحة كوفيد-19 سلبًا على حقوق المرأة؟

ومن المشاكل التي أطلّت بدورها أيضًا، كان عزوف الكثير من المتاجر والمحال عن بيع البضائع من خلال إقفال أبوابها، على اعتبار أن تجارتهم باتت خاسرة. وفي حديث لألترا صوت، قال أبو بسّام وهو صاحب ميني ماركت في جنوب لبنان، أنه فضّل إغلاق محله، بانتظار أن يعرف اتجاه الأمور. إذ يقول أبو بسام أنه يشتري علبة الشاي مثلًا بـ12 ألف ليرة ويبيعها بـ13 ألف ليرة. وعندما يذهب لشراء كمية جديدة يكتشف أن سعرها ارتفع إلى 14 ألف، وقس على ذلك في باقي المنتجات. وتوقّع أبو بسام أن يعلن الكثير من التجار الصغار إفلاسهم في المستقبل القريب، لأن الارتفاع المطرد في الأسعار يستهلك رأسمالهم ويضعف الكتلة النقدية المتوفرة بين أيديهم.

كما نشر موقع قوى أمن الدولة اللبنانية على صفحته على تويتر ظهر الثلاثاء 16 آذار/مارس خبر قيام عناصر منه بمداهمة سوبر ماركت في منطقة جبيل بسبب امتناع صاحبه عن بيع البضائع المدعومة، وتخزينها والاحتفاظ بها بهدف الاستفادة لاحقًا منها. فيما قال موقع ليبانون دي بايت إن دورية من مخفر الدرك في النبطية ختمت سوبر ماركت  في بلدة ميفدون بالشمع الأحمر بناء على قرار المدعي العام المالي، بعدما تبيّن أنه تعمد التلاعب بأسعار المواد الغذائية والبضائع.

وفي استكمال لقضية فضيحة أكياس السكر المدعومة الفارغة التي وُجدت في حاوية للنفايات، حيث قام التجار بتفريغها وتعبئتها بأكياس جديدة لبيعها بسعر مرتفع، تابعت وزارة الاقتصاد القضية ولاحقت المذنبين، وقامت بإقفال تعاونيتين في منطقة الصرفند بسبب ضلوعهما في الجريمة. 

هذا في الوقت الذي كان يكافح فيه اللبنانيون لشراء حاجياتهم الأساسية، استمرت فضائح ظهور البضائع اللبنانية المدعومة في دول أخرى، بسبب عملية تهريبها، فالأمر لم يعد اليوم يقتصر على تهريب المازوت والدواء إلى سوريا ودول أخرى، بالرغم من أن عملية الدعم لهذه المنتجات تستنزف خزينة الدولة المتآكلة أصلًا، بل وصل التهريب إلى المواد الغذائية. 

بهذا الصدد  نشر الناشط سلمان العنداري على صفحته على تويتر مقطع فيديو من إحدى المتاجر في دولة السويد، تظهر فيه أكياس أرز مدعومة، مختومة بخاتم وزارة الاقتصاد اللبنانية. 

وتداول الناشطون مساء الثلاثاء 16 آذار/مارس، فيديو يظهر مجموعة من الشبّان الغاضبين على ارتفاع الأسعار، واحتكار التجار للمواد المدعومة، وهم يهاجمون سوبر ماركت الفاكهاني في منطقة قريطم، ويكسرون زجاجه ويحاولون اقتحامه. 

ابتداء من مساء الأحد الماضي، كان يمكن ملاحظة الأعداد الكبيرة للمحال التجارية المقفلة، في ظاهرة لم تشهدها الأسواق اللبنانية حتى خلال الحروب التي مرت على لبنان. التجار خائفون على رأسمالهم ولا يريدون بيع بضاعتهم اليوم. الفقراء يبحثون عن بضائع مدعومة لسد رمقهم، فيما الاحتكار، التهريب، التلاعب بالأسعار، والتزوير هي السمة التي تميّز معظم المتاجر والاستهلاكيات. في هذا الوقت يغط السياسيون، المسؤولون بالدرجة الأولى عن مآل الأمور، في سبات عميق عن مشاكل المواطن، ويستمرون في نهب ما تبقى من مقدّرات الدولة المهترئة. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

أردنيون يطلقون مطالبة بإلغاء قانون الدفاع

تعليقات سورية ودولية في الذكرى العاشرة للثورة